سئل قاض من الزمن العباسي: كيف أنت في الحكم؟
أجاب: الناس والبهائم عندي سواء، لو أن أمي شاة وسَرقت لأقمت عليها الحد !
انتقلت هذه البلادة المفعمة بالحماس إلى المشهد السياسي. وظهرت كائنات تنتسب إلى عالم القنافذ، لكنها ملساء، أو تضع في الغالب شوكا مستعارا تحت مسمى النضال، وبناء الديموقراطية، واللحاق بالعالم الحر!
بعد النضال جاءت مرحلة جني الغِلال. وتحت ضغط البطالة، والخوف على الأنجال من تقلبات الحال، قرر القنفذ الأملس أن يوظف ذريته في دواليب الشأن العام. هكذا عايشنا، و لانزال، خطة التوريث التي تستلهم من البيولوجيا قصة الجينات. فابن المطربة مطرب، وابنة السياسي نائبة، ونجل الممثل موهوب بالفطرة. وإذا كان النبلاء في قصور أوروبا يفخرون بالدم النقي، فنحن فقعنا مرارة التاريخ المعاصر بنظرية الدم المهني.
يزعم سياسي أمريكي أنك إذا أردت أن تعرف مصداقية المرشح الذي يخطب صوتك، فاسأل زوجته. طبعا إن لم يكسب ثقة الزوجة فلن يفلح في إقناع الآخرين. في انتخابات سنة 1980 سألوا المرشح الأمريكي رونالد ريغان، الذي قدم إلى مكان التصويت رفقة زوجته نانسي، عمن ستصوت له هذه الأخيرة، فأجاب ضاحكا: بالتأكيد ستنتخب زميلها المرشح المنافس!
لكن للقنفذ الأملس رأي آخر. رشح زوجته ضمن لائحة النساء لتكتمل الزفة.
غضبت الابنة لأنها ستبقى وحيدة في البيت، فكانت لائحة الشباب تكريسا لمبدأ تحديث العمل المجتمعي، وإشراك القوى الفائرة في بناء الوطن.
لمّ الشمل الأسري تحت قباب المؤسسات تأكيد على الحاجة إلى الحنان والتفاهم، وتحقيق لمطلب الأسرة السعيدة التي هي قوام المجتمع.
والأقارب؟
قيل أنهم عقارب، لكن لا بأس من تجديد صلة الرحم كما نادت بذلك الشريعة السمحة. فليكن الصهر مدير ديوان، وابن الخالة مستشارا، والخريجون من الأحفاد قوى عاملة موزعة على كل المصالح.
والبرامج؟
كل القنافذ تضع برامج طموحة، ولاشك أن طموحها هو السبب في بقائنا أسفل الترتيب ضمن مؤشرات التعليم والصحة والتنمية والشفافية...
كل قنفذ يلغي برامج من سبقوه ليبدأ من البداية. ولأن عقارب الساعة لا تمهل فإن خطته العشرية بالكاد أتمت سنتها الثانية، وتم جمع المعطيات الضرورية لتقدير الكلفة والمخاطر، وتحديد الموارد البشرية الضرورية. أف.. سيغادر القنفذ منصبه متمنيا لزميله الجديد كل التوفيق في إدارة المرحلة الجديدة المثقلة بالرهانات والتحديات في أفق الاستجابة للتطلعات. وستكون الخطوة الأولى هي تكليف لجنة تحقيق بدراسة المنجزات، ورصد مكامن الخلل التي تحتاج إلى.. أف.. قنفذ جديد!
والجماهير ؟
بعضها أملس يدور مع رحى التغيير ليلقط الحَب المتناثر. حتى وإن بات على لحم بطنه لا يهم، لأن البال مشغول بما ينتظر "ميسي" بعد انتقاله إلى النادي الجديد:
هل "ميسي" سعيد؟؟؟
-
حميد بن خيبشكاتب شغوف