التـجـــربـــــة التـعـلـيمـيـــــة ..
نشر في 26 مارس 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
تتسارع وتيرة الحياة , يتبدل الإنسان من حال لحال بين اللحظة والأخرى ويبقى العلم وحده هو الثابت على مبدأه الذي لا يتجزأ , فلا صوت يعلو فوق صوت السمو الفكري , فوق صوت المعرفة , ومع تبدد البشرية يظل هو باقياً هو كما لو أنه يُجدد أنسجته , يظل باحثاً عن عقولاً تسعى للنجاة من بحور الجهل التي لم تكف عن جرفهم بتيارها العنيد , يتلهفون بأن يتنسموا نسمات الحرية , حرية الفكر والتوجة , يُفتشون عن سُبل جديدة تتفتح أمام خطواتهم المضطربة المرتحلة التي أدمى الجهل أناملها , فقط يترقبون فرصة ليجدوا ذواتهم , وبالعلم وحده يستطيعون أن يجدوا ما ضلوا عن إيجاده منذ دهور ..
قوة العلم عبقرية , سحرية , تنتشلك من هوة الضياع نحو قمة إنسانتيك , تصل به إلى أعلى مراتب إنسانيتك التي لطالما حسبتها صعبة المنال ! , به يمكنك أن تفعل الأفاعيل ! , تصل لذاك النجم العملاق وأنت لازلت تُلامس أرضك , تكتشف ما بعد حدود الخلق وأنت لازلت كائناً منهم , تنشق عنك وتتحرر عن قيود عتمة فكرك المحدود وأنت حينها المسجون خلف قُضبان سجنك ! ..
به وحده أنت تستحق أن تكون الإنسان , الذي كلفه الله بخلافة الأرض , واستأمنه على تعميرها والإرتقاء بها , أنت به تستحق أن تكون وبحق ودونه فأنت العدم ! ..
وفي عصرنا .. تزايدت وسائل المعرفة التي تناولها البشري أعظم تناول , وأقبحه في ذات الحين ! ,,
فأصبح التعليم يقتصر على " التلقيــــن " دون النظر إلى المُتلقي , أصبح المتلقي كالوعاء ! , فقط وعاء يحوي ما يود المُلقن قذفه فيه , وما عليه سوى القبول والإستسلام , فما من بدائل , ما من وسائل أخرى يمكنه به العبور من ظُلمة الجهل إلى إشراق المعرفة , ولكنه لم يعي أنه بذلك التسليم قد وقع ضحية لفخ الجهل الأبدي ! , فقد أعلن رايته البيضاء أمام الجمود وتساهل عن حقه في العلم , الذي لا يقل أهمية عن حقه في الحياة ذاتها ..
ولكن .. هل يمكن أن نجد من يمد لهؤلاء الفقراء " فقراء الحيلة والقدرة والمعرفة " يديه بكل ما يملك من طاقة أودعها فيه خالقه حتى يمنح لهم الضياء من جديد ؟ ..
نموذج شاب .. وتجربة إرتقاء بالوعي العام ..
محمد صالح سليمان .. القصة تبدأ كما تبدأ الكثير من قصصنا , طالب مصري شاء الله أن يلتحق بإحدى الكليات التي تعتمد على تطوير منظومة التعليم " كلية التربية النوعية قسم تكنولوجيا التعليم " , ومنذ أن دبت أقدامه بهذا الصرح دبت داخله دوافع أخرى بعيدة كل البُعد عما كان يرغب به سابقاً , حلمه تبدل وهو الأخر , وجد أن وجوده بهذا المجال ليس عبثاً , بل قد يكون هو المنطق كله ! , هو فقط لم يضع بحسبانه أنه قد يصبح عضواً في هذه المنظومة العريقة التي تهدف إلى التغيير الجذري للتعليم , ولكنه أيقن أن لوجوده بها حكمة ما , وعنها .. إنطلق وتحرر الحُلم ..
تبدلت الأيام وتعاقبت , بين اللحظات العصيبة واللحظات التي أفاضت عليه بالسعادة والإطمئنان , تمايل هو مع تيار الأيام , حتى أعلن عن إكتمال دراسته بكلية التربية النوعية وحينها أدرك أن البداية الحقيقة لابد وأن تُعلن هي الأخرى عن بدايتها ..
عمل كمحاضر بإحدى الجامعات الدولية " Stanford International college " ونقش على جدرانها إسمه بحروفاً من ضياء العلم , وأيضاً محاضر لأكثر من صرح تعليمي على أرض وطنه مصر ..
خلال سنوات بسيطة , أطلق مشروعه الخاص أو دعنا نقل أنه " عالمه الخاص " .. فهو يعيش له ولأجل أن يجد فيه ما لم يجده طيلة سنوات دراسته المدرسية والجامعية , من سلبيات لابد وأن يتم تقويمها , ومن إيجابيات يسعى بأن يطورها أكثر فأكثر .. وبعد سنوات عديدة في مجاله إستطاع أن يحصد عدة جوائز بعدة أحلام جديدة , فمع كل خطوة يخطوها تتفتح أمام عينه طرق جديدة , وكل ما يضعه أمام رؤياه هو فقط التطوير , التغيير , التقويم والإرتقاء ..
وفي أقل من عام حقق كيانه الصغير المُسمى بـــ EduMost رواجاً رائعاً ..
إنتشاراً واسعاً جعله يتصيد أحلام أكبر وأبعد .. تهافتت عليه العقول في مشهد مهيب , متعطشه لوجودها , إنبعث فيها الأمل من جديد وترامت عليه وكأنها شريدة بين طرقات الحياة , وما كان عليه سوى أن يعمل ويكد حتى يستحق بأن يكون القِبلة الأولى لهذه العقول ..
انطلق بالكثير من النشاطات التعليميه التي يدور محورها على تطوير التعليم بكل أشكاله عبر شبكة الإنترنت , فــ يصل حينها التعليم بشكل أيسر , ويتبدد مفهوم التلقين للتلقين , فقط يتبلور العلم في رونقه الأصلي , ربط التعليم بالتكنولوجيا هو أساس قيلم هذا الكيان , تدريب الكوادر التعليمية حتى يصبح على دراية بكل أساليب التعليم المتطور بدايةً من مرحلة تعلم الحروف والنطق حتى يصبح الفرد مسئولاً على تعليمها لغيره , منذ أن يكون مُتلقياً حتى يصبح مُلقياً .. ومع تطور عمله تطورت آماله هي الأخرى , تطورت أهدافه ليُصبح قائداً لهذه المنظومة بأكملها , وعليها فهو يسعى حتى سعت الأحلام له سعياً ..
مبدأه في الحياة .. الصعوبات هي من تصنع منك شخصاً رائعاً ..
كحال أغلب شباب مجتمعاتنا العربية , بعد التخرج ونيل درجته العلمية يصبح البحث عن العمل هو الشغل الشاغل له , فمنهم من يعبر هذا المفرق ويحتازه بسلاسة ويقتنص وظيفة ومنهم من يُعرقله السير ويتخبط , وهو كذلك , تخبط في بداية المشوار وصارع الطرق بمفرده , فلم يجد من يسانده بــ " واسطة أو كوسة " .. بل تحمل مشقات الطريق وحده , ولكن لــ " جهل " مجتمعنا بقيمة مجاله فقد واجة أشد المصاعب في إيجاد وظيفة تفتح أبوابها له , وكما يمد هو يده الآن للعقول لم يجد من يمد له اليد والعون كشاب بسيط في بداية مشواره , وأما عنه , فلم يجد سوى أن " يعافر " في وجة المهازل ! ..
التحق بإحدى البرامج عبر الإذاعة المصرية وزاولها لمدة ستة أشهر ولكن نداء الوطن كان الأقوى والأبقى , فلم يجد سوى أنه يحزم أمتعته وأحلامه وسار نحو رماله لأداء واجبه الوطني ..
وبعد أن أدى خدمته أعظم أداء , عاد حاملاً أحلامه ساعياً من جديد .. التحق بكليته من جديد لينهي دراساته العُليا بهذا المجال , اشتد الطموح أكثر فأكثر ولم تخفت شعلته لحظة برغم " مطبات " الحياة , وخلال فترة دراسته أصبح عضواً من أعضاء التدريس بإحدى المعاهد الخاصة , فتصبح حياته تتمحور بين الدراسة والتشبع من بحور العلم ليروي ظمأته , التدريس ليفيض على غيره من علمه ويُطفئ نيران جموده وبين البحث المتواصل ..
الآن .. أصبح الطريق أكثر وضوحاً عن ذي قبل .. بالعلم ..
بكل ما واجهه .. استطاع ..
بكل ما صارعه .. تحمل واستمر ..
بكل ما اقتنصه .. تحرر وسعى وانتصر ..
خلاصة مسيرته " حتى الآن " ..
محاضر لأكثر من سبعة آلاف متدرب يسعون أيضاً لإخراج العقول المتلقية للعلم للنور ..
مؤلف لأكثر من كتاب , محتواه هو خلاصة مشواره نحو العلم والمعرفة والطموح ..
محاضر جامعي أكاديمي ..
وما خفي كان أعظم , ودع الأيام تسرد قصته على مهل .. فالقادم لا يزال يُكتب على سطور لن تمحيها الحياة ..
فالقوة تكمن من عمق الألم , والعلم ينجو من أنياب الجهل ..
والآن .. يزداد كيانه الصغير بريقاً عن قبل .. فالعمل الدؤوب هو حجر أساسه .. فإن كنت عضواً في هذا الكيان الأكبر وهو التربية والتعليم والتقويم , فما عليك سوى أن تُصقل مهنيتك أكثر فأكثر , والتوجة إلى من يسعى نحو التغيير وبحق , فهو عليه المبادرة وأنت عليك العزم على إقتناص مبادرته بكل حرص ..
ونحو خطوات أعلى وأنجح يسعى الكيان بكل ما يملك من قوى وطموح إلى الخروج من النمطية والتحرر منها , لأجيال قادمة بلا خوفاً عليهم , ولا خوفاً على عقولهم من التشتت ..
تجربة اليوم هي تجربة تعليمية .. تجربة ربط الوسائل المرئية والمسموعة بالتعلم , فحينما إشتد غزو وسائل الشبكة العنكبوتية وجدنا التعامل معها يضل تارة ويستقيم تارة , وبين هذا وذاك تتفكك العقول بين الهادف والهايف , ولكن وقت إستغلالها في بناء العقول قد حان ..