أخطر لفظة في حديث :
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :
« إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ » .
تخريج الحديث والحكم عليه :
رواه أبوداود في سننه برقم 3464 وقال الألباني : صحيح .
شرح الحديث :
************
وبيع العينة هو أن يبيع شيئا من غيره بثمن مؤجل ويسلمه إلى المشتري ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن نقد أقل من ذلك القدر ..يعني ما يعرف الآن باسم (( حرق الكاوتش )) يذهب المقترض ليشتري كاوتش مثلا على الورق بألف ثم يبيعه لنفس البائع بخمسمائة ويتقاضى الخمسمائة ويسدد الخمسمائة الباقية عليه قسطا.ولم يتسلم أي بضاعة ولو تسلمها وفعل لكان حراما أيضا .
وقد حقق الإمام بن القيم عدم جواز العينة ونقل معنى كلامه العلامة الشوكاني في نيل الأوطار .
( وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع ) حمل هذا على الاشتغال بالزرع في زمن يتعين فيه الجهاد .
( وتركتم الجهاد ) أي المتعين فعله في وقته كجهاد الدفع مثا تحرير الأقصى الان ونصرة المستضعفين بكل مكان من المسلمين .
( سلط الله عليكم ذُلًا ) بضم الذال المعجمة وكسرها أي صغارا ومسكنة ومن أنواع الذل الخراج الذي يسلمونه كل سنة لملاك الأرض .وسبب هذا الذل والله أعلم أنهم لما تركوا الجهاد في سبيل الله الذي فيه عز الإسلام وإظهاره على كل دين عاملهم الله بنقيضه وهو إنزال الذلة بهم فصاروا يمشون خلف أذناب البقر بعد أن كانوا يركبون على ظهور الخيل التي هي أعز مكان.
قلت( حامد الطاهر ) : وهنا لفظتان شديدتان في الحديث الأولى :
قوله عليه الصلاة والسلام : (( ذلا )) وقد جاءت نكرة والنكرة هنا تفيد شدة هذاالذل كما تفيد أيضا شموله لجميع أنواع الذل لأن النكرة إذا جاءت هكذا أفادت العموم !! الثانية : وهي الأخطر !! .
قوله عليه السلام (( لا ينزعه )) !! ولا ينزعه :لا يزيله ويكشفه عنكم والنزع لا يكون إلّا لأمر محبوب كما في نزع الملك .
يقول الله تعالى : (( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) سورة آل عمران . كما أن النزع لا يكون إلّا بمشقة والمشقة هنا ليست جائزة على الله تعالى وإنما المشقة في قلوب العباد الذين أحبوا هذا الذل وارتاحوا له وألفوه .. ومن هنا تأتي الخطورة في هذه اللفظة : لا ينزعه !! إنها تحتمل : دفاعا عن الذل . ومحبة للذل ومن هنا تفسر دفاع كثير منّا عن الذل الذي ألفه فتبلّد إحساسه فلم يعد يشعر به ؛ بل يدافع عنه . وموتا في سبيل الذل المألوف .وربما فترة للتخلص من هذا الذل المحبب إلى النفس
-
حامد الطاهركاتب مصري يعيش في البحيرة له اهتمامات إسلامية