بينما انا أدرس فى سنة ثالثة جامعة فى كلية تجارة جامعة الاسكندرية واستعد لامتحانات نصف العام , حيث كان العام الرابع لي فى تلك الكلية وسط أزمات دراسية ونفسية كبيرة اتعرض لها .. وجدت بعض دعوات الالكترونية للنزول فى برد يناير 25 \ 2011 للتظاهر ضد انتهاكات جهاز الشرطة اينعم انى كنت لست مشغولا بتلك الامور على قدر انشغالى كأى طالب مصرى قبل امتحانه " بيومين " ان ينجح فى تلك المادة .. ينجح بدون تقديرات وبدون امتيازات .. ينجح فقط ليعبر .. نعم .. نحن نحب اللحظات الأخيرة لتحقيق انتصارات عظيمة !!
جاء يوم 25 يناير وسط توقع شخصى منى انه سيذهب وان لا تغيير سيحدث وبالمناسبة كان عيد ميلادى فكنت مشغول بيه اكتر وانا عندى 23 سنة ولكن بداخلى اتمنى ان يغير هؤلاء الشباب الديار وان يكتبوا اسمائهم بحروف من نور
ذهبت فى الثامن والعشرين من يناير الى امتحانى يوم "جمعة الغضب " لا وجود لاى شبكة اتصال او انترنت فذهبت قبل الموعد بساعة خوفا من ان يكون هناك اى عطل بالطريق وبعد الامتحان خرجت واتمنى ان أرى اى جديد لأجد نفسى محاط بملاحم بين الشباب والأمن .. لم اتصور دقيقة ان يهزم الجمع الامنى وان اشارك فى ذلك .. جريت مع الشباب الحر وهتفت معهم ولأول مرة اشعر انى حر سمعت لأول مرة شاب مر بجوارى " يسقط يسقط حسنى مبارك " ايه ده " ده مجنون .. ده احنا بنخاف نقول اسمه على القهوة " ..نعم تربينا " على امشى جوا الحيط " و " الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح " ولم استطع ان اوصف تلك اللحظات التى انكسرت فيها اصنام العبودية والذل وجاء هتاف الحرية ليحيى من جديد نفوس ظلت بعيدة او شبه ميتة لا حول لها ولا قوة واستمرت النبضات مع الضربات ويقترب الموعد وننتصر فى المزيد من الجولات حتى يأتى يوم رحيل الطاغية .. نعم انتصرنا اخيرا .. ام ظننا اننا انتصرنا .. ؟!!
اليوم وبعد 5 اعوام استطيع ان اقول ان انتصارنا كان جزئى وليس كامل " من قام بنصف ثورة فعليه حفر قبره او دخول معتقله .. كان النصف الاول منها عندما انزلنا الطاغية من على عرشه بعد 30 عام من الذل والفساد ولكن لم نكمل هذا الانتصار بنصف تانى يشفى الصدور فقد توقف اى انتصار يوم ما تركنا الميادين وظننا ان معركتنا انتهت فبدأت قوى الثورة المضادة عملها ضدنا من بعد يوم 11 فبراير 2011 وهى تخطط حتى نجحت ووصلت بمصر أقدم امم التاريخ حضارة لان تصبح هى رمز الذل والهوان وان يكون الكثير من شبابها بين مهاجر ومطارد ومعتقل ومقتول وان يشمت اهلها فى مقتل بنى جلدتهم وان تتجلى فيها كل معانى الظلم والقهر والهوان .. ولكن استطيع ان اقول شكرا لتلك الايام التى غيرت هذا الولد على كل المستويات فقد تغيرت كل مفاهيمى الى الافضل وتعرفت على الكثير من الافراد ولولا الثورة ما عرفتهم وكسبت العديد من العلاقات وقرأت مئات الكتب وقابلت مئات الشخصيات .. نعم لم ننتصر .. نعم نحن مهزومون اشر هزيمة ولكن استطيع ان اقول ان سأربى ابنى الا يخشى الا الله وليس كما علمنى أهلى " امشى جنب الحيط وفى ناس بتقول جوا الحيط " استطيع ان اعلمه ان كلما اراد المرء ان يحيا .. كلما واجه الظلم وحمل راية العدل..
استطيع ان اعلمه شيئا قد يساعده يوما ان يصنع مجدا لاهله وبلاده ودينه لم يستطع يوما ان يفعله ابيه ..
-
Ahmed Dioufاحب القراءة واعمل فى التصوير والمونتاج والاخراج وباحث فى التاريخ وخصوصا التاريخ الاسلامى