سفر بلا عودة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

سفر بلا عودة

  نشر في 11 يوليوز 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

تعودنا دائما قبل الإقدام على أي سفر القيام بأشياء معتادة لابد منها لكل سفر ؛ كالتخطيط ووضع برنامج له أخد معلومات عن المنطقة التي نود السفر إليها معرفة المسافة والأماكن التي سنزورها ومدة إقامتنا وأخيرا تجهيز أنفسنا وأمتعتنا وما سنحتاجه ، ربما هذا ما يفعله جلنا قبل السفر

لكن هناك سفر أخر سفر يأتي من دون موعد يأتي فجأة ، ولا يترك لنا فرصة القيام بتلك الإجراءات الضرورية للسفر فلا يعود بإمكاننا تجهيز أنفسنا ولا حقائبنا ، يأتي بغتة وياخدنا مجردين من كل شيء ، كأن القطار يكون بانتظارنا نحن فقط وما إن نصعد حتى ينطلق بسرعة تتقاطع فيها أنفاسنا لا يتركنا ربما حتى لوداع أحبابنا ينتشلنا هكذا ونحن تائهين غارقين أخر شيء قد يأتي لتفكيرنا هو هذا السفر، والأدهى انه بلا موعد ولا عودة فهل سبق لكم أن سمعتم أن أحدا عاد منه ؟؟!

أبدا!! فلا احد يعود منه أظن بلا شك انه تبادر إلى أذهانكم أن هذا السفر هو الموت !

فكرت كثيرا في تعريف شخصي للموت فلم أجده كأن الكلمات كلما حاولت تجميها وسياغتها كتعريف تقريبي له تجدها تنفلت منك الكلمة تلو الأخرى وتأبى أن تنصاع في عبارة موجزة كما تأبى عقولنا الغوص في معناه ، فكلما طرق الموت مسامعنا تجاهلناه بسرعة خاطفة واكتفينا بما نعلم عنه ظاهريا انه نهاية رحلة الشخص في الدنيا وبداية لحياة الخلود وما يعقبها من مصير محتوم إما جنة أو نار...

لكن لماذا لا نفكر فيه كما نفكر في باقي أسفارنا ولماذا لا نتجهز له كما نتجهز لها ، لماذا لا نتعرف على وجهتنا فيه وماذا ينتظرنا هناك ..

أسئلة لطالما تجاهلناها واعرضنا عنها ربما لأننا دائما ما نظن أن رحلتنا في الحياة مازالت طويلة ومازال لدينا الكثير من الأوقات لنفكر في الأمر بشكل جدي ونعيد ترتيب أوراقنا وحياتنا بشكل أفضل ، نمني أنفسنا بالآمال وبطول الوقت وهذا السفر هو الشيء الوحيد الذي لايعرف موعده غير الله تعالى لا ندرك متى سيزورنا لكن مع ذلك لا نصدق بل ربما لا نريد التصديق لان الحقيقة مرة جدا والأمر عظيم ، لطالما مر من أمامنا وأخذ أشخاصا كانوا معنا آخر شيء كانوا ينتظرونه هو هذا السفر، هذه هي الحقيقة الغامضة لا تعرف متى سيأتي لأخدك هل في الصباح أم حين تنام أم عند عودتك من العمل أو في الطريق لا تعلم ...

حتى وقع خبر الموت لم يعد يحدث أي اثر على قلوبنا كأنها قست ومن هول ما يأخد كل يوم من أمامنا كان أفئدتنا تطبعت عليه ، فأصبح بالنسبة لنا أمرا عاديا ، نحزن لبرهة ربما ليوم أو يومين ثم نعود لحالنا وحياتنا لنعانق الدنيا من جديد كأننا تعاقدنا معها بان لا نتركها ، تشبعت قلوبنا حبها وتعلقت بها أرواحنا تعلق الوليد بوالدته تعلقا بات يحجب عنا تذكر مرارة الموت وحالنا فيه وندمنا عند قدومه

لحظة الموت ! لحظة صعبة جدا في لحظة واحدة تفارق كل شيء اهلك أحبابك بيتك حياتك وكل ما تملك وسعيت إليه أيام دهرك ، في لحظة واحدة تغادر هذا العالم بكل مافيه من أفراح وأتراح من إنجازات وملذات من صدمات وخيبات ،وفي لحظة أيضا يصغر أمامك كل شيء وتدرك أن ماسعيت له وبلغته لم يكن يساوي شيئا أمام ماكان عليك تحصيله وبلوغه لأنه زادك الذي يبقى معك عندما ينفصل عنك كل شيء عندها فقط يكشف لك الغطاء فتدرك معنى الحياة

ربما سيظهر لك الآن أن هذا السفر لازال بعيدا وما هو ببعيد الشيء الثابت الآن هو انك تستطيع تغييره بالشكل الذي يجعلك مستعد له في أي وقت ، تذكر كم مرة تفكر فيه وتذكر كم هو قريب منك

فلا تنسى وأنت تجهز حقائب سفرك أن تتفقد حقيبة سفرك الأخير لعله ينقصها شيء أو ربما أشياء ...


  • 4

  • مريم عزي
    لأن الكتابة ملجأ من لا ملجأ له وموطن من لا موطن له وعالمنا الذي نهرب اليه ...
   نشر في 11 يوليوز 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

Abdou Abdelgawad منذ 5 سنة
اتفق مع كلماتك تماما تحياتى وارجو لكم التوفيق دائما
1
مريم عزي
ولكم أيضا أستاذنا مزيد من التألق والعطاء
احسنت النصيحة
1

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا