لماذا أنتحر ؟
الانتحار من نظارة المكتئب لا الدين و لا الناس .
نشر في 24 يناير 2020 .
حين غاصت أقدامي في وحل الاكتئاب و بنى اليأس عشه على رأسي ، حين أصبح العالم أسود و مظلم رغم كل النور و البياض الذي يحوط بي ، عندما جاء الوقت الذي أدركت فيه أني مجرد حمل ثقيل على هذا الكون أستهلك الأكسجين بينما هناك من هو بحاجة له أكثر مني ، قررت أن أتخلى عن كل شيء و أودع هذه التفاصيل آسفة لكل الألم الذي سأصنعه لعائلتي ، كانت نفسي لا تطيق ، و الأرض بي تضيق ، و ثقيل علي الزفير و الشهيق ، لم يكن الحزن موجود في الخارج إنما بداخلي يسكن ، و لولا مغادرة نفسي ما كان قلبي ليسكن ، تصورت الموت هدوء من كل الضجيج الذي أسمعه ، تصورت أن بموتي سأعدم الاكتئاب و أقتله ، لأني وصلت للمرحلة التي لا يوجد بها أي شيء أخسره ، و ظننت أن الجميع سيتجاوز فراقي و يعبره ، لأن هذا الاكتئاب أخذ مني البصيرة ، و سرق لحظات سعادتي حتى القصيرة ، و كلما أردت أن أصنع الأمل ، يفاجئني الكسل ، صدقوني كنت في الحافة ، لا أرى سوى الصحاري الجافة ، لم تكونوا لتقنعوني بكل البساتين الموجودة و الأزهار ، أنا على وشك الانهيار ، سأوضح لكم الأمر أكثر ، كيف تقنعوا الأصم أن الموسيقى جميلة ، أو الأعمى أن اللوحة جليلة ، كيف تخبروا الأبكم أن النطق سهل ، المكتئب يفقد حواسه و الأمل ، لا تظنوا بقولكم الانتحار حرام ستنقذوه ، هو يعلم قبلكم حكم الانتحار و لم هو حرام و مكروه ، لا تحققوا في نواياه ، لا تفتشوا في ماضيه و خفاياه ، هو يحتاج حضن دون محاضرة ، مواساة و مؤازرة ، يحتاج أيديكم لا الألسنة ، يريد حباً لا أسئلة ، واجبكم أن تبقوا حائطاً له ، مهما أراد أن يقفز و ينهي ألمه ، لكن كونوا متوازنين ، لا تقتربوا و لا تكوني بعيدين ، و يعلم المنتحر كم هو صعب عليكم ، أن تروه مشتتاً ضائعاً بينكم ، صدقوني ما كان يقصد الشتات ، لكن قلبه تحول لفتات ، هو انسان صالح أضاع الطريق ، يحتاج سند و صديق ، يتفهم صعوبة موقفكم ، لا يطلب سوا حضنكم ، لا محاضرة ، فقط حب و مؤازرة.
-
مريم تكتب هنا .من أنا هو سؤال صعب ! و لكن اسمي مريم و عمري 16 عاماً ، شخص عادي جداً ، دمتم بود جميعاً
التعليقات
فعلا هناك شيء نسميه في الطب بفقدان القدرة على اصدار الاحكام...و هي الحالة التى تؤدي إلي فقدان القدرة على التفكير في ماهية الانتحار و حكمه و و و.. بل تكون الفكرة الغلابة هي ضرورة القضاء على الالم النفسي الذي يعاني منه الفرد.
و بالتالي لا يهم ان تخبر المريض بحكم الانتحار و لا بضرورة قراءة القرآن في تلك اللحظة لأن الامر خطير و قد يؤدي في اي لحظة إلى ما لا يحمد عقباه.
بالرغم من ذلك فقد اثبتت بعض الدراسات على عينات بسيطة ان الهاجس الديني كثيرا ما يكون سببا في تاخير اقدام المريض لى الانتحار و لا يوقف الافكار الانتحارية. ما يجعل المريض في جميع الاحوال معرضا للاقدام على الانتحار بشكل فعلي.
الحل الصحيح هي ان نستشير الطبيب في اقرب وقت و نبقي انفسنا بقرب عزيزنا الذي قد نفقده بسبب جهلنا نحن بما يحتاجه في تلك اللحظة من تدخل طبي فعلي و مستعجل.
شكرا لك مريم مجددا.