فتنة النساء و الوقوع في العشق المحرم - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

فتنة النساء و الوقوع في العشق المحرم

الوقاية والعلاج من المرض

  نشر في 02 يوليوز 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

في هذا المقال سنصف العشق المحرم كمرض وما هي أسبابه وأعراضه وحكمه، ثم سنتكلم عن كيفية الوقاية من الاصابة بهذا المرض، ثم سنتكلم عن كيفية العلاج اذا ابتليت به.

هذا المقال ليس من تأليفي أو كتابتي، هذا تجميع لنتيجة بحثى في هذا الموضوع على أمل أن يكون مفيد لغيري سواء في العلاج أو الوقاية من الوقوع فيه. جميع المصادر في نهاية المقال.

المرض

1. خلق الانسان ضعيفا

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما تَركتُ بَعدي فِتنَةً أضرَّ على الرجالِ منَ النساءِ» (صحيح البخاري؛ برقم: [5096])

وقد سبق أن أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ المرأةَ تُقبِلُ في صورةِ شيطانٍ وتُدبِرُ في صورةِ شيطانٍ» (صحيح مسلم؛ برقم: [1403])، إشارة إلى الهوى والميل الطبيعي الذي جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء، والالتذاذ بالنظر إليهن، والحديث معهن، وسماع أخبارهن، وكل ما يتعلق بهن، ولا غرو، فالمرأة أعظم فتن إبليس وأشد محنه وأيسر طرقه وأخفى حيله، ولذا يتبعها ويلازمها ويزيِّنها ويُحلِّيها في عيون الرجال.

و قيل في تفسير قوله تعالى "يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)النساء" أنكم خُلِقتم ضعفاء عجزةً عن ترك جماع النساء، قليلي الصبر عنه. و قيل أنه في أمور النساء. ليس يكون الإنسان في شيء أضعفَ منه في النساء.1

فقد ركب الله سبحانه في طبع الرجل من ميله الى المرأة كما يميل العطشان الى الماء و الجائع الى الطعام، حتى أن كثيرا من الناس يصبر عن الطعام والشراب ولا يصبر عن النساء، وهذا لا يذم اذا صادف حلالا، بل يحمد كما في قوله عليه الصلاة والسلام "حبب إلي من دنياكم النساء و الطيب".2

2. ما هو العشق

العشق: هو افراط المحبة، ولهذا لا يوصف به الرب - تبارك و تعالى - و لا يطلق في حقه.3

و ههنا أربعة أنواع من المحبة، يجب التفريق بينها، وإنما ضل من ضل بعدم التمييز بينهما:

أحدهما: محبة الله، ولا تكفي وحدها في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه، فإن المشركين و عباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله.

الثاني: محبة ما يحبه الله، وهذه هي التي تدخله في الإسلام وتخرجه من الكفر، وأحب الناس الﻻ الله أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها.

الثالث: الحب لله وفيه، وهي من لوازم محبة مايحب، ولا تستقيم محبة مايحب الا فيه وله.

الرابع: المحبة مع الله، وهي المحبة الشركية، و كل من أحب شيئا مع الله، لا لله، ولا من أجله ولا فيه، فقد اتخذه ندا من دون الله، وهذه محبة المشركين.4

3. أسبابه و حكمه

و من مبادئ العشق و أسبابه النظر و التفكر و هي اختيارية، فالنظرة تؤثر في القلب فإن عجل الحازم وحسم المادة من أولها سهل علاجه. وإن كرر النظر و نقب عن محاسن الصورة ونقلها إلى قلب فارغ فنقشها فيه تمكنت المحبة حتى يفسد القلب و يخرج الى المحن ويوجب ارتكاب المحظورات والفتن، و لوا أنه غّض بصره أولا لاستراح قلبه و لكفى الله المؤمنين القتال.

فمبادئ العشق وأسبابه اختيارية داخلة تحت التكليف، أما ما بعدها فبلاء و مصيبة لا تدخل تحت الاختيار. حتى أن بعضهم فسر قوله "ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به" بالعشق. و المقصود التمثيل لا التخصيص …. و ذلك كتناول المسكر فإنه اختياري، وما يتولد عنه السكر اضطراري، فمتى كان السبب واقعا باختياره لم يكن معذورا فيما تولد عنه بغير اختياره، فمتى كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا، ولا ريب أن متابعة النظر و استدامة الفكر بمنزلة شرب المسكر فهو يلام على السبب.5

فالحب منه ما هو مباح لا يد للإنسان فيه ، ومنه ما هو محرم ، لأنه يقوم على علاقة محرمة ، يفعلها الإنسان باختياره ، فالأول كأن تسمع المرأة برجل صالح أو يكون لها جار أو قريب ، فيقع في قلبها حبه ، وتود لو تتزوج منه ، ولا تزيد على ذلك مراسلة أو اتصالا ، فهذا حب يعذر فيه صاحبه ؛ لأنه لا يد له فيه ، ولم يقرنه بشيء محرم .

قال ابن القيم رحمه الله : "إذا حصل العشق بسبب غير محظور : لم يُلَم عليه صاحبه ، كمن كان يعشق امرأته أو جاريته ثم فارقها وبقي عشقها غير مفارق له : فهذا لا يلام على ذلك ، وكذلك إذا نظر نظرة فجاءة ثم صرف بصره وقد تمكن العشق من قلبه بغير اختياره ، على أن عليه مدافعته وصرفه " انتهى من " روضة المحبين " ص 147

وأما النوع المحرم فهو ما جلبه الإنسان على نفسه بطريقة محرمة ، كتعمد النظر ، أو كان لا يد له فيه لكن قارنه بعد ذلك عمل محرم ، كالمراسلة التي لن تسلم من كلمات الإعجاب والحب والخضوع بالقول

فإذا كان المرء غير ملومٍ فيما لا قدرة له على تركه، كمحبّة امرأة ، فإنه مؤاخَذ بما كسبت يده

فان كان العشق من النوع المحرم لم يبق إلا التخلّي عنه، وقد وعد سبحانه من جاهد نفسه على أن يبلّغه مطلوبه، فقال : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت/69 .

والعاشق له ثلاث مقامات : مقام ابتداء ، ومقام توسط ، ومقام انتهاء . فأما مقام ابتدائه ، قالوا : يجب عليه فيه مدافعته بكل ما يقدر عليه إذا كان الوصول إلى معشوقه متعذرا قدرا وشرعا ، فإن عجز عن ذلك وأبى قلبه إلا السفر إلى محبوبه – وهذا مقام التوسط والانتهاء - فعليه كتمان ذلك.6

الوقاية

أفضل العلاج هو الوقاية، يظل الإنسان بخير مادام بعيدا عن الفتن، إذا بدت إليه هرب منها، وفر عنها، وإذا رآها مقبلة عليه من بعيد أغلق على نفسه أبوابها، وأحكم سداد منافذها حتى لا تجد إليه سبيلا، فمثل هذا في عافية، قد أراح نفسه وطلب لها السلامة، والسلامة لا يعدلها شيء، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه.

فإذا ما طرق العبد أبواب الفتن وسبل الشهوة وتهاون في رد الشبهات، وإغلاق الأبواب أمام المغريات، انفتحت عليه أبواب البليات، فكم من قدم زلت بعد ثبوتها، وكم ممن ظن نفسه يحسن السباحة قد جرفه التيار فأغرقه في بحرها بعد أن كان زمانا على شاطئ السلامة، فما أشد طوفان الشهوات إذا انفتح بابُ ردِّه، وما أقوى سيلَ المغريات إذا انتقض بناءُ سدِّه

وقد ضرب الله لنا مثلا على لسان رسوله كما في الحديث الصحيح عن النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ، وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ ، فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ : أَيُّهَا النَّاسُ ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا وَلَا تتعوجوا ، وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ جَوْفِ الصِّرَاطِ ، فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ قَالَ : وَيْحَكَ ؛ لَا تَفْتَحْهُ ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ !!

وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ، وَالسُّورَانِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ مَحَارِمُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ )

رواه الإمام أحمد (17182) وصححه الألباني في ظلال الجنة (19) .

فحدود الله تبارك وتعالى وحرماته جعل سبحانه عليها ستورا من الممنوعات والمكروهات، ولا يتوصل الإنسان إلى انتهاك المحرم حتى يرفع هذه الستور، وعند ذلك يقع في الممنوع وينتهك المحظور، ومن رفع الستر وفتح الباب ولج ولابد، والمعصوم من عصمه الله.

إن الفرار من الفتن يحمي صاحبه من مقارفة الذنوب، والمتجرئ على الشبهات وبدايات المحرمات غالبا ما يقع فيها، فيتمنى في آخر آمره ألَّو ترك الستر مرخيا وظل بعيدا عن البلاء.7

و نتكلم هنا عن ثلاث من الممنوعات و المكروهات التي تستر العشق المحرم ألا وهي إطلاق البصر و اطلاق الخواطر والألفة في الاختلاط

1. إطلاق البصر

النظر بريد الزنا.. والزنا ليس بالضرورة زنا الفرج، بل يشمل كذلك زنا القلب بالعشق والغرام، وزنا اليد باللمس والاختلاط، وزنا القدم بالسعي إلى الحرام وأماكن الموبقات، ومن أقدَم على هذه المقدِّمات تجرأ بعدها ولابد على الفواحش والمنكرات. في الحديث: «كُتِبَ على ابنِ آدمَ نصيبُهُ منَ الزِّنى مدرِكٌ ذلِكَ لا مَحالةَ ، فالعينانِ زناهما النَّظرُ ، والأذُنانِ زناهما الاستماعُ» (صحيح مسلم [2657])، فبدأ بزنا العين لأنه البوابة إلى زنا اليدين والرجلين والقلب والفرج. ولا تستبعد المسافة بين زنا العين وزنا الفرج.. رحلة قد تطول أو تقصر، والشيطان لا يهمه بُعْدُ المسافات، فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوات، وهو متربِّصٌ بك، وفي الانتظار.

الإصرار على الصغيرة يقلبها كبيرة، وقد يكون الإصرار على النظرة أعظم من قليل الفواحش، ولذا قال ابن تيمية في قول يصدم المستهينين بالصغائر ومنها إطلاق البصر: "دوام النظر بالشهوة وما يتصل به من العشق والمعاشرة والمباشرة؛ قد يكون أعظم بكثير من فساد زنا لا إصرار عليه".

والله ما أطلق عبدٌ بصره إلا حُرِم الخشوع ابتداء والانتظام في الصلوات انتهاء! وأي شيء يبقى من دينك إذا ضاعت صلاتك؟! ولذا أوصَوْا: "من ترك فضول النَّظَر وُفِّق للخشوع".

مِنْ شؤم النظرة المحرمة أن أثرها يدوم في القلب كالنقش على الحجر، ولا ينقطِع هذا الأثر إلا بقطع مادته. قال ابن القيم: "إِطلاق البصر ينقش فِي الْقلب صورة المنظور إليه، والقلب كعبة، وما يرضى المعبود بمزاحمة الأصنام!"، ولذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: "الإثم حوازُّ القلوب، وما من نظرة إلا وللشَّيطان فيها مطمع".. وحوازُّ بتخفيف الواو وتشديد الزاي جمع حازَّة، وهي الأمور التي تحِزُّ في القلوب أي تؤثِّر فيها تأثيرًا طويلًا، و هذا ظاهر من دوام أثر النظرة بعد غياب المنظور إليه.

والنظر إلى الصور أخطر من النظر إلى البشر! لأنه يتم في غياب الرقيب، فيكون العبد عليه أجرأ، لا يستحي من نظر الخلق، فيجمع مع الذنب استخفافه بنظر الله إليه، ووِزر ذنوب الخلوت.8

ويُشخِّص ابن الجوزي مرضًا عضالًا يُصاب به مطلق بصره -وما أكثر جراحاته- فيقول: "يُعرِض الإنسان عن زوجته ويؤثر عليها الأجنبية، وقد تكون الزوجة أحسن، والسبب في ذلك أن عيوب الأجنبية لم تَبِن له، وقد تكشفها المخالطة، ولهذا إذا خالط هذه المحبوبة الجديدة، وكشفت له المخالطة ما كان مستورًا ملَّ وطلب أخرى إلى ما لا نهاية له". ثم يكمل وصيته أثناء صيده لإحدى خواطره فيقول: "ليعلم العاقل أن لا سبيل إلى حصول مراد تام كما يريد {وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة من الآية:267]، ما عيب نساء الدنيا بأحسن من قوله عز وجل: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ} [البقرة من الآية:25]".

2. إطلاق الخواطر

قال ابن القيم رحمه الله :

قاعدة : في ذكر طريق قريب يوصل الى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال وهي شيئان :

أحدهما : حراسة الخواطر وحفظها ، والحذر من إهمالها والاسترسال معها . فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء ، لأنها هي بذر الشيطان والنفس في ارض القلب . فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات ،ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم ، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال.ولا ريب أن دفع الخواطر أيسر من دفع الإرادات و العزائم ، فيجد العبد نفسه عاجزا أو كالعاجز عن دفعها بعد أن صـــارت إرادة جازمة ، وهو المفرط إذا لم يدفعها وهي خاطر ضعيف ؛ كمن تهاون بشرارة من نار وقعت في حطـــب يابس فلما تمكنت منه عجز عن إطفائها .

فإن قلت : فما الطريق إلى حفظ الخواطر ؟ قلت : أسباب عدة :

-أحدها : العلم الجازم باطلاع الرب تعالى ، ونظره إلى قلبك ، وعلمه بتفاصيل خواطرك .

-الثاني : حياؤك منه .

-الثالث : إجلالك له أن يرى مثل تلك الخواطر في بيته الذي خلق لمعرفته ومحبته .

-الرابع : خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر .

-الخامس : ايثارك له أن تساكن قلبك غير محبته .

-السادس : خشيتك أن تتولد تلك الخواطر ، ويستعر شرارها ، فتأكل ما في القلب من الإيمان ومحبة الله فتذهب به جملة وأنت لا تشعر .

-السابع : أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحب الذي يلقى للطائر ليصاد به .

فاعلم أن كل خاطر منها فهو حبة في فخ منصوب لصيدك وأنت لا تشعر.

-الثامن : أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي وخواطر الإيمان ودواعي المحبة والإنابة أصلا . بل هي ضدها من كل وجه ، وما اجتمعا في قلب إلا وغلب أحدهما صاحبه وأخرجه ، واستوطن مكانه . فما الظن بقلب غلبت خواطر النفس والشيطان فيه خواطر الإيمان والمحبة والمعرفة ، فأخرجتها و استوطنت مكانها ؟ لكن لو كان للقلب حياة لشعر بألم ذلك وأحس بمصابه .

-التاسع : أن تعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له . فإذا دخل القلب في غمراته غرق فيه وتاه في ظلماته ، فيطلب الخلاص منه فلا يجد إليه سبيلا . فقـــلب تملكه الخواطر : بعيد من الفلاح ، معذب ، مشغول بما لا يفيد .

-العاشر : أن تلك الخواطر هي وادي الحمقى وأماني الجاهلين . فلا تثمر لصاحبها إلا الندامة والخزي ، وإذا غلبت على القلب أورثته الوساوس ، وعزلته عن سلطانها وأفسدت عليه رعيته ، وألقته في الأســر الطــويل . كما أن هذا معلوم في الخواطر النفسانية ، فهكذا الخواطر الإيمانية الرحمانية هي أصل الخير كله . فإن أرض القلب إذا بذر فيها خواطر الإيمــــان والخشية والمحبة والإنابة والتصديق بالوعد ورجاء الثواب ، وسقيت مرة بعد مرة ، و تعاهدها صاحبها بحفظها ومراعاتها والقيام عليـــها ، أثمرت له كل فعل جمــيل ، وملأت قلبه من الخيرات، واستعملت جوارحه في الطــــاعات ، واستقر بها الملك في سلطانه واستقامت له رعيته . ولهذا لما تحققت طائفة من السالكين ذلك ، عملت على حفظ الخواطر؛ فكان ذلك هو سيرها وجل أعمالها . وهذا نافع لصاحبه بشرطين : أحـــدهم : ألا يترك به واجبا ولا سنة . والثاني : ألا يجعل مجرد حفظــها هو المقصود ، بل لا يتم ذلك إلا بأن يجعل موضعها خواطر الإيمان والمحبة والإنابة والتوكل والخشية ، فيفرغ قلبه من تلك الخواطر ويعمره بأضدادها . وإلا فمتى عمل على تفريغه منها معا كان خاسرا ؛ فلا بد من التفطن لهذا .

ومن هنا غلظ أقوام من أرباب السلوك ، وعملوا على إلقاء الخواطر وإزالتها جملة ،فبذر فيها الشيطان أنواع الشبه والخيالات .فظنوها تحقيقا وفتحا رحمانيا ، وهم فيها غالطون ، وإنما هي خيالات وفتوحات شيطانية ، والميزان هو الكتــاب النـــاطق ، والفطرة السليمة ، والعقل المؤيد بنور النبوة9

3. الألفة في الاختلاط

للاختلاط حدود وضحت في الثلاث أحاديث التالية

فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم وما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله إلا نصب له يوم القيامة فقيل له هذا قد خلفك في أهلك فخذ من حسناته ما شئت فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما ظنكم

وقال صلى الله عليه وسلم: ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه أحمد والترمذي

القاسم المشترك بين الثلاث أحاديث هو حدوث الألفة في وقت الاختلاط و بمجرد وجودها تؤدي إلى قتل الحياء في القلب ثم تكون الكارثة. اذا أردت أن تنجو من فتنة النساء فلا تذر الألفة تصل الى قلبك. فالالفة متى دخلت القلب تقتل الحياء وتطرده من القلب فتدخل مرحلة التجاوزات 10

العلاج

قال ابن القيم - رحمه الله - :

ودواء هذا الداء القتَّّال : أن يعرف أن ما اُبتُليَ به من هذا الداء المضاد للتوحيد إنما هو مِن جهله وغفلة قلبه عن الله ، فَعَلَيْهِ أن يعرف توحيد ربِّه وسُننه وآياته أولاً ، ثم يأتي من العبادات الظاهرة والباطنة بما يشغل قلبه عن دوام الفكرة فيه ، ويُكثر اللجأ والتضرع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه ، وأن يرجع بقلبه إليه وليس لـه دواء أنفع من الإخلاص لله ، وهو الدواء الذي ذكره الله في كتابه حيث قال : كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ، فأخبر سبحانه أنه صرف عنه السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصه ؛ فإن القلب إذا خلص وأخلص عمله لله : لم يتمكن منه عشقُ الصور ؛ فإنه إنما تمكن من قلب فارغ11

و حين سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية فيمن أصابته سهام ابليس المسمومة، فأجاب من أصابه جرح مسموم فعليه بما يخرج السم ويبرئ الجرح بالترياق والمرهم وذلك بأمور : " منها " : أن يتزوج أو يتسرى ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا نظر أحدكم إلى محاسن امرأة فليأت أهله ; فإنما معها مثل ما معها } وهذا مما ينقص الشهوة ويضعف العشق .

" الثاني " : أن يداوم على الصلوات الخمس والدعاء والتضرع وقت السحر . وتكون صلاته بحضور قلب وخشوع . وليكثر من الدعاء بقوله : { يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك وطاعة رسولك } فإنه متى أدمن الدعاء والتضرع لله صرف قلبه عن ذلك كما قال تعالى : { كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين } .

" الثالث " : أن يبعد عن مسكن هذا الشخص والاجتماع بمن يجتمع به ; بحيث لا يسمع له خبرا ولا يقع له على عين ولا أثر ; فإن البعد جفا ومتى قل الذكر ضعف الأثر في القلب . فليفعل هذه الأمور وليطالع بما تجدد له من الأحوال . والله أعلم .12

الخلاصة

لا خلاف على أنه لم يرى للمتحابين مثل النكاح، فان كان بالإمكان الزواج فهو الأفضل، فإن لم يكن بالإمكان الزواج منها فعليك بالاتي

1. غض بصرك

2. اشغل نفسك بالحق كي لا تشغلك بالباطل

3. احفظ خواطرك

4. ابعد عن هذا الشخص

5. اياك و الألفة.

6. استعن بالله و ادعو الله أن يصرف عنك السوء والفحشاء

7. ان كنت متزوجا فلتأتي أهلك

8. ان لم تكن متزوج فعليك بالزواج أسوة بقول النبي صلى الله عليه وسلم "مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِالصَّومِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"

9. التفكر في الحور العين وعيوب النساء

10. استحضر العذاب كما تستحضر لذة المعصية


المصادر

1. تفسير الطبري - سورة النساء - آية 28

2.  ابن القيم في كتابه الداء والدواء ص.244

3. ابن القيم في كتابه الداء والدواء ص. 214

4. ابن القيم في كتابه الداء والدواء ص. 222

5. محمد اسماعيل المقدم: العشق و علاجه (فيديو) من كتاب الحب في الميزان لابن القيم

6. ابن القيم في كتابه الداء والدواء ص. 252

7. ان تفتحه تلجه - اسلام ويب (مقال)

8. داء إطلاق البصر - طريق الإسلام (مقال)

9. طريق الهجرتين وباب السعادتين للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله -ص <206>

10. فتنة النساء للشيخ احمد جلال (فيديو)

11. ابن القيم في كتابه الداء والدواء ص.247

12. محمد اسماعيل المقدم (فيديو



   نشر في 02 يوليوز 2021  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا