عهد التميمي.. صورة عهد النضال الصاعد عبر الأجيال.. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عهد التميمي.. صورة عهد النضال الصاعد عبر الأجيال..

اشرئبي عناناً يا فلسطين..

  نشر في 24 ديسمبر 2017 .

عهد التميمي.. صورة عهد النضال الصاعد عبر الأجيال..

هيام فؤاد ضمرة..

عهد التميمي؛ طفلة فلسطينية أصيلة نمت في حضن بلدتها "النبي صالح" غرب مدينة "رام الله" تضلع صدرها بالشجاعة والمروءة الوطنية، فركت عينا المحتل الصهيوني بالفلفل الناري فضاج بالغضب ثائرا متوعداً، متذكراً أنه بالسلب مالك للسلطة العليا على أرض فلسطين السليبة، التي أباح لها لنفسه الشيطان البريطاني بروح استعمارية بغيضة فعل ما لا يحق له فعله، مقدماً كل وسائل التسهيلات اللوجستية للصهاينة اليهود لاحتلالها وبسط نفوذهم عليها، وأطلقت يد تنظيم الهجاناه المسلح لتُعمل بأهلها قتلا وتنكيلاً، وترتكب المجازر لبث الرعب بقلوب الناس فيها لدفعهم على الهرب بعرضهم وشرفهم والنجاة من الموت بالهجرة..

قبل عشر سنوات من هذا العام 2017م ، وقف العالم أجمعه مندهشاً؛ بل معجباً أمام صور الطفلة عهد التميمي وتسجيلات فيديو لها، أبرزت فيها أعتى صورة لصمود وتحدي طفلة في عمر السبع سنوات، جابهت قسوة الاحتلال منذ نعومة أظفارها، وتأذت منهم هي وأسرتها أيما أذى، رضعت قوة التحدي ومشاعر القوة في النضال من صدر أم مناضلة تدرك حجم دورها ودور أسرتها في التصدي لمحتلي الوطن السليب، فكانت وحدها بأسرتها تشكل بنيانا مرصوصا؛ فكيف بها بين أهلها وربعها وأترابها؟..

وقف العالم أجمعه في حينه؛ عرَبُهُ وغربُهُ ومَشرِقُهُ مُندهشاً لصمودها وقوة شموخها وتحديها الصارخ لجنود الاحتلال، وهي ما زالت طفلة صغيرة، تفرد صدرها وتلوح بقبضتها تحدياً في مواجهة جنود عدوها وعدو وطنها المدججين بالسلاح، غير آبهة من حجم حقدهم والسلاح الذي يتمترسون خلفه، ويتقاوون بقدرته على القتل، تصرخ في وجوههم بقوة طاغية وحمرة الدم الثائر تتجمع في وجهها البض الطفولي، تتحداهم والخوف منهم لا يمس فؤادها، ولا يقارب مشاعرها، وهي تعلم أن لا أخلاق ولا قوانين إنسانية تنبض فيهم، ولا ضمير إنساني يمر على مشاعرهم ، قلوبهم غُلف وأفئدتهم مقدودة من صوان، طبيعتهم اللؤم والغدر والعنصرية، هو بُغض المحتل السارق للأوطان الذي لا يحترم قوانين إنسانية تتعلق بالطفولة ولا يهتم لبراءتها ولا يرحمها، وليس في قوانينه ما يرحم مشاعرها،

تعرف جيداً هذه الفتاة حقيقة جيش الاحتلال وبغضه الدفين، فقد نحتتها بيئة الثورة على الاحتلال وغمستها بماء التحدي المقدس، وتعرف أنّ هذا الجيش لا يحمل للعرب غير الغدر والعنف والسلب وشعاره الدائم أقتل عربياً تنجو، وقد نالت أسلحة بغضهم وكيدهم وغدرهم من الطفل محمد الدرة، ذلك الطفل المرتعب من صوت أزيز آلة الحرب، المحتمي بوالده خلف كتلة الاسمنت، لتقتله أسلحة قناصيهم مع سبق الإصرار والترصد وخبث الوعيد، بدم بارد بعيدا عن موقع المعركة.. هي نفسها قوات عسكره التي وجهت صاروخها لتقتل شيخا معاقاً مبتور الأطراف يتنقل على كرسي متحرك يدفعه متطوعين.. وهو ذاته الذي وضع قناصه رصاصته الغادرة بين عيني الشاب الذي كانت تسببت بإعاقته وبتر قدماه خلال اعتدائها على قطاع غزة ابراهيم أبو ثريا الذي ما أوقفته إعاقته عن النضال.. ليُثبت الصهاينة أنّ قوة إرادة الشخصية النضالية ورموزها القوية المتحدية هو ما يهابه جيشها وقياداتها، فهؤلاء هم الدفع الأشد قوة في استنهاض عزيمة الأمة العربية وقيامها من سُباتها، وشد أزر الفلسطينيين لاستمرار المقاومة ضد المحتل للأرض والوطن والكاره للعدالة، هؤلاء هم أيقونات الثورة الحقيقية التي ترعب جيش المحتل وتجعله يكشف حقيقة ضعف أرادته أمام رموز هم أقوى من آلة حربه القاتلة، إنهم بقوة إرادتهم وتصميمهم وتحديهم يبثون الخوف حد الرعب في قلوب ناسه من الصهاينة فيسقطون في حضيض رعبهم مرتجفين.. تعرف عهد التميمي أنها بقوتها وقوة شخصيتها بتحديها لأفراد جيشه ترعب عدوها على خسته وتتوقع منه الغدر في أي لحظة للتخلص منها للأبد، لكنها والتي رضعت الثورة لن يثنها شيء أبداً.

وقفت عهد تجابههم بعيون تقدح الغضب والتحدي وهي تلوح بقبضة يدها مهددة متوعدة لحظة اعتقالهم لوالدتها المناضلة السيدة العظيمة ناريمان التميمي التي تعرضت للاعتقال خمس مرات، وأصيبت مرات عدة بالجراح آخرها اخترقت فخذها رصاصة في 20 من نوفمبر عام 2014م وفقدت شقيقها شهيداً في النضال ضد المحتل، وتعرض زوجها المناضل باسم التميمي 11 مرة للاعتقال والأسر، وتعرض للتعذيب الشديد على أيدي عتاة التعذيب الوحشي ممن ليس بقلوبهم الرحمة، أفقده تعذيبهم الوعي لعشرة أيام متواصلة، كما تعرض للإصابة في عدة مجابهات مع العدو المسلح، وتعرضت زوجته وأطفاله مرات عدة للضرب والأذى من قوات جيش الاحتلال.. هي أسرة فلسطينية مناضلة من أبرز العائلات الفلسطينية تعرض أفرادها لكل أنواع التنكيل، ولم يثنهم عن دورهم البطولي أي حائل، فهم يرون أنْ طالما وطنهم محتل فدورهم الطبيعي التصدي والنضال وعدم الرضوخ والانتظار.. وقد استطاعت الأم ناريمان بعون ابنتها عهد تخليص إبنها محمد من بين براثن جنود العدو بشجاعة منقطعة النظير، وما توقف أفراد أسرة التميمي عن مواقف نضالهم وقد سجلوا العديد من مواقف التعبير عن مناهضتهم للسياسات الاسرائيلية المتجنية، وضد جدار الفصل العنصري، ومصادرة أراضي القرية لصالح مستعمرة حلميش.

كبرت الطفلة الشقراء ذات العينان الزرقاوان عهد التميمي وكبر فيها انتصارها لقضيتها، وكبر فيها التحدي وقوة المجابهة حتى صارت صخرة عاتية تجثم على صدر القيادة اليهودية قهراً حقيقياً إذ طالما ترسخ في العقل اليهودي الجبان الخوف من أطفال فلسطين الشجعان، باتت القيادة العسكرية اليهودية قبل الأمنية تترصد الفرصة السانحة لإيذاء الطفلة عهد التميمي وأهلها بشتى الوسائل، ، ولما كان الموقف البطولي الأخير لعهد وشقيقاتها فجر الثلاثاء 19ديسمبر، أي قبل بضع أيام فقط من كتابة هذه السطور، حين راحت عهد بجرأة منقطعة النظير، تكيل الصفعات لجنديين يهوديين تعديا على حرمة منزلها ليتصيدا ببنادقهما شباب البلدة المعترضين على قرار المعتوه ترامب غير الشرعي بالنسبة لمصير مدينة القدس، لم تحتمل وشقيقاتها هذا التعدي السافر فخرجت إليهما تطردهما من بيتها، وتركلهما بقدميها وتصفعهما على وجههما بطريقة مهينة، حتى هربا بجبنهما من ساح بيتها، ليستنجدا بمدرعتهما التي أقلتهما إلى البلدة وإلى فريقهما المتمترس بداخلها وهما ينتفضان كفأرين جبانين مضحكين..

تناقل رواد التواصل الاجتماعي فيديو المشهد عبر وسائله الدولية، والتقطته وسائل الاعلام المرئية والمقروءة، مما هز الكيان اليهودي المدني والعسكري وأفقده صوابه، إذ كيف لطفلة فتاة من شعب فلسطين أنْ تهين جنديين يهوديين بلباسهما العسكري وآلتهما القاتلة بين يديهما، وينتشر الحدث عبر الشبكة الألكترونية، ليعرف العالم قوة أصحاب الحق والقضية وأصحاب الأرض المحتلة رغم أنه أعزلاً لا يملك سلاحاً للتصدي، في مقابل خوف وذل المقاتل اليهودي الذي سرعان ما يجبن تحت أقل المواقف وأضعفها تهديداً له، إذ لولا السيطرة الغربية واليهودية على قادة الأوطان العربية بقيود المديونيات، لما نجحت اسرائيل بالبقاء باحتلال فلسطين كل هذه المدة، ولكان اليهود ألقوا بأنفسهم طوعاً عباب البحر خوفاً وهرباً من سطوة انتقام الفلسطينين والعرب قاطبة، ولو كانت الشعوب العربية تملك ارادتها وخيار انتمائها لتحولت إلى موج تسونامي عاتي القوة والجبروت وأزاح هذا الوباء المدمر عن قلب الوطن العربي وأوقف نزفه، وصد عداوته وعدواه عن دول العرب قاطبة.

ولقد كشف تقرير لمنظمة " ميليتري كورت ووتش" تلك المنظمة التي تتعقب المخالفات التي يتعرض لها أطفال فلسطين وهم تحت سطوة الاحتلال وقسوة معاملتهم التي ينطبق عليها قانون الجزاء الدولي لحقوق الإنسان، أن 64% من الأطفال القاصرين المحتجزين في السجون الإسرئيلية العدوة تمارس الضرب والتعذيب ضدهم دونما رحمة، وقد انتشرت الفيديوهات لجنود يهود يقومون بضرب الأطفال القصَّر في أماكن حساسة من أجسادهم تؤدي بهم إلى تخريب وتدمير أعضاءهم الداخلية، وهي مجرد عينة بسيطة لما يتعرض له القاصرون داخل السجون الصهيونية تم نشره لارهاب الصغار خارج السجون مما ينتظرهم داخلها.

ويذكر أنّ "عهد التميمي" البطلة الفلسطينية الطفلة المغوارة في عيون العالم الحر، نالت جائزة "حنظلة للشجاعة" عام 2012م لشجاعتها في تحدي العدو الاسرائيلي، من قبل بلدية "باشاك شهير"basaksehir belediyrsi في مدينة اسطنبول التركية في القسم الأوروبي من اسطنبول وواجهة الاستثمار المميزة لها.. ولاية أورفا، وهي من البلديات المميزة التي تدعم المواقف السامية الوطنية المحلية والدولية، والتقت عهد في حينة برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وعقيلته خلال زيارة عهد ووالدتها للبلدية وكان طيب أردوغان في لقاء مع ممثلي المجتمع المدني هناك وأثنى كثيرا على شجاعة عهد الطفلة الشجاعة، وهذا التكريم أغاظ القوات الصهيونية فزاد حقدهم عليها وباتوا يستخدمون وسائلهم لاستفزازها كل حين،.

حاول جنود الاحتلال قتلها غير مرة، لكنه فشل في كل مرة من نزعها عن الحياة، وظلت الطفلة ذات العينين الزرقاوين تشع شموخا وعنفوانا وقوة وشجاعة وإرادة حرة، وتترصد بدورها جنود الاحتلال فلا تضع لهم قيمة تذكر، ولا يرهبها عتادهم الخفيف ولا حتى الثقيل، فقد كانت طفلة شجاعة لا تهاب ولا يتسلل الخوف إلى فؤادها وكأنما صبت به معجون صخري عتيد لا تعرف للاستسلام طريقاً، ولا تقبل استكانة الخائفين تحت الحجج الواهية، ما تعرفه حقاً أن لها وطناً يحتله عدو غريب لا ينتمي لهذه الأرض لا من قريب ولا من بعيد، ولهذا فهي الطفلة الثائرة الصامدة التي تصرخ بقوة في وجوههم .. أخرجوا من وطني فلسطين!

طفلة اعتادت امتطاء خيل فروسية الزمن، لتناضل طوال حياتها كفارسة لا يشق لها غبار، لكنها كما المغامر تخوض الموقف بشجاعة متناهية، فلا يداهمها الخوف من رد فعل الجانب الآخر، ولا تهاب النتائج مهما كانت، وهذا عرضها للاصابة برصاص العدو المطاطي ثلاث مرات، وتعرضت لكسر في يدها لتوضع زمناً في الجبيرة، ولم يزدها كل هذا إلا اصراراً في التصدي ومعاندة بالتحدي، وتستطيع أن تطالع في ملامح وجهها رغم طفوليته، قوة عجيبة وإصرار عاتي، تستطيع قراءة عزم عجيب ووعي هائل في داخل هذه الشابة، زهرة جميلة تنبت في أرض الخير وتشق الصخر تخترقه إلى النور، لكن في رحيقها ما ينعش الروح ويهبك الأمل بالمستقبل، فإن كان صلاح الدين الأيوبي ربيب أجيال متعاقبة من أهل القوة والعزم فهذه الفتاة ربيبة بيت نضالي قويم شربت الشجاعة من والديها وقادة شرفاء أسكروها بالقوة وعمدوها للنضال، هكذا تربى القيادات على الطريقة النبوية، وهكذا ينهض عزم الناس على التصدي والتحدي

فاشرئبي بعنانك يا فلسطين، سيتزايد متحدوك الأقوياء رموز التحدي لأنهم أدركوا الآن أنّ قوة تحديهم هي القوة الكامنة التي تهز عدوهم وتهز أوصاله رعباً، فتوالدي يا رموز الدفع القوي، فصرختك هي وحدها من تفتت ثقة عدوكم وتخر به قدماه.. اصرخي وتزايدي وانتفضي فبكم وحدكم توضع الآمال، وبكم وحدكم نصنع على نهجكم الأجيال لننهض بأمة امتهنت سباتها حتى خر عزمها 


  • 1

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 24 ديسمبر 2017 .

التعليقات

مقال جميل مثل عهد
1
مقال جميل مثل عهد
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا