لماذا خلق الله الفقراء؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

لماذا خلق الله الفقراء؟

  نشر في 08 فبراير 2019 .

لا شك أنك أيها القارئ الكريم بمجرد الحديث عن الفقراء والمساكين وذوي الاحتياجات الخاصة، ستتساءل عن ماهية ذنبهم حتى يولدوا على ذاك الحال، وأظن أن سؤالي لا يمكن لأحد أن ينكر أنه تردد إلى ذهنه يوما ما دون أن يجد له أجوبة مقنعة . لذلك قررت كتابة مقالة أهدف من خلالها تقديم جواب مقنع لك عزيزي القارئ ؛ آملا أن ترضى به ويزيح الشك عن مخيلتك . سأستهله بحديث لرسول الله صل الله عليه وسلم يقول : ﴿ يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْر السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنِعُوا الْقَطْرَ من السماء ولولا البهائم لم يُمْطَرُوا ولم يَنْقُضُوا عهد الله وعهد رسوله إلا سَلَّطَ الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أَئِمَّتُهُمْ بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم ﴾ . إن الله جعل قوت الفقير في فضل مال الغني، فما جاع فقير إلا بتهمة غني، ولو الأغنياء أخرجوا زكاتهم ما بقي فقير في دول المسلمين . مصداقا لقوله تعالى في سورة الملك : ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) ﴾ . أما الإجابة عن سؤالنا الجوهري لماذا خلق الله الفقراء ؟. ستجد السبب  في القرآن الكريم في سورة الملك الآية ٢ حيث يقول الله عز وجل فيها : ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢) ﴾ . فالله عز وجل خلق الموت والحياة ليختبرنا أين منا أفضل وأحسن عملا، وكهذا نستنتج أن سؤالنا ليس حكرا على الفقراء فقط، بل يمكن أن يشمل كذلك الأشخاص ذووي الاحتياجات الخاصة، والمصابين بالأمراض الوراثية، وأمراض القلب والسكري، وغيرها من الأمراض المزمنة ليصبح السؤال على الشكل التالي : لماذا بعض الناس يخلقون فقراء . بعضهم معاقين، البعض مصاب بأمراض القلب الوراثية، والبعض الآخر أبكم وأعمى ؟. الجواب أيها القارئ اللبيب هو أن هذه الحياة التي نعيشها في هذا العالم ما هي إلا امتحان للدار الآخرة، ووفقا للامتحان المعطى إليك ستتم محاسبتك، فالله تعالى يحاسب أصناف متعددة من البشر بطرق مختلفة وفق أعمالهم . فمثلا إن أردت أن تستعد للامتحانات، ففي كل سنة ستجد أن الأسئلة تتغير . وهذا أمر بدهي، فإن كانت جميع السنوات بنفس الأسئلة فإذا أين الامتحان !!. الأسئلة يجب أن تتغير . لذا فطبقا للمثال وبشكل مشابه يختبر الله تعالى أناسا مختلفين بطرق مختلفة . بعضهم يرزقون بالمال، لكن إن رزقوا المال فإن الشريعة الإسلامية تقول أنه يجب عليهم أن يعطوا % ٢.٥ من أموالهم كصدقات، وهذا ما يسمى بالزكاة ؛ أما الشخص الفقير ليس مجبورا دفع فريضة الزكاة، لأنه حصل على درجة كاملة في الزكاة، لذا فالصعوبة تقع أكثر على كاهل الرجل الغني، فالنبي صل الله عليه وسلم قال أنه من الصعب على الرجل الغني أن يدخل الجنة، وذلك أن الغني ـ من أهل الجنة ـ لا يدخلها حتى يسأل عن ما أعطاه الله له من الدنيا، وأما الفقير من أهلها فلا شيء عنده يسأل عنه، وإن كان عنده من شيء فهو قليل، فيكون موقفه أقصر . فأصحاب المال يشتركون مع غيرهم في الحساب ويزيدون عليهم بالسؤال عن المال سؤالين : من أين اكتسبوه ؟ وفيما أنفقوه ؟. كما صح عن النبي صل الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي وغيره . لذا إن حللنا النعم التي أعطاها الله تعالى لنا، فسيحاسبنا طبقا عليها، فإن أعطاك المال، فيجب عليك دفع فريضة الزكاة، وإن لم يعطيك إياه، فتسقط عنك هذه الفريضة ؛ أما مسألة لماذا يولد بعض الناس فقراء والبعض الآخر معاق أو به أمراض وراثية . قد يسأل أحدهم ما ذنب هذا الطفل ؟؟. ماذا فعل ؟؟. نحن نؤمن في الإسلام أن كل الأطفال أبرياء وخاليين من الذنوب، لكن حينما أتى لهذه الحياة فذلك امتحان من الله له، فالله يشير في القرآن أن أموالنا وأولادنا وأزواجنا امتحان لنا . ربما قد يكون امتحان للآباء !!. أراد الله من خلاله امتحان الوالدين، فقد يكون الوالدين ناجحين ويؤمنون بالله، لذا أراد الله أن يمتحنهم بامتحان أصعب، فيجعل ابنهم يولد معاقا، أو يجعل ظروفهم صعبة، وكلنا نعلم أن الله إذا ابتلى عبدا فلأنه يحبه، فالله يريد أن يمتحننا هل ما زلنا نؤمن به حتى ولو صعب علينا الإختبار . فكلما صعب الاختبار زاد وتضاعف الأجر والثواب . كمثال على ذلك، تخيل أنك تحضر لامتحان التخرج من الثانوية، من الطبيعي أن الامتحان سيكون سهل، لكن في حالة التحضير لامتحان الدكتوراة، فمما لا شك فيه أنه سيكون أصعب أكثر، لأن عند نجاحك في هذا الامتحان ستحصل على لقب " دكتور ". أليس كذلك ؟. فالامتحان صعب، ولكن في المقابل مرتبتك عالية، وحصلت على لقب دكتور . لذا كلما صعب الامتحان علت الجائزة، الله تعالى يختبر أناسا مختلفين بأساليب متعددة . فبمجرد ولادة الشخص معاقا أو فقيرا أو مريضا هذا لا يعني مطلقا أنه ارتكب ذنوبا في حياته السابقة !!. فهو من دون شك بريء، فالفقر والإعاقة والمرض ربما امتحان للأبوين، أو اختبار بحد ذاته للشخص نفسه . فكل هذه الأساليب ما هي إلا اختبارات يريد الله أن يعلم من خلالها هل ما زال العبد يؤمن بالخالق أم لا . لهذا السبب يجعل بعض الناس فقراء يولدون في بيئة فقيرة . البعض الآخر في بيئة غنية . لكن في نهاية المطاف سيحاسبك اعتمادا على الامتحان الذي أعطاك إياه . لنفترض أننا في مضمار سباق مئة متر، ولدينا بعض المتسابقين يعانون من مرض السكري، أو لديهم مشاكل في أقدامهم، فإنهم سيبدؤون من مسافة خمسين مترا، وليجعلوا السباق عادلا فلا بد لهؤلاء الأشخاص أن يحصلوا على أفضلية خمسين متر . لذا إن أخذ الله بعض النعم من الناس، فامتحانه سيكون طبقا لما أخذ، فإن كانت أسئلة الامتحان صعبة، فالأستاذ سيصحح الأوراق بتساهل ؛ أما إذا كانت الأسئلة سهلة جدا، فمن دون شك أن الأستاذ سيصحح الأوراق بتشدد . لهذا السبب، خلق الله تعالى أجناسا مختلفة بطرق متنوعة وبألوان متباينة، ولغات متعددة، بأجواء متغايرة ومتفاوتة، فطبقا للأحوال المقدمة من الله تعالى والنعم التي أعطيت لك، ستتم محاسبتك . آمل أن تكون رسالتي قد وصلت بشكل جيد لك عزيزي القارئ، كما أرجو أن تفهم المقصد منها، ولكم منا خالص مودتنا .


  • 1

   نشر في 08 فبراير 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا