في يومٍ ربيعيٍّ لطيف، كانت قد أشرقت فيه شمس الصباح المملوءة بالتفاؤل، والنسمات تُداعبُ أغصان الشجر بلُطف. خرج ذاك الشاب .. الذي لم يَنَم ليلة البارحة .. مع ساعات الصباح الأولى، آخذاً معه قطعة قماشية مُربَّعة قام بوضعها في سلَّة دراجته الهوائية، ثُمَّ ركب الدراجة وقاد نحو الطريق الذي يصل إلى الشاطئ ...
حَمَلت تلك الفتاة سلَّتها المصنوعة من القِش ووضعت فيها كتابها الذي لم تُكمل قراءته بعد، ثُمَّ أخذت قُبَّعتها الدائرية المصنوعة يدوياً ومن نفس نوع القِش الذي تم منه صُنع السلَّة، وراحت تمشي بخطوات صباحية سريعة في الطريق الذي يصل إلى الحديقة العامَّة ...
جلس الشاب مُمدَّداً فوق رمال الشاطئ، واضعاً القطعة القُماشية تحته، ثُمَّ عَقَدَ أصابعه ووضعها تحت رأسه. وبدأ ينظر إلى السماء الزرقاء مُتتبِّعاً حركة الغيوم، مطروباً بصوت أمواج البحر ...
وصَلَت الفتاة إلى الحديقة ثُمَّ اختارت مقعداً خشبيّاً مناسباً لتجلس عليه، وكان ذاك المقعد تُجاوره الورود الحمراء والصفراء من عدَّة جهات. أخرَجَت كتابها وبأت تقرأ فيه، وألحان العصافير تُملي على آذانها السعادة. ثُمَّ وضَعَت الكتاب جانباً، وقطَفَت وردةً حمراء من إحدى الورود التي ملأت المكان، وأخَذَت تقطفُ أوراق الوردة الواحدة تلو الأُخرى والابتسامة ترتسم على وجهها الجميل ...
ما زال الشاب يتابع حركة الغيوم بشغف وكأنه ينتظر حدوث شيء ما، وقدماه تترنَّحان يُمنةً ويُسرة، وإلى جانبه دراجته الهوائية التي غرَزَت إطاراتها في الرمال الشاطئية ...
وصلت الفتاة على آخر أربع أوراق من الوردة الحمراء، وهُنا ذهبت الابتسامة وتحوَّلت ملامح وجه الفتاة إلى الحزم والخوف في انتظار حدوث أمرٍ مهم. وما أن قَطَفَت الورقة الأخيرة من الوردة، حتى عادت الابتسامة تُزين وجهها وتضيف إليه جمالاً فوق جماله...وصاحت بصوتٍ خافت وهادئ: نعم إنه يحبُّني.
الغيوم بدأت بالتلاشي، وهُنا انحلَّت عُقدة أصابع الشاب، وأجلَسَ نفسه بسرعةٍ كبيرة مُحاولاً تتبُّع أثر آخر مجموعة من الغيوم السماوية. وفي أثناء ذلك، تبدّدت ملامح الفرح من على وجهه ثُمَّ ما لبثت أنْ عادت مرَّةً أُخرى مع آخر غيمة في سماء الشاطئ. ثمَّ جثى الشاب على رُكبَتَيه والابتسامة لا تُفارق وجهه...وصاح بصوت خافت وهادئ: نعم إنها تُحبُّني.
-
غزوان فرحان نواياشاعر || مؤلف || كاتب || قارئ || أخصائي صحة نفسية والعلاج النفسي