بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين , سيد الخلق محمد صلى الله عليه و سلم , ما معنى التقوى ؟ و كيف نتقي الله ؟ و ما جزاء المتقين ؟ و ما أحوال المتقين ؟

التقوى بكل اختصار هي الدين كله , فعمل كل ما أمر الله به و اجتناب ما نهى عنه هي التقوى و هي الدين , لقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : "التقوى هي الخوف من الجليل و العمل بالتنزيل و القناعة بالقليل و الاستعداد ليوم الرحيل".

وقد سأل عمر بن الخطاب هريرة رضي الله عنهما قائلا : ما التقوى ؟ فقال له هريرة : مشيت على طريق فيه شوك ؟ قال نعم , قال هريرة : وماذا صنعت ؟ قال عمر : كنت إذا رأيت الشوك إتقيته . قال أبو هريرة : ذلك التقوى.

فإذا قرأنا القرآن نجد التقوى سببا في كل خير في الدنيا و الآخرة , لقوله تعالى : " ومن يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب " سورة الطلاق , وقد قال بعض السلف أن هذه الآية هي أجمع آية في كتاب الله .

طبعا كلنا في أمس الحاجة لعون الله في الدنيا , و لكن إعلم أخي أنك في أمس الحاجة لعون الله في الآخرة من الدنيا , فإن عملت عملا و لم تجز عليه في الدينا فلتكن سعادتك أكبر لأن الله سيجازيك عليه في الآخرة خير جزاء. و أكبر جزاء للمتقين حين يعطى المرء كتابه بيمينه ويدخل الجنة بغير حساب ..

قال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله يجعل لكم فرقانا" سورة الأنفال , وقد قال أهل العلم أن الفرقان هو النور الذي يفصل به بين الحق و الباطل , فإن كنت من أهل التقوى يجعل الله لك نورا في أعمالك و يريك الحق حقا و الباطل باطلا.

يقول الله تعالى في سورة النحل : "و إن تصبروا و تتقوا و لا يضركم كيدهم شيئا" , الآية الكريمة تجمع بين الصبر و التقوى , لأن التقي معرض للإبتلاء أكثر من غيره , و أبسط مثال على ذلك نراه في مجتمعنا حين تمتنع النساء عن السلام على غير المحارم , تجد الدنيا تقوم و تقعد لمجرد أنها امتنعت عن السلام , فكيف لأمور أعظم .. و قوله تعالى في سورة هود :"واصبر إن العاقبة للمتقين" ..

ولا بد إن ذكرنا التقوى أن نذكر عمر رضي الله عنه ,فقد كان عمر تقيا يحب التقوى و يخشى الله كثيرا , كان عمر إذا قيل له "اتق الله يا عمر" بكى حتى تتبلل لحيته بالدموع . 

إن التقوى هي الدين كله و هي الإيمان كله , و التقي هو المؤمن الذي لا يضره من الله شيء.

وَإِذا بَحَثتُ عَنِ التَقِيِّ وَجَدتُهُ ** رَجُلاً يُصَدِّقُ قَولَهُ بِفِعالِه
وَإِذا اِتَّقى اللَهَ اِمرُؤٌ وَأَطاعَهُ ** فَيَدَاهُ بَينَ مَكارِمٍ وَمَعالِي
وَعَلى التَقِيِّ إِذا تَرَسَّخَ في التُقى ** تاجانِ تاجُ سَكينَةٍ وَجَمَالِ
وَإِذَا تَنَاسَبَتِ الرِّجَالُ فَمَا أَرَى ** نَسَبًا يَكُونُ كََصَالِحِ الأَعْمَال