الجهل هوعدم العلم في موضوع معين أياً كان هذا الموضوع ، والتعريف الإصطلاحي له يفنده في ثلاثة أقسام:

أولاً الجهل البسيط وهو فهم الموضوع دون الإحاطة بجميع تفاصيله.

ثانياً الجهل الكامل وهو عدم الإدراك الكامل للموضوع.

ثالثاً الجهل المركب وهو فهم الموضوع بشكل خاطئ ويعد هذا أخطر أنواع الجهل.

نستنتج من تفنيد مصطلح "الجهل"، أن وصف مجموعة من الأشخاص أو مجتمع بأكمله بالجهل، ليس فيه أي إهانة علي الإطلاق، فإدراك الجهل، واِستئصاله أفضل من التعتيم عليه، والاِستسلام لعواقبه دون مناوئته، الجهل نتيجة مترتبة علي الفقر، والفقر نتيجة حتمية لنهب ثروات البلاد من الطبقة الرأسمالية والسلطة التي تتفنن في تطويع القانون لخدمة أصحاب رؤوس الأموال.

في ظل السعي المطلق وراء "لقمة العيش"، يترعرع الجهل في المجتمع بالحقوق والقوانين، ويظن العامل البسيط أنه مُعيل لأسرته بفضل هذه الطبقة، ولابد أن يتقبل تجاوزات الأجهزة الأمنية لأنها تنشر الأمن والنظام في المجتمع، وأن مطالبته بحقوقه نكره، لأنه سوف يصبح من المغضوب عليهم من النظام، ولكنه في الحقيقة لا يدري أنه هو السبب الرئيسي في قيام الدولة ولولاه ماقامت الدولة، وأن جهله بحقوقه يندرج في مقدمة الأسباب التي بناءاً عليها تم نهب ثروات بلاده ومجهوده العضلي والفكري، وإهانة كرامته سواء أكانت من قبل تجاوزات الأجهزة الأمنية أو إقناعه بأنه مُدين بالفضل لأصحاب رؤوس الأموال، وتهميشه من الحياة السياسية.

استغلال جهل المجتمع مُعضلة برجماتية ذميمة منذ آمد ومازالت مستمرة لحد الآن ، علي غرار الطبقة الرأسمالية التي تسيطر علي مقاليد الحكم في الدولة استغلالاً لجهل الطبقة العاملة بالقانون، أستخدمت النخب الدينية المزعومة جهل المجتمع في وقت من الأوقات رغبة في تقلد مناصب سياسية أو الأستحواذ علي السلطة بالأساليب البرجماتية تعني " أن نجاح العمل هو المعيار الوحيد للحقيقة" أو الأساليب الميكافيلة المقصود بها "الغاية تبرر الوسيلة".

خلال القرن العشرين رشح الأستاذ أحمد لطفي السيد- رحمه الله- لعضوية البرلمان، ولكي يستطيع منافسه التغلب عليه أستغل جهل البسطاء، وقام بالترويج أن الأستاذ - والعياذ بالله- "ديموقراطي"، ولأن جهل المجتمع هو سلاح الآفاق في جني مكاسبه السياسية والمادية، أنتصر هذا المرشح علي الأستاذ أحمد لطفي السيد في المعركة الأنتخابية، ولكن التاريخ نصف وأصطف وراء الأستاذ أحمد لطفي السيد وهمش نظيره المحتال.

بعد ثورة يناير المجيدة، وبواسطة التلفزة الدينية والندوات، روج العديد من النخب الدينية بفساد وفُجر التيارات الليبرالية واليسارية والعلمانية، وهدف هذا الترويج إلي استغلال جهل الطبقة العاملة لحصد أكبر مكاسب سياسية ممكنة.

كما يعتبر الجهل وسيلة للآفاقين في جني مكاسبهم السياسية والمادية، يندرج الجهل أيضاً ضمن الأسباب المؤدية إلي الديكتاتورية الذكورية، وما تتعرض له البنات في بعض المجتمعات من حرمان من التعليم، وظاهرة الختان الممقوته، وترسيخ الشعور بالأنكسار والضعف في وجدانهم وعقولهم، وغيرها من الأنتهاكات الصريحة التي تسيطر عليهن بفضل الهيمنة الذكورية، مقاومة الذكورية ضرورة لازمة، وتوعية البنات بإختلاف أعمارهم بدورهم المرموق في المجتمع، هن الحلول الوحيدة لبناء أجيال جديدة مُنشقة علي المنوال المألوف، مكافحة الجهل تاج يُزين رؤوس المكافحين.