قتل بلا موت وانتحار يؤدي للخلود
مأساة سارة حجازي مع الأمن والمجتمع
نشر في 16 يونيو 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
تقول الوقائع انها ماتت منتحرة، لا أصدق الوقائع. والحقيقة انها ماتت منتحرة، الحقيقة كاذبة.
لم تكن حرب سارة حجازي مع قوات الأمن التي القت القبض عليها بعد رفع علم ال Rainbow (وهو العلم الداعم للمثليين) في إحدى الحفلات، بل كانت معركتها أعمق من ذلك بكثير. كانت معركتها الأساسية مع مجمتعٍ يرفض الأختلاف، ويرفض أكثر من هذا، أنه يرفض الدستور الذي وضعه والذي ينص على حرية الأعتقاد، ويرفض الدستور الأنساني الذي يمنح الحرية لمن كان أن يكون ما يريد أن يكونه.
تقول الوقائع انها ماتت منتحرة، لا أصدق الوقائع. والحقيقة انها ماتت منتحرة، الحقيقة كاذبة. والصدق أنها قتلت مرتين.
القتلة الأولى جاءت من قوات الأمن، تروي سارة حجازي في حوار للقناة الألمانية DW انها لم تكن تتوقع هذا الرد على واقعة العلم حتى وجدت قوات من الأمن المركزي وأمن الدولة في منزلها، وعن التعذيب الذي تعرضت له فتروي أن السجينات اعتدوا عليها بتوصية من ضباط قسم الشرطة. ورغم كل هذا، وكأنها قطة بسبعة أرواح لم تمت.
القتلة الثانية لم تكن أمنية بل مجتمعية، لا يقبل المجتمع المصري الآخر بشكلٍ عام، وأن كان الآخر آخرًا لأختلافه في أمور متشابكة بالدين الأسلامي (الأغلبية) فتكون الحرب واجبة عليه، فلم ينتظر الناس على مواقع التواصل الأجتماعي الكثير بعد القبض عليها حتى بدأوا ينهشوا في لحمها بناءً على معتقداتها، غير فاهمين أن الدفاع عن حقوقها هو دفاعٌ عن حرياتهم ايضًا وأن مهاجمتهم لحرية الأختيار والأعتقاد لن تأتي بالخراب عليها فقط، بل عليهم بالسواء، على كل حال تحملت القطة الصغيرة ولم تمت.
لقد خلق الأمن على مر عصور التسمم الفكري قتلة غيره، فأصبح المجتمع والأمن شركاء في جريمة واحدة.
في النهاية وبعد قتلٍ لم يؤدي إلى موت، وبعد سفرها إلى كندا ومأساة التخلي عن وطن وعن أمها التي ماتت دون أن تقدر علي توديعها، اختارت القطة ذي السبع أرواح أن تنتحر لتعيش خالدة كرمز للدفاع عن الحريات.