ثورة التفكير ..... خطوة التغيير - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ثورة التفكير ..... خطوة التغيير

الكاتب : بلال محمود ابو طير ...... مشرف تربوي

  نشر في 17 ديسمبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

ثورة التفكير ..... خطوة التغيير

لا شك أن الإنسان قد مُيز عن غيره من المخلوقات بنعمة عظيمة وهي نعمة العقل التي جعلت من الإنسان السيد على هذه البسيطة , رغم امتلاك بعض الكائنات من القوة والذكاء والسرعة و الجرأة أكثر مما يملك الإنسان , ولكن نعمة العقل جعلت الإنسان يتحكم فيها ويعمل على إخضاعها له ليس بقوة الجسد وانما بقوة العقل والتفكير .

و بهذه النعمة وهذا الاختيار أصبح من أولى مهام الإنسان أن يُعْمِل هذا العقل بما يخدم البشرية وسائر الكائنات التي وجدت على هذه البسيطة من خلال توظيف العقل و استخدامه في التطوير و الإنتاج وتوظيف الموارد الطبيعية بما يحقق التوازن في مكونات النظام البيئي .

على مستوى العنصر البشري ظهر التمايز في توظيف العقل و إعماله في عملية التعلم التي يتعلم من خلالها الأفراد المبادئ والأسس المعرفية والقيم والأخلاق والعلاقات الاجتماعية .

فالتربية و التعليم هما من أهم العوامل التي ترسم معالم المجتمعات و الأمم , و أيضا مشاركة هذه المجتمعات في خدمة الإنسانية وتقديم إنجازات علمية و أدبية , لا شك أن حجم الإنجاز العلمي والأدبي يجعل للأمم مكانة تختلف عن الأمم والمجتمعات التي تكون عالة على غيرها؛

لذلك كانت هناك صرخة وحاجة لنا كأمة عربية و إسلامية قدم أسلافنا للعالم من أنواع الفنون و الاختراعات وعلوم الطب والهندسة والمعمار و الكيمياء و الفلك الكثير الكثير , حتى قامت حضارات على هذه العلوم , و لنا أن نتساءل ما هو نتاج ما تقدمه مناهجنا و أنظمتنا التعليمية المعاصرة في مجال الاختراع والإبداع و الإنجاز العلمي للبشرية ؟ و ما هي حصيلة إسهامنا كأمة عظيمة من بين الأمم في خدمة الانسانية ؟

الإجابة بلا شك تستدعى منا دراسة واقع التعليم من حيث الإنجازات والإخفاقات و الوسائل والأهداف , و الأنظمة ومكونات المنظومة التربوية , و دراسة واقع المدرسة و المعلم و إدارات التربية و التعليم و كليات التربية و أنظمة إعداد المعلمين , و دراسة المنهاج من حيث المحتوى والأهداف وطريقة العرض والأسلوب و أسس التقويم و دراسة أنظمة التجارب الناجحة التي حققت الإنجاز على مستوى الإبداع وعلى مستوى الاختراعات و رفاهية الأفراد و مجالات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للمجتمعات .

في الواقع إن إحدى الإجابات عن هذه الأسئلة الكثيرة , والكبيرة المشروعة في عملية النهضة التي نريد , أننا نحتاج إلى ثورة في التفكير حتى نحقق التغيير الذي نريد , هذه الثورة تستهدف المؤسسات التربوية في الوطن العربي و الإسلامي , وتغير طريقة التفكير في بناء المحتوى التعليمي بما يحقق تنمية مهارات التفكير , تغير طريقة إعداد المعلم العربي و الإسلامي من معلم مشرف و موجه لعملية التعليم و التعلم الى معلم محفز و منشط لعمليات التفكير و الإبداع , تغيير أسس التقويم من معايير تهتم بالحفظ و الاستظهار إلى معايير تنمي عمليات العقل بالتفكير والإبداع .

يقول أحد المفكرين اليابانيين " إن الشعوب تعيش على موارد تدوسها أسفل أقدامها , أما نحن فنحمل فوق أكتافنا موارد دائمة لا تنضب وهي العقول "

إذاً النظرة الحديثة للشعوب هي نظرة تنمية العقول و الاستثمار في تنمية النشء و تطوير عقول الأجيال بمهارات التفكير و الإبداع لأنها موارد لا تنضب , أما الموارد الطبيعية مع أهميتها فهي موارد عرضة لان تنضب وتنتهي , ونحن كأمة عربية و إسلامية , نعيش في مكان زاخر بموارد الطبيعة

في الحقيقة نحتاج إلى ثورة جديدة نوظف من خلالها الاستثمار في إعداد وتوظيف البيئة التعليمية و المؤسسات التربوية و المؤسسات الإعلامية من أجل تطوير التفكير لأنه يعتبر خطوة نحو تغيير الواقع التعليمي ومخرجات العملية التعليمية , وهو ثروة دائمة متجددة مربحة لنا كأمة و للعالم بأسره .

ولعل سائل يسأل : لماذا التفكير ؟

ينادي كثير من التربويين والباحثين بضرورة تدريس التفكير للطلاب كمطلب عصري تفرضه المتغيرات الحياتية المعاصرة , لأنها لا تنمو بصورة تلقائية بالنضج والتطور الطبيعي , بل من خلال تعليم منظم هادف لهذه المهارات , كما ينمي القدرة على التخيل والعمل العقلي و الصور الذهنية للمواقف , تعلم التفكير ينمي طرق مواجهة المشكلات وتقديم الحلول الإبداعية لها , وتعليم التفكير يعتبر ذا أهمية أكبر للطلبة الأذكياء , لأن هذا الاهتمام بدراسة الشخص الذكي يعمل إلى تحويله إلى الشخص المبدع و تنمية العوامل التي تسهم في إبداعاته ، هي من أهم مسارات التعليم الحديث

أصبحت تربية العقول المفكرة وتنمية التفكير الإبداعي غاية مستهدفة على مستوى المجتمع والتربية بمؤسساتها المختلفة و هدفاً مُهماً على مستوى مراحل التعليم المختلفة داخل هذه المؤسسات و لعلنا نقف في هذه النقاط على تعريف التفكير و أهم خصائصه وما تأثيره على الأفراد و المجتمعات

فالتفكير نشاط ذهني عقلي معرفي يستوجب إعمال العقل بعدد من العمليات المعقدة للإدراك والاستبصار وحل المشكلات بطرق إبداعية ونقدية وعلمية و منطقية .َ

ومن أهم خصائصه : أنه سلوك هادف لا يحدث من فراغ أو بلا أهداف , سلوك تطوري يزداد تعقيداً مع نمو الفرد وتراكم خبراته وتجاربه , و التفكير الفعَّال غاية يمكن بلوغها بالتدريب و الممارسة , وينطلق التفكير من الخبرة الحسية فهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنشاط العلمي للإنسان و التفكير الإنساني جزء عضوي وظيفي في بنية الشخصية فنظام الحاجات و الدوافع و الانفعالات و الاتجاهات و الميول ينعكس على التفكير الفرد .

إنَّ الناظر إلى الشعوب والأمم من حولنا يجدُ الاهتمام البالغ بالتفكير ومهارته وطرق تعليمه و كيف عمل التفكير على تغيير حياة هذه الشعوب وتغيير واقعها إلى الأفضل , فعلى سبيل المثال تغير واقع اليابان بعد الحرب العالمية الثانية المدمرة , بينما تحتل اليوم اليابان صدارة الأمم من الناحية التنموية و الاقتصادية وذلك لأنها تبنت سياسة التفكير وثقافة التعليم المعتمد على التفكير وغيرت من النظرة القديمة لعملية التعليم عبر المؤسسات التربوية المختلفة , إلى تعليم يعتمد على الإبداع و تحفيز التفكير و إثارة التساؤلات .

و أيضا دولة نامية مثل ماليزيا تقفز قفزات هامة في الوصول إلى صدارة الأمم وتغير موقعها في ترتيب الأمم , وذلك يرجع على اعتمدها على المناهج والمقررات التي تُبنى على التفكير حتى وصل الحال بهم أن يجعلوا مقررات مخصصة تدرس في المدارس والجامعات تعلم الطلبة التفكير وتُدرس لجميع الطلبة في هذه الجامعات والمدارس .

نحتاج كأمة عربية و إسلامية إعادة النظر في النظم التربوية , من مؤسسات و إدارات تربوية و كليات مشرفة على إعداد المعلمين و إعادة صياغة مناهج التعليم بما يتيح إعمال العقل وتوظيفه في عملية التعليم و التعلم للوصول إلى واقع أفضل مما نحن فيه , واقع يسجل الإبداع و التميز و الاختراع لخدمة أنفسنا أولاً و خدمة الإنسانية ثانياً .

هذا صوت وصرخة تحاول أن تصل إلى آذان من يهمهم الأمر , و بالاعتقاد بأن الجميع يهمه الأمر لأنه لا يوجد أهم من أجيالنا القادمة , و حتى تترجم هذه الفكرة في واقعنا العربي والإسلامي تحتاج إلى البيئة الحاضنة لها , وتوفر الظروف و الإمكانات المناسبة , نعلم أن الواقع يعتليه بعض الألم و الحسرة و اليأس , ولكن لابد من تغير لهذا الواقع , و أن نضيئ شمعة أفضل من أن نلعن الظلام , و لا يتم التغيير الا بثورة التفكير . 

المراجع : 

ابراهيم , مجدي ( 2005 ).التفكير من منظور تربوي . القاهرة : عالم الكتب للنشر و التوزيع

ابراهيم , مجدي ( 2007 ).التفكير لتطوير الابداع وتنمية الذكاء سيناريوهات تربوية مقترحة . القاهرة : عالم الكتب للنشر و التوزيع

ابو عاذرة , سناء (2012 ) .الاتجاهات الحديثة في تدريس العلوم . ط1 , عمان : دار الثقافة للنشر و التوزيع

سعادة , جودت (2011) . تدريس مهارات التفكير مع مئات من الامثلة التطبيقية . الاصدار الخامس , عمان : دار الشروق للنشر و التوزيع

عبد العزيز , سعيد (2009 ) تعليم التفكير ومهارته تدريبات وتطبيقات عملية . عمان : دار الثقافة للنشر و التوزيع

زيتون , كمال (2008 ) , تصميم البرامج التعليمية بفكر البنائية , تأصيل فكري وبحث امبريقي , ط1 , القاهرة , عالم الكتب للنشر والتوزيع 



   نشر في 17 ديسمبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا