استبشرت جماهير الشعوب العربية بثورات الربيع العربي كما يطلقها عليها أنصارها التي كانت تطالب بالحرية والكرامة الإنسانية فكانت بدايتها في تونس مهد الثورة ثم امتدت إلى مصر فليبيا فسوريا...... سريعا ما تهاوت هذه الأنظمة المترهلة الواحد تلو الآخر لتعيش المنطقة العربية مخاضا ليس كغيره من المخاضات.

غير أن مخاض هذه الثورات كان عسيرا حيث عاد الصراع الإيديولوجي إلى الساحة السياسية وبدأ الاستقطاب الحاد بين مختلف التيارات السياسية والمدنية في الوقت الذي كانت تشهد فيه البلاد فوضى عارمة من عدم استباب الأمن والقتل والإختطاف والسرقة والتعدي على الأملاك العامة والخاصة .

ونظرا للظروف الأمنية والإقتصادية التي تشهدها بلدان الربيع العربي عاد فلول الأنظمة إلى ترتيب أنفسهم وتجميع قواهم للعودة إلى المشهد السياسي وتجنيد الماكنات الإعلامية للبروز مرة أخرى والدخول مرة أخرى للمعترك الإنتخابي حيث

لعب الإعلام المغرض خاصة في تونس ومصر في دورا هاما في تأليب الجماهير على المنتخبين الشرعيين والتحريض عليهم مما سبب حالة احتقان شديدة في الشارع التونسي والمصري ومما زاد الأوضاع تأزما مباركة الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وغيرهم بالإعتراف بالانقلاب العسكري الذي أطاح برئيس شرعي منتخب وادخال البلاد في الفوضى والقتل على مرأى ومسمع جميع المنظمات العالمية والهيئات الدولية وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية مما يثبت وتواطؤ وزيف هذه المنظمات في الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان أما أن الكيل بمكيالين هو من قدر العرب والمسلمين

وغير بعيد من ذلك تونس لم تكن أكثر حظا من ذلك فلقد أجبرت حركة النهضة التونسية عل التنازل عن السلطة حيث تم التوافق على حكومة تكنو قراط تدير المرحلة الإنتقالية وفي الانتخابات التي أجريت مطلع هذا العام وفي جولة الإعادة فاز الباجي القايد السبسي برئاسة الجمهورية وعاد إلى قصر قرطاج في انتخابات ديمقراطية حرة عبر فيها المترشح الخاسر المنصف المرزوقي بنزاهتها

أما على الجهة الشرقية من تونس ليبيا فلا أمل يلوح في الأفق فمع تطور الأوضاع واشتداد المعارك بين الثوار وبين أنصار العقيد المتقاعد خليفة حفتر الذي تم عزله من قبل معمر القذافي إبان فترة حكمه عاد بعد الثورة فبراير 2011 ليصطاد في المياه العكرة والبحث عن مكان له في ليبيا الثورة مما جعل المشهد الليبي يزدادا تعقيدا ويغرق في بحر من الفوضى السياسية وحتى القانونية حيث أصبحت ليبيا تعيش حالة فريدة من نوعها ببرلمان منحل دستوريا بقرار المحكمة الدستورية والذي يعقد جلساته في طبرق والمؤتمر الوطني العام الممدد له لغاية تسوية السياسية وحل المشاكل العالقة.

بين ذلك وذاك أعلن الجنرال المتقاعد خليفة حفتر عملية الكرامة لدحر ما يسميه بالإرهاب حيث تقوم معارك طاحنة بين أنصار خليفة حفتر وجلس شورى الثوار حيث سقط مئات القتلى والاف الجرحى بين المدنيين في ظل غياب صوت العقل والإحتكام إلى الضمير الوطني لحل الأزمة في ليبيا.

لبنان اليوم ليس أحسن حالا من غيره فقد خرجت البارحة مظاهرات في ساحة رياض الصلح تحت شعار '' طلعت ريحتكم'' تنادي ورفع القامة المنتشرة في بيروت حيث هتف المتظاهرون من كل القطر اللبناني بإسقاط منظومة الحكم الفاسدة في الوقت الذي يعيش فيه اللبنانيون أزمة انقطاع التيار كهربائي و انتهاء الفترة الرئاسية المحددة لرئيس الجمهورية و انسداد أفق الحوار الوطني العملية السياسية بين

الأطراف السياسية المتصارعة ييقى أمل المواطن اللبناني في أن تسقط الولاءات السياسية والمذهبية والطائفية فهل سيعود لبنان إلى اللبنانيين

سوريا مأساة القرن الواحد والعشرون وبلوغ الثورة السورية من عامها الخامس بعد أن خلفت 55 ألف قتيل منهم7.5 ألف طفل و5 ألف امرأة حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان وحسب تقرير لليونسيف فإن هناك حولي 1.5 لاجئ أكثرهم من الأطفال دون سن الخامسة. حيث تحولت الثورة السورية إلى حرب اقليمية بين مختلف الاطراف للتصارع على مناطق النفوذ حيث تقف أكبر قوة اقتصادية وعسكرية في العالم موقف المندد والمتفرج على القتلى والذين يفتكون بأنواع الأسلحة المحرمة دوليا في موقف مندد وذلك تحت رغبة الكيان الصهيوني بضرورة انهاك سوريا وتدميرها لحماية الأمن القومي للكيان الصهيوني.

كشفت الثورة السورية حقيقة العالم الغربي فيما يتعلق بالحرية وحماية حقوق الإنسان في العالم وتبين أن هذه الثورات أريد بها حربا عالمية الثالثة فكان وقودها الإنسان العربي وسلاحها النفط الذي تهاوت اسعاره في اقل من سنة إلى ما دون الثلاثين دولار والسبب دخول روسيا على خط الأزمة السورية إلى جانب إيران وحليفها في سوريا فهذه الأزمة تعود بنا إلى انخفاض البترول سنة 1985 في أزمة أفغانستان لإنهاك الإتحاد السوفياتي وخنقه اقتصاديا مما أدى إلى انهيار الإتحاد السوفياتي بسبب أفغانستان فهل ستكون سوريا سببا في انهيار روسيا إذا استمرت الأزمة