ومرة أخرى عن "صناعة الموت الأمريكية" و"تدريب المعارضة المعتدلة" د.موزار رازي – أكاديمي وخبير استراتيجي 29/ نيسان- أبريل /2015 - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ومرة أخرى عن "صناعة الموت الأمريكية" و"تدريب المعارضة المعتدلة" د.موزار رازي – أكاديمي وخبير استراتيجي 29/ نيسان- أبريل /2015

  نشر في 18 ماي 2015 .

في مقال سابق تم نشره على منصة مقال كلاود بتاريخ 17/ آذار - مارس/2015 بعنوان أمريكا وصناعة الموت – ما هو الهدف "المشبوه" من تدريب "المعارضة السورية المعتدلة

تناولنا فيه أحد النماذج السافرة للازدواجية الأمريكية التي تهدف الى "صناعة الموت" من خلال سعيها لإطالة فترة الصراع السوري والاستمرار بالقتل والتدمير والاستنزاف لسوريا وشعبها ونشر الفوضى والارهاب لسنوات طويلة ...

وقد أوردنا حينها تحليلا لجواب عن سؤالين هما : لماذا تُدًرب الولايات المتحدة قوات معارضة "للنظام السوري" وهي لا تعتبر سقوطه أولية بالنسبة لها حسب خطتها ؟؟ وما هو الضامن أن تكون هذه المعارضة معتدلة ؟؟؟..

وقلنا أن سياسة واشنطن الملتوية منذ بداية الأزمة السورية هي التي دفعت الى مزيد من الاستقطاب "الطائفي "والديني والتطرف والارهاب وزعزعة الاستقرار في العديد من الدول ومنها سوريا ، وأدت إلى نشوء وسيطرة تنظيم "داعش" الارهابي على أراضٍ واسعةً في كل من العراق وسوريا ، في الوقت الذى تصر فيه على برنامج التدريب للمعارضة دون التأكد بعد من تسلل عناصر متطرفة اليه

وقد توصلنا لنتيجة أن الأزمة السورية ستطول ، والمفاجآت فيها واردة، وخريطة التحالفات مفتوحة على كل الاحتمالات، وما يهم الولايات المتحدة "ليس ايجاد الحلول السلمية للصراعات " بل إطالة أمد الحرب المدمرة في عموم المنطقة وخاصة في سوريا والعراق، وذلك من خلال تحقيق حالة من التوازن في الصراع العسكري المدمر إلى أن تصبح المنطقة بأكملها ومن ضمنها سوريا، بلداً ممزقاً تماماً ويكون جاهزاً لإحدى حالتين: الحالة الأولى وهي تقسيمه لدويلات جديدة وحدود جديدة ،والحالة الثانية وهي أن يصبح لدى الأمريكيين القدرة على فرض من يرونه مناسبا ليكون رجلهم في المنطقة ليضمنوا أولا ضعف سوريا وبالتالي ضمان قوة إسرائيل كقوة وحيدة في المنطقة.

واليوم واستكمالاً لما أوردناه فقد أتحفنا مؤخراً وزير الدفاع الأميركي "آشتون كارتر" بإعلانه عن بدء برنامج تدريب "مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة" ،موضحاً أن مجموعة ثانية من المقاتلين ستستفيد من التدريب قريبا.وبحسب مسؤولين أمريكيين وأتراك وأردنيين فإن برنامج التدريب المذكور بدأ فعلا في الأردن وتركيا.

وتتركز الخطة الأمريكية على تدريب وتسليح قوة يتوقع أن يتجاوز قوامها في نهاية الأمر 15 ألف مقاتل وتعد هذه الخطة اختباراً رئيسياً لاستراتيجية الرئيس باراك أوباما التي تقوم على إشراك شركاء محليين في مقاتلة المتطرفين.

ومن المقرر أن يشارك ما مجموعه 1000 جندي أميركي للمساعدة على تدريب مقاتلين من "المعارضة السورية المعتدلة”، لإرسالهم لاحقا إلى سوريا لقتال تنظيم "داعش".

وبحسب تقرير سابق لوزارة الدفاع الأمريكية فإن هدف البرنامج هو تدريب ما يصل إلى 5400 مجند سنويا. ويعتبر التقرير إنهم سيحتاجون بمجرد عودتهم إلى سوريا للقتال إلى إعادة تزويدهم باستمرار بالإمدادات الأساسية. وتعتزم الوزارة تزويدهم بالعتاد والذخيرة وتقديم مرتبات نقدية للقيادات.

ووفق مسؤولين عسكريين أمريكيين ، فقد تطوع أكثر من 3750 مقاتلا من "جماعات معتدلة مختلفة في سوريا " للمشاركة في التدريبات على المهارات والمعدات العسكرية الأساسية بما في ذلك الأسلحة النارية والاتصالات والقيادة وقدرات التحكم ، وبحسب المسؤولين الأمريكيين فقد اجتاز 400 منهم الفحص الذي خضعوا له.. وكان مسؤولين كبار من الادارة الأمريكية قد صرحوا "أن حماية القوات ستكون أمرا أساسيا لجذب مجندين جدد وضمان نجاح البرنامج ".

كما ذكروا إن الدفعة الأولى من المدربين الأميركيين وصلوا إلى مواقع التدريب، ومن المرتقب أن يدربوا المقاتلين على استخدام الأسلحة المحمولة والتواصل فيما بينهم وتكتيكات أرض المعركة بالإضافة إلى الجانب الطبي.

وتجدر الاشارة أن واشنطن وأنقرة وقعتا في 19 فبراير/شباط 2014 اتفاقا لتدريب عناصر سورية “معتدلة” في قاعدة تركية وتزويدها بمعدات عسكرية بعد عشرة أشهر من المفاوضات ..تلاها أشهر أخرى للتجهيز لبدء التدريب؟

وسبق أن أعلنت الولايات المتحدة على لسان الجنرال الأميركي جون آلن - منسق التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة- أنها "ستحمي مقاتلي المعارضة السورية الذين ستدربهم وتسلحهم لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، قائلا “لدينا مشروع واضح لتدريبهم وتجهيزهم بأحدث الأسلحة، ولكن أيضا لحمايتهم عندما يحين الوقت”.

وفي تصريحات أدلى بها في وقت سابق أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي ونقل موقع ميليتاري تايمز الأمريكي مقتطفات منها لم يستبعد رئيس أركان الجيوش الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي فكرة إرسال قوات خاصة أمريكية لمؤازرة المسلحين مما يسمى “المعارضة المعتدلة” في سورية على الأرض.

وقال ديمبسي.. “في حال تقدمت القيادة الميدانية للجيش الأمريكي إليه أو إلى وزير الدفاع الأمريكي بإرسال قوات خاصة لمؤازرة “القوات السورية الجديدة” وفي حال وجدنا أن هذا الأمر ضروري لتحقيق أهدافنا عندها سيكون هذا ما سنطلبه من أوباما”.

والسؤال المطرح الآن هو: لماذا تستعجل واشنطن في هذا التوقيت بالذات تدريب المقاتلين السوريين؟

يرى خبراء ومحللون أن الولايات المتحدة تخشى غياب أصدقاء لها إذا وصلت المعارضة المسلحة الى الحكم..!!

وبحسب هؤلاء المحللين فإن الحماسة التي أبدتها إدارة الرئيس باراك أوباما في الآونة الأخيرة لتدريب وتجهيز "المعارضة السورية المعتدلة" خارجة عن المألوف، إذ حسب وزير الخارجية التركية، مولود جاويش أوغلو، ستبدأ الولايات المتحدة العمل بالبرنامج، الذي أعلنته العام الماضي، في التاسع عشر من الشهر الحالي، على أن يتخرج 300 مقاتل كل شهر، ما يعني أنه مع نهاية العام، ستكون قوة معارضة مؤلفة من 2100 جندي جاهزة للانخراط في الحرب السورية. وفي تصريحات أخيرة سيكون العدد 5000 بنهاية عام 2015.

وتأتي الحماسة الأميركية في وقت لم يعلّق فيه وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، أثناء استقباله في واشنطن رئيس الائتلاف السوري المعارض، خالد خوجة الأسبوع الماضي، على مطالب ضيفه بإقامة مناطق آمنة داخل سوريا. واكتفى كيري بتكرار "أغنية الشيطان: حل سياسي عبر اجبار الأسد للجلوس الى طاولة الحوار مع المعارضة".

وفي غياب أي حديث أميركي عن مهمة القوة المزمع تدريبها ، يبدو أن أهداف واشنطن خلف التدريب لا تتعلق بتغيير موازين القوى العسكرية على الأرض السورية، فالحكومة الأميركية تعلم انه حتى القوات الأكثر عديداً وأحسن تدريباً وتسليحاً، مثل البشمركة الكردية والجيش العراقي، تعاني في مواجهاتها مع قوات ما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية". كذلك، تعلم أميركا، من تجاربها السابقة، أن "التجهيزات" التي ستزودها للقوة المعارضة المعتدلة لن توازي قدرات قوات النظام ولا قوات تنظيم "داعش" .

هذا يعني أن هناك سببين رئيسيين يكمنان خلف البرنامج الأميركي، وهما نفس السببين اللذين دفعا "وكالة الاستخبارات الأميركية" (سي آي ايه) على الاشراف على برنامج مماثل في الأردن قبل أكثر من سنتين.

السبب الأول : هو ان أي برنامج تدريبي يعطي الولايات المتحدة فرصة للاحتكاك بمقاتلي المعارضة، وتكوين فكرة عن الفصائل وترتيبها وارتباطها ببعضها البعض. كما تعطي برامج من هذا النوع الولايات المتحدة فرصة لتحديد "من مع من" بين المعارضين السوريين المقاتلين، ومن يمكن لأميركا الركون اليه، ومن عليها ان تضعه تحت المراقبة الاستخباراتية خوفاً من نشاطات مستقبلية قد يقوم بها ضد مصالح أميركية وغربية.

السبب الثاني: هو الانتصارات العسكرية التي حققتها "المعارضة السورية" على مدى الأسابيع الماضية، وخاصة في شمال سوريا "محافظة ادلب " وجنوبها "محافظتي درعا والقنيطرة" حيث تخشى الولايات المتحدة أن يؤدي ذلك الى انهيار "نظام الأسد"، ووصول المعارضة المسلحة الى الحكم، وبالتالي الى غياب أي أصدقاء لواشنطن من بين المعارضين المسلحين، أي انه – حسب التعبير الأميركي السائد – تريد واشنطن ان "يكون لها حصان" بين الفصائل السورية المختلفة حتى يكون لديها عيون وآذان، وكذلك كلمة، في مرحلة ما بعد الأسد.

لهذه المصالح الأميركية الذاتية سارعت الولايات المتحدة الى ابلاغ المسؤولين الاتراك استعدادها لإعادة تشغيل برنامج "التدريب والتجهيز"، المتعثر منذ شهور، فالولايات المتحدة لا تسعى إلى إنشاء قوة عسكرية تساهم في تغيير الوقائع على الأرض، أو تكافح الفصائل التي تصنفها واشنطن عدوة، بل جلّ ما تريده هو أن يكون لديها قوة صديقة بين "الثوار"، في حال اكتسح هؤلاء ما تبقى من الأراضي التي يسيطر عليها الأسد وتسلموا زمام الحكم.

موقف واشنطن الفعلي من تسارع الأحداث العسكرية في سوريا، هو ما قاله كيري علناً أمام خوجة: حوار سياسي بين المعارضة والنظام، تليه مرحلة انتقالية وحكومة جامعة لكافة الأطياف السورية. أما بقية التصريحات الأميركية حول التدريب والتجهيز والتسليح، فهي مجرد كلام بكلام.

وهنا يبرز سؤال آخر : ماهي الشكوك التي تحيط بالخطة الأمريكية لتدريب "المعارضة السورية المعتدلة "

بعض قادة المعارضة المسلحة يرون أن هذا "الجيش الوكيل" الذي تدربه الولايات المتحدة قد يكون سببا في إطلاق شرارة اشتباكات بين قوى المعارضة نفسها.

ففي الوقت الذي تعزز فيه الجماعات الاسلامية وضعها في شمال سوريا بعدما استولى جيش الفتح "تحالف من جماعات اسلامية يضم جبهة النصرة" في الشهر الماضي على مدينة إدلب وجسر الشغور بالقرب من الحدود التركية.. اضافة لسيطرة المعارضة المتشددة في الجنوب على معبر نصيب ومدينة بصرى في درعا "حدود الأردن – اسرائيل" لذلك قد يصبح من المتعذر على نحو متزايد اجتذاب مجندين مستوفين للمعايير الأمريكية من ساحات القتال.

وبحسب مراقبين فإن مثل هذه الجماعات المتشددة قد تنقلب على المقاتلين الذين دربتهم وتدربهم الولايات المتحدة وحلفائها إذا ركزوا في قتالهم فقط على محاربة تنظيم "داعش" دون التركيز على محاربة "قوات الأسد وحلفاءه" .

وبحسب تصريح لإسلام علوش "المتحدث باسم جيش الاسلام الذي يسيطر على مناطق واسعة في ريف دمشق وفي شمال سوريا " فقد قال "توجد مشكلة ثقة في الناس المدربين في الخارج. فالثقة فيهم ضئيلة."

وهذا يؤكد رأينا وتحليلنا في "مقالات سابقة" كما هو رأي الكثير من الخبراء والمحللين بأن ادارة أوباما تريد اطالة فترة الصراع وليس حل النزاع .. وتريد خلق توازن على الأرض للاستمرار بتحقيق سياستها الخبيثة ..

وزيادة في توضيح مساعي وسياسات الولايات المتحدة في "صناعة الموت" سنلقي الضوء بتحليلٍ هادئ لما قاله "جون برينان" رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ، حين شارك خلال شهر نيسان 2015 في جلسة "سؤال وجواب" في جامعة هارفارد ،وسنصل لنتيجة قالها باختصار "لا يعتقد بأن الحرب على الإرهاب ستنتهي".

لقد كان مدير الاستخبارات المركزية "صريحًا للغاية" عندما أجاب عن أسئلة بخصوص احتمال انتهاء الحرب الكارثية على الإرهاب. حيث حاول الالتزام بالعبارات القديمة المبتذلة ونقاط الحوار، لكنه كان صريحًا وصادقًا بشأن حقيقة واحدة، أنّ: أبناء وبنات أمريكا سيستمرون في الموت تحت هذه السياسة الخارجية غير المدروسة “لآلاف السنين” القادمة. هناك الكثير من التصريحات عن وحشية الإرهابيين، وأنهم يكرهوننا بسبب حريتنا، وأنّ علينا أن نقاتلهم هناك وإلا سنجد أنفسنا نقاتلهم هنا، وأنه خطأ التكنولوجيا؛

ولكنّ المراقبين يدركون أنه حتى مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية لا يؤمن بالخطابات المُفتعلة.

فقد نشرت صحيفة “ديفينس وان”، وهي صحيفة خاصة بالتجارة والصناعة العسكرية بالشراكة مع مجلس العلاقات الخارجية، بعض الاقتباسات ل"برينان" : “عندما أنظر نظرة شاملة في المنظمات الإرهابية منذ أحداث 9/11، وأتساءل إذا لم تتورط الولايات المتحدة في جميع أشكالها المختلفة، في المخابرات والجيش والأمن الداخلي، وإنفاذ القانون، والدبلوماسية، في عمليات ضد الإرهابيين، أعتقد أننا كنا سنواجه بيئة مُروّعة للغاية؛ لأنهم كانوا سيستفيدون بشكل كامل من الفرص التي أُتيحت لهم في جميع أنحاء المنطقة“.

والحقيقة هي : لو لم تختر الولايات المتحدة بعض الدول لغزوها عن طريق رمي السهام في خريطة الشرق الأوسط، وتسليح أعداء الولايات المتحدة، وزعزعة استقرار الحكومات، والتورط في التعذيب وضرب المدنيين بطائرات بدون طيار، وتأييد الطغاة، وخلق حالة من الفوضى في جميع أنحاء الشرق الأوسط؛ لكانت هناك بيئة مُرَوّعة للغاية.

مدير الاستخبارات المركزية يعمل بطريقة خرقاء في الشرق الأوسط، غير مدرك تمامًا بحقيقة الدمار الذي يتبعه أينما ذهب، وحقيقة أن “فرص” الإرهابيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط كانت سانحة بعد التدخل الأمريكي في العراق . يبدو الأمر وكأن السيد "برينان" يرفض الاعتراف بحقيقة أن إطاحة الولايات المتحدة بنظام صدام حسين أحدثت فراغًا في السُلطة في العراق، أو أنّ سياسة الولايات المتحدة بتسليح عناصر إسلامية متطرفة في سوريا أسفرت عن قوة جديدة تملأ فراغ السُلطة من خلال ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي .

وبالعودة لما أضافه " برينان" :لقد عملنا بشكل جماعي كحكومة ومع شركائنا الدوليين، وكانت محاولات صعبة للغاية، لكننا نجحنا في القضاء على العديد من الجماعات الإرهابية. هل هذه الإجراءات بمثابة تحذير لمن يريد أن ينضم إلى صفوفهم؟ بالتأكيد، هذا محتمل. أعتقد أنّها قلّصت عدد الإرهابيين في ساحة المعركة“.

والحقيقة هي : أن مدير الاستخبارات المركزية، يدرك أنّه إذا كانت محاولات اغتيال 41 رجلًا بطائرات بدون طيار أدت إلى مقتل 1147 شخصًا، فإنّ هناك احتمالًا أنّ هذه السياسة قد تؤجج نيران الحرب. كل شخص من هؤلاء الضحايا الذي يصل عددهم إلى 1106 أشخاص، لديه عائلة. وإذا انضم فرد واحد من أسر هؤلاء الضحايا إلى التمرد أو أصبح متطرفًا، فإن تقديرات "برينان" بأن عدد الإرهابيين يتناقص في ساحة المعركة غير دقيقة تمامًا .

كما أنه يدرك أن "برنامج تعذيب وكالة الاستخبارات في العراق" كان السبب الرئيس في زيادة أعداد المقاتلين الأجانب في ساحات القتال في العراق. كما يدرك أن استراتيجية أمريكا تقوم على استدامة الصراع طالما يخدم مصالحها.

وعندما سُئل "برينان" عن موعد انتهاء الحرب على الإرهاب، قال: “إنها حرب طويلة، للأسف. لكنها حرب كانت قائمة منذ آلاف السنين، استخدمت، في الوقت نفسه، العنف لأغراض سياسية ضد الجماعات السلمية من قِبل جهات تابعة للدولة أو جماعات تمثل الأقلية“.

والواقع يقول : أن الإرهاب اتخذ أشكالًا عديدة على مر السنين. إلا أنه أصبح الآن "تجارة رابحة لسياسة صناعة الموت الأمريكية" ولكن الأمر الأكثر تحديًا الآن، هو التكنولوجيا المتوفرة للإرهابيين، والدمار الكبير الذي يمكن إحداثه من قِبل حفنة من الأشخاص الموتورين ، وكذلك وسائل الاتصال الجماهيري التي تنشر كل هذه الأعمال الإرهابية والتحريض والتشجيع على الإرهاب؛ لذلك فنحن نواجه بيئة تساعد هذا النوع من جهود الدعاية والتجنيد، وكذلك القدرة على الحصول على الأدوات التي تقتل البشر من قبل من يسمون أنفسهم قادة "الحرية" في العالم .

وأعتقد أنّ هذا سيكون شيئًا يجب على الجميع "دولاً وأفراداً" توخي الحذر منه. فهناك شر في هذا العالم ورأس هذا الشر يتمثل "بمنظومة الشيطان" التي تتزعمها الولايات المتحدة والصهيونية العالمية وذيولهما ..

يجب علينا ليس فقط محاربة الإرهاب بكل أشكاله وتسمياته ومبرراته ، بل يجب أيضًا معالجة الأسباب الرئيسية والعوامل والظروف الكامنة وراء تفشي ظاهرة الارهاب ومن يقف وراءها وماهي أهداف وجودها وانتشارها .

فهناك أسباب وعوامل كثيرة تسمح لهذه المنظمات الإرهابية أن تنمو وتنتشر ومنها على سبيل المثال :

 " وجود كيان اسرائيل" وازدواجية المعايير للقوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة في التعامل مع مختلف قضايا ومشاكل الشعوب وخاصة في منطقتنا العربية والأفريقية ،التي تعتبر هدفا دائما لسياسات الولايات المتحدة ودول الغرب وأطماع بعض الدول الاقليمية (التي لديها مشاريع توسعية بذرائع مختلفة  وو..) ، وذلك نظراً لغناها بالنفط والثروات الطبيعية وموقعها الجيوسياسي المطل على أهم طرق العبور والنقل بين دول وقارات العالم "مضيق باب المندب وجبل طارق ، قناة السويس " إضافة لعبور انابيب النفط والغاز ومصادر الطاقة الأخرى ...

يرفض مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية الاعتراف بأية مخاوف مشروعة للمعارضة السياسية حتى السلمية منها في بلدان منطقتنا ، وهو الأمر الذي يمهد الطريق لحرب لا نهاية لها من خلال إزالة إمكانية تغيير المناخ السياسي. لأنه دون الترويج لفكرة التغيير السياسي السلمي وعبر الحوار ، فإن الخيار الوحيد المتبقي هو الحرب. وفي ظل وجود وسائل الاتصال الجماهيري واستمرار الولايات المتحدة في تزويد المنطقة بالأسلحة، فإن الحرب سوف تستمر.

باختصار، الولايات المتحدة ليس لديها نية لتحقيق النصر. الحرب ستستمر طالما أنّ هناك أموالًا تُجنى من خلال الاستمرار في السياسات التي تؤجج المشاعر المعادية للولايات المتحدة. لقد اعترف مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية "دون قصد" بقوله " أنّ جنودنا لا يموتون من أجل أمهاتهم أو من أجل فطيرة التفاح". "إنهم يموتون من أجل شركة إكسون، وبوينغ، وشركة هاليبرتون " ومصنع السلاح الأمريكي ووو.

انها اذا "صناعة الموت الأمريكية" باتت تظهر وتزداد وضوحا يوما بعد يوم وأصبحت مكشوفة لكل عاقل على وجه الأرض ، فإذا كان واضعي السياسة الأمريكية أنفسهم غير مهتمين بمصير الأمريكيين البسطاء ، فما بالكم بمصير شعوبنا التي لا تكاد وفق حساباتهم تكون سوى مختبرات لأسلحتهم الفتاكة وفوضاهم الخلاقة ..

النتيجة : رغم الادعاء بأن التحالف الذي تخوضه الولايات المتحدة ضد “الإرهاب” بأنه فاعل، إلا أن الحقيقة الساطعة تؤكد عكس ذلك، إذ ليس ما يحصل ميدانيا يعكس التصريحات العلنية ، بل هنالك صورة غير مطابقة لما كان متوقعا من التحالف وخصوصا من الولايات المتحدة سيده وعرابه. فهذه الأخيرة، يمكنها حسب تقارير الخبراء خلال أسبوع فقط ولوحدها دون تدخل من أحد أن تشن ضربات قاتلة ضد هذا الإرهاب تؤدي إلى إنهاء وجوده من على سطح الأرض التي يتواجد فيها .

هي إذن كذبة أميركية ولا أعتقد أنها باتت تنطلي على أحد وخاصة في هذا الوقت بالذات لعدة أسباب:

أولها: إن الولايات المتحدة الأميركية مرتاحة جدا لحالة الفوضى التي تضرب المنطقة من جراء ظهور التنظيمات الارهابية وإنها تعقد عليها آمالا كبارا كي تستمر وتثمر أكثر لتجعل كل دولة من دول منطقتنا العربية بحالة صراع وفوضى مستدامة.

وثانيها: أن أميركا التي لا يهمها من المنطقة سوى "أمن إسرائيل" و النفط ، تراها مؤمنة فالكيان الصهيوني يعيش حالة ازدهار لم يعشها طوال وجوده، فيما النفط مؤمن لها وبالسعر الذي وضعته وتتحكم به وتديره .

وثالثها: إن أميركا ومعها دول الغرب تمكنت من تصدير أزماتها عن طريق نقل الفوضى إلى المنطقة كي تبقى فيها أطول مدة ممكنة لتستمر بجني المكاسب من جهة وكشف وإبعاد خطر المتطرفين عن أراضيها من جهة أخرى.

في الختام : علينا جميعاً أن نعي حجم وخطورة المخطط الشيطاني لأن الولايات المتحدة ليست ذات قضية تتعلق بالحرية لافي سورية ، ولا في غيرها ، بل على العكس، هي ذات منحى يعمق الآلام، ويتعمد إقصاء قضية الحرية وطيّ حقبة الاستبداد، ولذلك فهي تسعى لتأجيج النزاع الأهلي والاستمرار بمسلسل "صناعة الموت " خدمة لها ولحلفائها. ومعلوم أن الجهات المتصارعة في سوريا وعليها "بكل أسف" "من خلال المماطلة بعدم حسم الأزمة السورية وتطبيق مقررات بيان جنيف -1 التي تم التوافق الدولي عليها في حزيران 2012 " كانت ولازالت تساهم في استمرار الولايات المتحدة الأمريكية للمضي بتطبيق استراتيجيتها التي تسير بدولنا وشعوبنا نحو الهلاك المحتوم.. 


  • 2

   نشر في 18 ماي 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا