نيجيريا ما بين 2011 و 2015.. رصد وتعليق - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

نيجيريا ما بين 2011 و 2015.. رصد وتعليق

انتخابات الرئاسية النيجيرية لعامي 2011, و 2015, ورصد لأوضاع البلاد

  نشر في 18 غشت 2014 .

كان ملف الإعجابات للرئيس غودلاك جوناثان هو الأكثر ثأثيرا والأكبر ضجيجا من بين ملفات رؤساء نيجيريا الأحياء منهم والأموات..فهو كنظيره الأمريكي باراك أوباما؛ إذ دائما تتطلب خطاباتهما وقرارتهما من النقاد والمحللون أن يعيدوا النظرَ في آرائهم تجاههما.

لم يسلم رئيس أشهر دولة في افريقيا من الانتقادات, كما أنه لم يخلُ من مدح المُعجِبيْه والمؤيّديه؛ ففي عهده توسع نطاق الاقتصاد للبلاد – وما علوّ الناتج الإجمالي لنيجيريا ببعيد, وبدأت القطاعات الكهربائية تحس بشيء من التحسن, كما أن في عهده حاولت المؤسسات البيئية والزراعية رفع مستوياتها وفعالياتها ..لكن, يبدو أن بعض قرارات الرئيس وسلبياتها التي أثْرَتْ الانتقادات الموجهة إليه أقوى وأهمّ من التي يتباهى بها المؤيدون..

قبل و بعد انتخابات 2011 ..قرارات وألغاز

أحدثت القرارات التي اتخذها غودلاك جوناثان فترة رئاسته خلفا للرئيس الراحل عمر موسى يارادوا (رحمه الله) ضجيجا بين أوساط المواطنين, وبدأ الناس يشكّكون في صدقيته إذ جلّها تعتبر انتصارا لسارقي ثروات البلاد والمفسدين, ومن هنا بدأت الآراء تختلف عن إذا ما ستنتخبه الأغلبية في الانتخابات القادمة حينها في عام 2011.. ومن الذي ينتخبه الناس بدلا منه..ومع ذلك, فانتخاب شخص آخر بدلا من غودلاك جوناثان أمر في غاية الصعوبة؛ وذلك لأن المرشحين – في نظرهم – غير واضحي البرامج والخطة, كما أنهم ليسوا سوى نسخ من الرؤساء السابقين الذين أربكوا المواطنين بسياساتهم ونفّروا الشبان من إدلاء الأصوات أثناء الانتخابات, وآخرون في سيرتهم السياسية لا يقومون إلا بشراء الأصوات..

ومع عدد من التوجيهات من مؤيدي غودلاك والتماس بعض النقاد له الأعذار, خاصة وأنه لم يمكث في الرئاسة إلا شهورا, وهذه الشهور لا تكفي للقيام بالإصلاح المأمول خاصة في بلاد كنيجيريا مع كبرها وكثافة سكانها… ومن هنا بدأوا ينتظرون ذلك الوقت الذي يصحح فيه غودلاك جوناثان أخطاءه ومساره..لكن, لم يزد الرجلُ الطين إلا بلة..

فاز جوناثان في انتخابات 2011 الرئاسية بطريقة أو بأخرى, وهزّ فوزه البلاد مما جعل بعضهم يصرحون بأن تلك الانتخابات غير نزيهة, واتّهم الآخرون رئيس الحزب المعارض له بالنفاق وذلك بعد لقاء سريّ دام بينه وبين جوناثان قبيل الانتخابات بشهور.. وما زالت حقيقة فوزه حديثا في أوساط المحلّلين والسياسيين.. هكذا صار رئيسا للبلاد للمرة الثانية بعد أن انتهت أيام رئاسته خلفا للرئيس الراحل.

وبالرجوع إلى التأريخ.. بعد اكتشاف الحقول النفطية في منطقة نيجر- دلتا (Niger Delta Region) الغنية بالنفط في عام 1971؛ وصل التنقيب في نيجيريا إلى معدل لم يسبق له مثيل مع الملايين من البراميل التي تخرج من بطون الأرض كل يوم. وبالرغم من عائدات تلك الحقول الهائلة لم تزل البطالة والجرائم تزدادان بشكل مرهب، كما أن إضرابات كل قطاع من قطاعات الدولة متواصلة ومستمرّة ، ولا يزال الملايين من المتخرجين عاطلين عن العمل؛ إما أن ترفضهم المؤسسات والشركات, أو لا يعثرون على وظائف معقولة, بغضّ النظر عن أولئك الجامعيّين الذين يبيعون كروت الشحن في شوارع البلاد والطرقات.

كتب أحد النقاد في تدوينه: إن حكومته تتدفق مع المد والجزر, فإدارته تقول لنا: ” نريد أن نسمع منكم “، بدلا من أن يقوم بما يستحق القيام به كقائد ورئيس الدولة, فمثله كمثل كل رؤساء نيجيريا السابقين، إلا أن حكومته تميزت بالإضرابات المتواصلة, كما أن طريقة تعاملها مع مشاكل البلاد حتى الآن؛ تجعل البعض يعتبرونه قائدا جبانا الذي دائما ينتظر تضخّم المشاكل قبل البحث عن الحلول.

وكما ينبغي الذكر هنا, كانت السياسات الاقتصادية للرئيس جوناثان أيضا مضحكة, فعندما غادر الرئيس السابق اولوسيجون اوباسانجو (Olusegun Obasanjo) منصبه، كانت نيجيريا خالية من الديون، لكن بعد مكوث غودلاك بضعة شهور فقط في السلطة، بدأت الحكومة تتسول وتبحث عن طرق الحصول على قروض ..مع أنها غير مبررة وأسبابها غير معروفة. فإذا كان الرئيس أوصلنا إلى هذه الديون في بضعة أشهر فقط، فالله وحده أعلم عما سيفعله قبل نهاية ولايته الراهنة وفيما إذا فاز في الانتخابات القادمة.

كتب محمد جمال عرفة في إحدي مقالاته: ..فالذي لا شك فيه أن هناك أبعاد أخرى في الأزمة الرئاسية يمكن القول أنها أبعاد نفطية، فالرئيس جوناثان ينتمي إلى عرقية (إغبو) المهيمنة في دلتا نهر النيجر المنتجة للنفط وكان قبل هذا حاكما لولاية (بايلسا) المنتجة للنفط ، ويقول تقرير لمعهد ستراتفور الأميركي للدراسات الاستخبارية إن حزب جوناثان الذي تنضو تحت مظلته فصائل من مختلف أنحاء البلاد يتمتع بمزايا يفتقدها حزبا المعارضة اللذان ينافسانه في انتخابات الرئاسة منها سيطرته على ثلاث ولايات منتجة للنفط هي : بايلسا والدلتا وريفرز. .

الفساد شيء, وفقدان الأمن شيء آخر ..

كان الاختلاس والفساد من الأخلاقيات الاجتماعية السيئة في نيجيريا؛ والذي ينظر اليهما على انهما التهديد الرئيسي للمؤسسات العامة والخاصة. فالفساد في الحكومة يقوض النظم الهشّة من خلال تأجيج خيبة أمل شعبية مع السياسة والساسة. كما أنه يقوض الثقة، التي هي ضرورية لدعم وتطوير معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي لم تحلّ حتى الآن، فقضية الفساد والاختلاس صارت مقلقة وغير مأمونة العواقب..

ومن أبرز ما يلحظه المتابع للأحداث الجارية في البلاد؛ فقدان الأمن القومي.. فقد تدهورت الأوضاع الأمنية, ولا شكّ. فالمسؤولية الأساسية للإدارة الحكومة هي حماية الأرواح والممتلكات, ولكنْ في كل بقاع البلاد؛ أصبحت الحياة اليومية وحشية سيئة، فالناس يُقتَلون بالقنابل والرصاص وجميع أنواع الأسلحة, وقد أثبتت الحكومة عجزها وفشلها في هذا المجال.. ومن يدري إذا كان للحكومة أهداف غير معلنة وراء هذه الوفيّات وما يطلق عليه بعضهم” الإرهابيّات “..!

يقول محمد جمال عرفة: “..ويأخذ عليه منتقدوه أيضا انه لم ينجز شيئا لتطوير شمال البلاد حيث نسبة البطالة الكبيرة والفقر، ولم يواجه حركة تمرد بوكو حرام التي قتلت ألاف الأشخاص خلال خمس سنوات ، حتى إن البعض يقول : انه إذا كان جوناثان أبدى هذا الحد من عدم الاكتراث بمصير فتيات شِيبوك (Chibok) ، ذلك لأنه لا يعتبر نفسه معنيا بمصير سكان الشمال”.

وفيما نشرت إحدى الصحف عن ” أمينو بللو ماساري”, قال : ” أداء الإدارة الحالية تحت قيادة الرئيس جوناثان مخيب للآمال جدا، فهي – أي الحكومة – لم تقم بأي شيء، لا الأمن، ولا الكهرباء، وليس هناك شيء يمكنك الإشارة إليه أنه هو ما حققته الحكومة الحالية “.

وفي مجاوبة لإحدى القنوات, يقول أحد الشبان: “إذا ما سنحت لي الفرصة بأن أنصح أو أسدي قطعة من كلمة إلى الرئيس، فسأقول له: إن وظيفتك مخففة ومسهلة: فقط عليك أن تحارب الفساد وتوفّر الأمن للنيجيريين, وبعدهما؛ يمكن للبلاد أن يجري بنفسه كسيارة بلا سائق.”

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل مشاكل دولة نيجيريا تكمن في شخصية الرّئيس أم تكمن في عقلية حزبه الذي يعتبر أقوى الأحزاب النيجيرية منذ سنوات؟

..أو أنه ينبغي للنيجيريين إعادة النظر في مساراتهم حتى يتمكنوا من احتواء الأوضاع السيّئة ثم تقديم حل فعال لها…؟

انتخابات 2015 ..هدف غير معلن أم تغيير في السياسة؟

لم يعلن الرئيس جوناثان نيّته لخوض الانتخابات القادمة بعد, لكن أغلب الظن أنه سيرشّح نفسه وذلك بعد عدد من التلميحات من رئاسته ولما يقوم به الرئيس من إعاقة أعمال الحزب المعارض, بدءا من إقالة الوزراء وعزل بعض حكام الولايات المعارضين لبعض قراراته الخطيرة وسجن رموز السياسيين الذين قد يشكلون السدود لفوزه؛ فكلها تبدو كسلاحٍ للحفاظ على مقعده في انتخابات 2015…

يقول “الرفاعي”, أحد أبرز المعارضين لحكومة جوناثان وهو يحدّث الصحفيين:

“نريد انتخابات ذات مصداقية حتى نتمكن من طرد أولئك الذين اختلسوا أموال العامة, ودمروا مؤسساتنا”.

وقد أرجع البعض الآخر أسباب فشل حكومته إلى حزبه, فالرئيس غودلاك جوناثان ينتمي إلى حزب الشعب الديمقراطي, وهو الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس السابق.

هذا, وقد دعا عدد من الأحزاب إلى إلغاء القاعدة المتعارف عليها – خاصة لدى حزب الشعب الديمقراطي -؛ وهي تقضي بترشيح مسلم من الشمال ثم مسيحي من الجنوب ، أو العكس..وذهب هؤلاء إلى أن هذه القاعدة نفسها من أخطر مشاكل الدولة.

يقول الرفاعي إن الحزب الحاكم هو سبب المشكلة, ” حزب الشعب الديموقراطي هو المشكلة الكبرى, وتأييد هذا الحزب أيضا مشكلة في حدّ ذاته. المشكلة الرئيسة في نيجيريا هي الحزب السامّ والذي يسمى بـــ (PDP) أي؛ حزب الشعب الديموقراطي.”

وتابع حديثه بالإشارة إلى الانتخابات الرئاسية عام 2015 : “لا أعتقد أن الشمال والجنوب هي المسألة، فالذي تحتاجه نيجيريا هو الرئيس المقتدر، سواء كان من الشمال أو الجنوب..”

” نريد حكّاما أكفاءا الذين يخدمون الوطن، سواء كان لونه أزرق أو أسود، من القمر أو الجنوب, فنحن لسنا قلقين عن ذلك، وأعتقد أنه يجب على النيجيريين وقف الانتخاب والتصويت على أساس “من أين جاءوا”. فالرئيس جوناثان هو الرئيس الأكثر غباءا في تأريخ نيجيريا.”

..ومع كل هذه الإنتقادات, فما زال بعض الناس يرونه الرئيس المثالي, وأنه ما زالت لديه الفرصة لامتلاك نفوس الملايين, وقد غرّد أحدهم: “نحن مجتمع متشائم جدا”، وواصل تغريده قائلا : “هناك أناس يحبونه, وهناك آخرون لا يحبونه، لكن الحقيقة أنه إذا ما بدأت قراراته وسياساته تُؤتي ثمارَها, فسوف يكسب المزيد من المحبين والمؤيدين.”

ويقول أحمد : “لقد قمنا بالبحث من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلي الغرب ولم نجد بديلا للرئيس جوناثان”، واصفا الدعاية التي تقوم بها المعارضة بالمحاولات اليائسة وأن الهدف منها هو الوصول إلى الحكم بأي شكل من الأشكال ” .

ولعلّ هذا جعل المراقبين يذهبون إلى إنه “إذا قرر (جوناثان) الترشح إلى ولاية ثانية فإنه لن يحصل حتى على عشرين بالمائة من الأصوات” ، فيما يرى آخرون أنه قد يخرج جوناثان منتصرا من هذه الأزمة إذا تم الإفراج عن الفتيات المختطفات سالمات ما قد يستغله أنصاره للمطالبة بتجديد ترشيحه للرئاسة 2015.

والسؤال القائم الآن هو, إلى متى ينتظر النيجيريون تفعيل قرارات رئيسهم, ومتى تكون ثَمَرة ناضجة وجاهزة للأكل؟ وهل سيفوز هذا الرئيس في انتخابات العام القادم؟

..لكن، علينا أن ننتظر 2015 لنعرف إذا ما كان المعارضون حقيقة ليسوا كالمفسدين أو أنّ دعاياتهم ضد جوناثان هي فقط للوصول إلى السلطة – لا غير، أو إذا ما كان المواطنون أنفسهم سيفضّلون أن يوزّع عليهم الأرز والأضاحي مقابل بيع أصواتهم لرئيسٍ ربما لا تعدو برامجه الإصلاحية قُبعتَه السوداء “المزعجة”..

..ويبدو أن العام القادم يحمل لنا المفاجئات أكثر مما نظن, فلا يسعنا إلّا أن نضع أيدينا على الذقون، فغدا لناظره قريب!

المصدر: مجمع الأفارقة


  • 5

  • حكيم نجم الدين
    متخصص في الأصول الاجتماعية والقيادة والإدارة التربوية, ومهتم في الشئون الإفريقية.
   نشر في 18 غشت 2014 .

التعليقات

Mahassine منذ 10 سنة
جميل أن نعرف تاريخ الدول من مقالات كهذه , ليس مثل المقالات المملة التي عهدناها
0
حكيم نجم الدين
وجميل هو مروكم العطر يا سيدي... وتقبلوا تحياتي, وجزيم خيرا

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا