أخيرا تفرق الجمع وأوى الكل إلى مخادعهم , تلك اللحظة التي أترقبها بشوق مع حبيبتي أختي التوأم , نجتمع على بساط صغير في المزرعة ونتحلق حول إبريق شاي وقليل من المكسرات لتبدأ موجاتنا تأخذنا في مد وجزر ..
حينما عادت لي أختي وقد أنهت تنويم اطفالها هالني ما رأيت على وجهها ويديها من آثار الضرب والتعذيب , أسرت لي وقدا بدا على وجهها تعبير من عثر على كنز بأن زوجها من فعل ذلك ..
لا أعرف ما خامرني من شعور تلك اللحظة ، فقد كانت مشاعر متضاربة استنكرت من زوجها الرصين ما فعله بها ، واستنكرت غبطتها لنفسها رغم الألم ، لم تكن أختي غبية حمقاء ولا ضعيفة الرأي والشخصية فلماذا هي سعيدة بذلك ؟
دارت ببالي تساؤلات وأنا أنظر إليها أترقب تفسيرا مقنعا لتجيب نظرتي بأنها لا تجد مفرا من استفزازه لكي ينهال عليها ضربا وتجريحا ولا يألو جهدا في إطلاق السباب والشتائم لكي تحصل على تلك اللذة المزعومة
طالت مدة بقاء أختي لدى أهلي لأعرف فيما بعد ان زوجها يفكر في طلاقها وان جولات الصلح بينهما بدأت ولازالت مستمرة مع بقاء أختي على نفس المنوال ..
لم يكن أحد يرغب بوجودها في بيت أهلي مع كل ما كانت تثيره من مشاكل بتدخلها المستمر في حياة كل من إخوتي ثم تمثيل دور المظلومة في نهاية المطاف والمبالغة في ذلك وكأنها تتلذذ بكل تلك المشاعر الكريهة بشكل غير معقول ..
كنت أحاول استيعابها والصبر على استفزازها لكن لم أتحمل تلك الليلة فغادرت إلى بيتي على عجل ليصلني خبر مقتلها في حادث سيارة كان يقودها السائق الآسيوي و لم يكن مصيره أفضل منها
في عملي ومحيطي بشكل عام كنت أجد من يتصرف كما أختي المرحومة بدرجات تختلف حدتها من شخص لآخر ..
فلقد شهدت بعيني أثناء مراجعتي لأحد الدوائر الحكومية شخصا طاعنا في السن يتلفظ على الموظف الذي أنجز معاملته بوقت قياسي بألفاظ بشعة ويتهمه بالغباء وعدم الكفاءة لمجرد أن معاملته لم تستغرق الوقت الذي اعتقده واعتاده ولم يحاول استيفاء ثمن لإنجاز معاملته سواء كان مادي أو معنوي !!
في المدارس حينما يضرب الطالب/ة والأبوين يسكتون بل يدافعون عن المعلم الظالم ويعتقدون بأن هذه الطريقة المثلى بالتعليم لن يكونوا طبيعيين ولن تخرج من تحت أيديهم أجيالا سليمة الشخصية حرة التفكير
من يقع عليه الظلم في أي مكان ويستمرئ الظلم بل يدافع عن وجوده كما لو كان شيئا طبيعيا لم يكن شخصا طبيعيا أبدا
والأمثلة كثيرة خصوصا في مجتمع ذكوري محافظ مثل مجتمعنا ففي هذه الحالة الغير طبيعية تكاد تكون هناك سبيل لتقبل ومعايشة الظلم المنتشر بحق الضعفاء من نساء وأطفال وشيوخ ..
وكأن لسان حالهم يقول ما قالت أم كلثوم في اغنيتها الشهيرة
لي لذة في ذلتي وخضوعي
وأحب بين يديه سفك دموعي
ما الذل للولهان في شرع الهوى عار