اعتراف زوج... ليلة عرس زوجته...
أستوطنُ كرسيا داخل فضاء مقهى، مليئا بالذكريات. صور تؤرخ ذاكرة عمر تخطى ترتيلات: الله يعطيني... طاولة تحمل أشياء تخصني أو تدل على ما تبقى من حياتي... أحمل وحدتي وقناعتي كجبل بركان أشعت، في ركن قصي عن شمس المتربصين بأكلِ بعضهم على صحون عـِلـْمِ بالشيء وسكاكين وشوكات النميمة... فنجان قهوتي يفك طلاميس أفكاري... قطيعٌ يدخن بشراهة مغترب فقد حنين صدر الوطن. لفافة سيجارتي تنير عتمة طريق كبوتي...
خصامي ليلة عيدها، يمزق سكون سطور كناش أحزاني... قبضت على قلبي متلبسا، يسترق النظر إليها بعين مغمضة ونبضٍ يرتعش...
هذا العيش حنظل قاتل... هذا الجسد سجن... هذا الطريق غامض... أنا بوجهين... وجه للقلق ووجه للفرح.... بينهما أعيش.... أنا منشطر إلى نصفين... نصف مني مات والآخر يحترق صمتا وغيابا بطعم التواطؤ والخذلان.
وحدهنَّ النساء يعرفنَ كيف يعشقن، كيف يحتـَوينَ رجلا يسكن بين ضلوعهن، يـُتقنَّ جيداً فنَّ التطرف عشقاً، يعرفن جيداً كيف يزرعنَ السعادة في طريق من يحببنَ. يكفي أن تحبَكَ... الزمن دولاب الجراح لا طبيبها... لكن زوجتي ضمادتها...
أتذكر أياما خلت من عمر أكل عـُمريـْن... عصفورين طلقين في سماء الحب... أدخلتنا إلى روضها وجنـّتـِها راضين مرضين... نتعانق... يلتحم الجسد بالجسد... لم نبدل مجهود يذكر... العناق شهوة لا تضاهي... العناق حوار أصيل يقود إلى المعرفة...
بـِتُ ليال طويلة. أحلم بها تسير، تتهادى بغنج ودلال، وسط فجاج ذاكرتي، عيون الرجال تأكلها... وهو ما لا يساعدني على النسيان. عرفت أنها تتغير في غفلة مني وأنها ماضية إلى مصير آخر...
خسرتها وأنا أسير في المدينة أبحث عن العمل لأطفئ الغضب. خسرتها وأنا أعمل كالبغل طوال اليوم... وحين أتذكر الحبيبة أبحث عن جسد أُطفئ به شوقي، ثم أحس القرف والندم والذنب والخوف وتتوزعني الضنون...
ليثني أدركت، أن جسد المرأة ليس مسرحا للفرجة، حيث أُبعثرُ في أرجاءه شهواتي ويسيل لعابي بفعل الرغبة والاشتياق الوحشي. ليثني أدرك أن جسد المرأة أسمى وأرقى من مجرد آلة لعب والتحكم. ليثني أدركت أنّ جسد المرأة معبد مقدس، وحدها مَلكتهُ. لأدرك أن جسدها لوحة إبداعية للطبيعة. يـُحرّمُ عليّ دنسها بشهواتي، لوحدها حرية التحكم في معبدها كيفما شاءت... لأنها صاحبة عقل ووعي وإدراك...
فطوبى لها والويل لمجتمع عاهر...
سعيد تيركيت
الخميسات 07 / 03 / 2015