والحقيقة يا أمى أنى طالما بحثت عنى فيهم وفي غيرهم ولما أعجز أبدا أن أوجدنى فيهم ولكنى ابدا عجزت أن أجدنى
هذه أوراقى أسلمها إلى أيامى حتى تنظر فيها فإنى والله أيست نفسى مرافعا عن نفسي وتلك قضيتى مرفوعه
المكان: محكمة اللاهوية
المشهد: قاضى مجهول الهوية يجالس اشخاصا يدعون انهم هيئة المحاكمة وقد نادى رجل لم يهتم أحد -ولا هو نفسه -بحقيقة هويته: "محكمة" سمع نداءه جميع الحاضرين فقاموا تساوى في ذلك كبيرهم وصغيرهم كما تساووا تماما في الهوية او اللاهوية فلعلها ليست قضيتنا
-حضرت القاضى ..حضرات السادة المستشارين ..إن المدعى الماثل أمامكم متهم بانعدام الهوية فى دنيا كما تعلمون تنام عن معدومى الهوية وتغمض جانبها عن أنصاف البشر ..دنيا يا سيدى تنأى بطرفها عن الادعاء والزيف ..وتكشف بأيامها وابتلاءاتها كل مدع زائف ..من جانبه سيدى قامت موكلتى الدنيا برفع شكواها إلى سيادة المحكمة الموقره –محكمة اللاهويه- ونرجو من جانبكم العدل والقصاص
-سيدى القاضى ..إن شأنى وشأن موكلتى كمثل نفس واحده خلقت بروح واحده ثم انقسمت على أعتاب الدنيا وفى زحمة بناتها إلى نصفين ..ولكن القسمة لم تكن عادلة ولم يكن النصفان متكافئين وظل نصفها الصغير يبحث عن اصلها لا أقول اجتهد فى البحث فإنى والله تعاهدت الصدق فى المرافعه ..ولكن لى قول احج به الدنيا يا سيدى: فإنها والله معدومة الكيان والهوية منذ خليقتها ..وإنها لتضحك من البالغ كضحكها من الموشك كضحكها من المقعد ..غير أن المقعد يبادر ضحكها بالعويل ..عويل الردى وخيبات الندم اخبرنى سيدى أنحاسب على عويلنا؟ أم نحاسب على قعودنا ام نحاسب على نصفنا الذى فرطنا فيه من جانبنا؟ وإذا كانت الدنيا في أصلها زائفة فلم لا نقابل زيفها زيفا وندّعى فى طبيعة نقصها الكمال أليست العين بالعين يا قاضى العداله؟
وإنى والله لا احاج عن نفسي فقد مللت قضيتها الفارغة ويئست حجتها الهاوية ولكنى ارافع عن الهوية مجردة ..مجردة من الدنيا وزيفها ودعوتها
خلقت الهوية لعالم غير عالمنا ..عالم تمتزج فيه النفس بحقيقتها..وتعلو عن أهواء الدنيا وقيودها..ولا يكون ذلك إلا في مكان تتواصل فيه الارواح نيابة عن الاجساد.. عالم يتعالى فيه صوت الفطرة عن الماديات ..واذا تعالت الفطرة كان الدين والحكمه ولما كانت مشكلة اللاهوية
ياسيدى قضيتنا ليست هويتى .."القضية هوية الدنيا "
-بعد النظر في أوراق القضية: حكمت المحكمة بإحالة أوراق الدنيا إلى فضيلة المفتى ..رفعت الجلسة
-
dalia mohsen"الكتابة ارتقاء من الخصوصية إلي العمومية،تحقيق لما هو كامن في العقل،وتحديد لما هو غائم،وتثبيت لما هو هائم.بل هي بحث عن المجهول من خبايا النفس،ومعرفة بما هو ضائع في تضاعيف الذات لست أعرف بالضبط ما أنا أفكر فيه،ربما لذلك ش ...