في أطراف الابتسامه المتخربشه وجه يقطر ملامحا ً متسائله ، في اللحظة ِ التي جلس فيها قبل ساعه ، وبقاء المقعد المجاور له فارغا ً الى ان دخلت هي وجلست في المقعد الثالث ، فعلت مثلما فعل لما حملق في ساعته ، ثم نفخت فمها فتكورت خدودها ، مضى على وصولها نص ساعه ،ولم يصل الدور بعد لاله ولا لها .
في أطراف الحقيقه ي، ظل هو يقبع شيء من الخربشه ، ظل هو غارقا ً في كتابه ِ يقرأ حتى الصفحه الأخيره ، أغلق الكتاب قبل بلوغها ، رفع عينيه ِ متحسســا ً ملاسة غلاف الكتاب ، وعرف أنه لم يبقى فيه سوى الفصل الأخير ، لذا فضـّل أن لاينهيه في هذه الجلسـه .
وفي لحظة ٍ مفاجئه لم تحسب لها هي حساب ، شعرت بدوخة ٍ فجائيه باغتتها ، ظنت أن موعد تناول قرص الدواء قد دخل ، دققت النظر في ساعتها ، لايزال مبكرا ً على تناول موعد القرص
أعادَ الكتاب الى حقيبته ِ ، وضع فخذه الايمن فوق الايسر ، ، وظهرت أرضية نعله ِ ، بماركة اجنبيه ، تتكون كلمتها من ستة أحرف ، ولم يزل ظله ساقطا ً على المقعد المجاور بينهما .
تذكر الليله الفائته ، وتذكر قائمة أهدافه ِ ، وقائمة َ أعدائه ِ ، وقائمة َ أسماء أصدقائه ِ ، حركَ بصره ُ ثم أشاح َ صوب مدخل الباب الواسع الموصل بالردهه ، ثم ّ َعاد َ وفحرك َ رأسه بإتجاهها حدجها ببصره ِ ، راعه ً ثيابها الملفته ، وظن أنها مثله تريد عقد المقابله ، للحصول على وظيفه ،
وقف هو واضعا ً يديه في جيوب بنطاله ، بعد أن سئم من الانتظار ، داس َ على الحشرة ِ دون شعوره ِ بها ، تناول حقيبته ، لـف ّ وشاحه حول رقبته ، وخرج من البوابه ، في اللحظة التي وطئ بها البوصة الاولى خارج المبنى ، هـز َّ إنفجــار ٌ قوي جدران البنايه ، وتهشم زجاج المكان ، محدثا ً زلزلة ً لثوان معدوده ، برقعت سحب الدخان الهواء الشفاف فأعطته لون َ بياض ٍ بغيض ـ،وغشته ُ روائخ متعدده كلها نابعه من مصدر النار والحراره والخوف أيضا ً .
كانت دلائل الانفجار مذهله ، إذ تطايرت بعض السيارات الى أعلى ، وسقطت الواجهات الزجاجيه البعيده عن مركزه ، إنبعثت أصوات الصراخ متعدده ومتباينه ، آتيه من أكثر من ركن ونقطه وزاويه عبر طول الشارع ،
كان الخوف شديدا ً وأحساس ً نادرا ً بقيمة اللحظات الاخيره ، فكم أسرِفَت هذه اللحظات دون الشعور بقيمتها مسبقا ً ، والان عرفت هي قيمتها .
لحظة وقوع الانفجار في ثوانيه الاولى ، تراجعت هي للخلف رغما ً عنها بفعل ِ الطاقه المنبثقه ، إذ أرتطمت رأسها بأسفل الجدار الداخلي ، لحسن حظها كانت بعيده عن مركز الانفجار الرئيسي ، لكنهـــا شاهدته ُ أيضا ً يطيـر كالعصافير وأرتطم بالحائط جانبها ، ثم إستقر على ظهره ِ ولمحت في آخر الاهتزاز راحة يده ِ تلامس يدها قبل أن تستسلمَ وتفقدَ وعيها
بعد أيام من ذلك الحادث إستفاقت في المشفى ، ووقع بصرها مباشرة على شريط الاخبار الذي يتتابع ُ أسفل الشاشه ، ثم َّ أعيدت أسماء الشهداء الذين سقطوا ، وكان هو صاحب الرقم عشرون ،
وبعد مرور عشرين عاما ً وبعد أن نسيت الحادثه وتزوجت وانجبت ، وهرمت ، وكل ليله لحظة وضع رأسها على الوسادة ، تصيب يدها في نفس الموض
-
يسارعبدالرحمنيسارعبد الرحمن " للأدب العربي سحره تجرعتُ شيئا ً من إكسيره ِ الساحر "