دروس التدارك اليوم...نعمة أم نقمة ؟؟؟
نشر في 02 نونبر 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
تعتبر دروس التدارك اليوم شبح يهدد المنظومة التربوية من جهة و سرطان يلتهم ميزانية الأسرة من جهة أخرى, إذ أن اغلب الأسر اليوم تعاني من هذه الظاهرة لاجتياحها كل الأوساط التعليمية.
لذلك هل تعتقد أنّ هذه الدروس هي الحلّ ؟؟؟
1) تطور ظاهرة دروس التدارك:
لقد غزت هذه الظاهرة جميع المستويات التعليمية في السنوات الأخيرة مما ساهم في تدهور المستوى التعليمي لأطفالنا بشكل ملحوظ.
فبعد أن كان طفلك يتلقى المعلومة من الأساتذة ذوي الاختصاص و وفقا لنظام وقتي مضبوط, نجد اليوم العديد من الدخلاء على هذا القطاع الذين لا يمتلكون أدنى المقومات و المكتسبات التعليمية الأساسية.
فطفلك اليوم يستقبل كم هائل من المعلومات دون مراقبة واضحة لصحة و أهمية هذه المعلومات بالإضافة إلى نظام التوقيت الغير مدروس. إذ نجد أن العديد من الأطفال يقضون ساعات طويلة و متواصلة خلال هذه الدروس وأحيانا تٌدرس عقب الدوام المدرسي. وهو ما يؤثر سلبا على طاقة استيعابه للمعلومات و طريقة تخزينها. بالإضافة إلى الشعور المستمر بالإرهاق و الملل من التعليم و بالتالي النفور من الدراسة.
لذلك يبقى السؤال هنا هل فعلا طفلك يستفيد؟؟ أم يستفاد منه؟؟؟
2) دروس التدارك...غول يلتهم ميزانية الأسرة:
إنّ أغلب الأسر اليوم تعاني من مصاريف الدروس الخصوصية فقد أصبحت ظاهرة تهدد ميزانية كل العائلات. ولا أستغرب في هذه اللحظة و بينما تقرأ هذا المقال أنك تفكر فعلا في تكاليف دروس طفلك التي ستدفعها في نهاية هذا الأسبوع.
فبعد أن كانت هذه الدروس تقتصر على أسعار رمزية نوعا ما لتدارك جوانب النقص التي يعاني منها الطفل نجدها اليوم سوق للبيع و الشراء وعلى أثرها يتم تحديد مستوى الطفل. فمن يمتلك المال قادر على توفير أستاذ لكل مادة أو حتى أكثر من أستاذ لنفس المادة. و بالتالي تتوفر له فرص أهم من تلك المتوفرة لأطفال العائلات ذات الدخل المتوسط الغير قادرة على توفير نفس الحظوظ لأطفالها.
و من هنا نجد أن النجاح والتفوق العلمي أصبح يقتصر نوعا ما على الظروف المادية للعائلة. بالإضافة إلى خلق نوع من التفريق بين الأطفال وهو ما يؤثر سلبا على نفسية أطفالنا.
لذلك نجد أن أحلام الأطفال وطموحاتهم تتوزع من البداية حسب ظروفهم الاجتماعية.
3)طفلك بين دروس التدارك و الإبداع:
إن أغلب ما توفره دروس التدارك اليوم هو منهج تعليمي و تلقيني واضح بحيث يتم برمجة أطفالنا على فكرة تلقي المعلومة قبل الامتحان فقط ليتحصل على النتائج المتفوقة ولكن سؤالي المطروح أين الجانب الإبداعي في ذلك؟؟؟
نجد أن أغلب أطفالنا اليوم لا يبذلون أي مجهود للبحث عن المعلومة أو حتى الاعتماد على أنفسهم في تقصي الحقائق و المفاهيم العلمية بل إن أغلبهم اقتصروا على ما توفره هذه الدروس دون العودة إلى المناهج والقيام بالبحث و التحليل. مما يساهم في خلق جيل "النسخة الواحدة" أي أن الأطفال اليوم غير قادرين على الخلق و التفكير والإبداع. بل تقتصر مهاراتهم التعليمية على ما تقدمه هذه الدروس. دون اكتشاف فن التلذذ بالبحث عن المعلومة و التعمق فيها و معرفة حيثياتها الحقيقية.
من هنا نجد أن طفلي و طفلك يفقد كل القدرة على الخلق و الإبداع وهو ما يصنع جيل قائم على الاستهلاك فقط.
4) ما هو الحل إذن:
إليك إذا بعض الحلول للتخلص من إدمان دروس التدارك:
• المطالعة:
حاول أن تنمي في طفلك حب المطالعة و الإطلاع فما نلاحظه اليوم الكسل الشديد الذي يعاني منه هذا الجيل إذ أنهم يفضلون كل ما هو جاهز لذلك حاول أن تشجعهم على المطالعة كأن تحثهم على قراءة كتاب كل أسبوع و تقديم تقرير لك حول ذلك الكتاب و تخصص لهم مكافأة على ذلك.
• العمل الجماعي:
نجد أن العديد من الأطفال يمّلّون سريعا من مراجعة الدروس لوقت طويل بمفردهم لذلك أنصحك بأن تسمح لطفلك بإحضار بعض أصدقائه إلى المنزل للدراسة معه.
ذلك سيمنحه التحفيز للاستمرار في الدراسة لأطول وقت ممكن وكذلك سيساهم في تنمية شخصيته و تبادل المعارف بمشاركة أفكاره مع أصدقائه و سيشجعه على البحث أكثر ليثبت وجهة نظره أمامهم ولا ننسى طبعا الدور الاجتماعي إذ سيحسن ذلك طريقة تواصله مع محيطه. وبالطبع يجب أن تُخضع هذه الجلسات لمراقبتك حتى لا تخرج عن نطاقها المفروض.
•التعليم عن طريق الإنترنت:
نجد اليوم أن الإنترنت اجتاحت العالم و دخلت جميع المنازل ولكن للأسف أغلب الأطفال يقضون ساعات طويلة أمام شاشة الحاسوب إما لممارسة العاب الفيديو أو تصحف شبكات التواصل الاجتماعي. إذا لماذا لا نستغل هذه الساعات لتنمية قدرات أطفالنا و تعليمهم؟؟
توجد العديد من القنوات التعليمية الإلكترونية التي تقدم العديد من الدروس و المناهج في شتى المجالات و بطرق علمية مبسطة و ترفيهية. لذلك شجع طفلك على قضاء على الأقل ساعة في اليوم في متابعة هذه البرامج و تذكر دائما التحفيز أهم شرط كأن تخصص له هدية بعد كل مرحلة ينهيها في هذه البرامج.
• البرامج التلفزيونية:
إنّ هذا الجهاز ورغم أهميته اليوم لم يقع استغلاله بالطريقة الصحيحة فأطفالنا اليوم يقضون ساعات طويلة أمام هذا الجهاز إما لمشاهدة الصور المتحركة أو المسلسلات و البرامج التي لا تتناسب مع أعمارهم. فلماذا لا نخلق عادة مفيدة لدى أطفالنا و نستفيد من هذا الجهاز؟
توجد العديد من القنوات التعليمية التي توفر عدة دروس مبسطة في الرياضيات, التاريخ, الأدب, العلوم و غيرها. فلماذا لا نحث أطفالنا على مشاهدة هذه القنوات على الأقل لمدة ساعة يوميا. فإن كان طفلك يعاني من ضعف في مادة ما بإمكانه تدارك ذلك بوسيلة يحبها و بأقل التكاليف.
ومن هنا نجد تتعدد مخاطر دروس التدارك اليوم فرغم ما توفره من مميزات ظرفية إلا أنها على المدى البعيد قادرة على خلق جيل الفكرة الواحدة أي جيل يخلو من كل مقومات الإبداع الفكري و المعرفي و البحثي.
وبعد كل هذا هل مازلت تعتقد أن دروس التدارك هي الحل فعلا لنجاح أطفالك؟؟