الحنين إلى الفطرة..
بساطة العيش..
نشر في 24 شتنبر 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
ولقد يضيق صدر الإنسان من هذا السجن الإسمنتي و الملمات الدنيوية و الأحداث اليومية..فيبحث عن موضع خلوة يدخل به ميدان السكينة والهدوء كلما سنحت له الفرصةبدلك.. يعود بي شريط الذكريات إلى عالمي المفتوح بعيداً عن الحضارة والتقنية..عالم الصفاء و النقاء حيث البساطة في كل شيئ..بساطة العيش التي تحمل بين طياتها الطيبة والسهولة حتى تغمر القلب بسكينة إفتقدناها بين زحمة الشوارع وصوتها الذي يصم السمع طيلة الوقت ..
و إذا ضاقت بك "عد من حيث أتيت" لتتذكر أنك من تراب .. علی تراب .. وإلى تراب
قرية احتضنتها جبال الريف وغاصت في أحضان الأرض فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج كريم .. هناك أقف في نفس المكان الذي كنت أقف فيه في طفولتي و نفس الوقت الباكر من اليوم ..مع تنفس الصبح.. وبزوغ النور من بين جنبات السماء..ساعة تنفس ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ يسر ، ﻭﻓرﺡ ، ﻭﺍبتسام ، الوجود ﺍﻟﻐـﺎﻓﻲ يستيقظ رويدا رويدا ، كأن أنفساه مناجاة ، ﻭ تفتحه ابتهال..فنهل منه نقاء يتسلل للنفس ..في دلك الجو المأنوس الحبيب..حيث تلتقي روح الوجوه الساجية و روح الصبح الوضيئ..
أطلق العنان لنظري ليصل الى أقصى ما يمكن في مساحات الأفق ..و أرقب التناسق الجميل بين حركة الناس و الطبيعة التي خلقها الله و أبدعها...و إن من شيء إلاّ يسبح بحمده .. إنه ﺍﻟﺠﻤﺎل . . ﺍﻟﺠﻤﺎل ﺍﻟﺫﻱ ﻻيدانيه جمال لأنه ﺍﻟﺠﻤﺎل الإبداعي ، المعبر ﻓﻲ الوقت ذاته عن عظمة الخالق جل جلاله..يا لا أنس المشهد و جمال الانسجام..أيّ راحة و أيّ أنس...و أيّ سكينة . أي استعلاء على الواقع الهزيل ..
تروقني كثيراً حياة القرى وأهل البادية الذين تجـد في حياتهم بساطة وأسلوب الطيبة الذي يتعاملون به .. طفل صغير تمتلكه البراءة وإمراة دؤوب في عملها..ترى القناعة بعيونهم بما هم عليه من حال .. راضون بما بين أيديهم ,السعادة تلوح كالصبح الوضيئ فوق محياهم ..يرحبون بعابر السبيل أجمل مايكون من ترحيب بالغرباء ، إن توقفت تسأل ترك كل مابين يديه من عمل يعمله وأعطاك كل إنتباهه بكل رحابة صدر مبتسم , هذا طبعاً بعد أن يلزمك بالنزول وتناول ما تشربه و تأكله بإلحاح..حتى ماحل سكون الليل وشجون يتملكهم حمدوا وشكروا ودعوا وكانوا بأحسن حال..يا لطهر أرواحهم..
إنها فطرة الله التي فطر الناس عليها قبل أن تتلوث بغبار التقنية و الحضارة التي غيرت النفوس بعد أن هجنّت القلوب . ولكن هم بقوا على تلك الفطرة النقيه من التوكل واليقين بأن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك بإذن الله .
وهذه الصورة الجميلة من بساطة العيش وطيب المعاملة . اليوم أصبحت من صور التراث الذي يحن إليه الكثير . ولا يجدونة إلا عندما تسوقهم الظروف ويخرجون من أسوار بيوتهم منطلقين نحو القرى والبراري فيجدوا أن تلك البسمة والسعادة مازالت هناك في قلوب أصحابها وتعلو وجوههم .. رغم متاعب الحياة وظروفها الصعبة التي تواجههم أحياناً من شح المورد وقطر السماء .
-
سارة لحموديطالبة مهندسة مغربية
التعليقات
أتمنى أن يكون لدي في المستقبل بيتاً في الريف أو البادية بعيداً عن المدينة التي تصيبني بالإختناق .