إن بنية المجتمعات البشرية عموما تقوم على أساس تبادل المصالح (إدارة تضارب المصالح في التشريع الوطني بين المقاربة الوقائية والزجرية – بدر اسريفي). والعمل الجماعي الذي يقوم به في إطار جماعي تدافع عنه الجماعة ولا تسمح بانهياره (صراع المصالح – د. جاسم الياقوت). لأنه يسعى إلى إحداث تغيير في المجتمع.

ومن أهم طرق إحداث تغيير في المجتمع هو تنظيم المجتمع (العمل المباشر). لأنه يبني القوة (السلطة) داخل المجتمع. ويتيح للمجتمع (الأفراد) التوصل إلى أفضل حل لأنفسهم. والسعي نحو حلول طويلة الأجل (طرق إحداث التغيير). ويتم ذلك عبر شبكة علاقات مؤثرة ومختلفة الأبعاد والاتجاهات بين جميع الأطراف ذات العلاقة.

ويمكن تعريف المجتمع، على أنه شبكة من العلاقات تتطلب من جميع أفراده المشاركة والتعاون لتحقيق هدف مشترك. ولا يتحقق ذلك، إلا بعلاقات فاعلة وجيدة تربط بين جميع أفراد المجتمع.

ولأهمية معرفة كيفية بناء علاقات فاعلة ومفيدة، بين أطراف عدة، تجمعها مصلحة مشتركة، قدم معهد الفضاء المدني لنشطاء المجتمع المدني، المساق الثالث "بناء العلاقة بين ومع أصحاب المصلحة"، ضمن برنامج "بناء وانتاج وتشارك المعرفة حول تنظيم المجتمع من خلال المشاركة".

ويتناول الإطار العام للمساق. كيفية بناء علاقات بناءه بين ومع أصحاب المصلحة. ويقصد بأصحاب المصلحة أو المنفعة، الأطراف ذات العلاقة. ممن لهم تأثير على مشروعك وتتأثر مصالحهم لنتائج مشروعك. والهدف من بناء علاقة بين هذه الأطراف، هو التواصل بشكل فعال. وتجنب تضارب المصالح.

ويحدث تتضارب المصالح عندما لا تتوافق المصلحة الشخصية مع المصلحة العامة. وعند حدوث مثل هذا التنازع أو التعارض يجب تغليب المصلحة الوطنية القائمة على ثنائية الفرد والمجتمع. وبالإمكان تدارك هذا التضارب بتنظيم عملية تواصل فاعلة بين أصحاب المصلحة.

يشير مفهوم المصلحة الوطنية في جوهره إلى مجموع القيم الوطنية النابعة من الدولة مما يجعلها هدف حقيقي تسعى الدولة لتحقيقه (المصلحة الوطنية في السياسية الخارجية الأمريكية تجاه إسرائيل بعد 11 سبتمبر – سمر سحقي).

ولكن، ما هو مقياس المصلحة الوطنية العليا؟ وما هي المرجعية التي يمكن الاستناد عليها من أجل تغليب المصلحة العامة؟

على سبيل المثال، الوضع الحالي لليمن. توجد سلطتان تحكمان. وكلا منهما تسيطر على جزء من مقدرات الدولة (سلطة الشرعية المعترف بها دوليا في عدن، وسلطة الحوثيون الذي جاءوا إلى السلطة بعد انقلاب 21ديسمبر 2014 في صنعاء).

في وضع كهذا! كيف سيتم تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية. من أجل مكافحة فيروس كرونا، في حال تم تسجيل اصابات به في اليمن؟ فبحسب تصريح منظمة الصحة العالمية لم تسجل أي اصابة حتى اللحظة. وليس من المستبعد تسجيل حالات إصابة في ظل تدهور جميع قطاعات الدولة بما فيها القطاع الصحي منذ اندلاع الصراع من خمس سنوات تقريبا. وانتشاره السريع في شتى دول العالم دون التفرقة بين الدول الغنية أو الدول الفقيرة. والذي كشف خلل معظم الأنظمة في العالم حتى المتقدمة منها. وخاصة في القطاع الصحي؟

ليس من المهم، الدعوة إلى مصالحة وطنية من أجل المصلحة الوطنية في زمن الكورونا. كل ما يحتاجه اليمن، هو تنظيم أليات تدخل فعالة وجديدة لمنع حدوث أي تدهور في حال انتشار فيروس كرونا لا سمح الله. ولضمان نجاح آليات التدخل وتغليب المصلحة الوطنية، يتوجب بناء علاقة بين ومع أصحاب المصلحة. المتمثلة في، المجتمع الدولي، الدول الداعمة للأطراف المتصارعة، الأطراف المتصارعة، النخب السياسية، رجال الدين والأعمال، المؤسسات المجتمعية، الإعلاميين والصحفيين، جماعات الضغط، وأفراد المجتمع بجميع أطيافه. لتوحيد كافة الجهود لمكافحة الوباء والدعوة إلى وقف الصراع. ففي زمن الكورونا انتهى زمن التحالفات الهشة.

وأطلق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاثنين الماضي، نداء. حث فيه على وقف إطلاق النار في جميع أنحاء العالم. قائلا: "لقد حان الوقت لوقف النزاعات المسلحة والتركيز معا على المعركة الحقيقية في حياتنا. إن عالمنا يواجه عدوا مشتركا يتمثل في فيروس كورونا. يهاجم الجميع بلا هوادة، ولا يأبه لأي أصل عرقي أو جنسية أو فصيل أو دين".

وأخيرا؛ معهد الفضاء المدني CSI منصة تعليمية إلكترونية، تسعى إلى توفير بيئة تعليمية خصبة، تساعد نشطاء المجتمع المدني على إيجاد المعرفة وتوليدها وتنظيمها واستخدامها في خدمة مجتمعاتهم.

هناء الحارثي

رائدة بمعهد الفضاء المدني