المعادلة الجديدة في أمن الخليج - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المعادلة الجديدة في أمن الخليج

بينما الأمل معقود على خلق تحالف عربي قوي في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن هناك مساعي لتحالف عسكري ودفاعي بين كلا من السعودية وتركيا وباكستان..

  نشر في 22 ماي 2015 .


يتشكل في منطقة الشرق الأوسط مسارا دوليا جديدا يقوم على وجود حيز لتحالفات أمنية إقليمية، فسياسات الدول العظمى والقوية وخاصةً الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي لم تعد الضمان الرئيسي في خلق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ناهيك عن بعض السياسات التي كرست التبعية الأمنية مثل ملف إيران النووي مع واشنطن وموسكو أو فيما يعرف بمفاوضات الدول الست مع إيران، الذي كان يجب أن تشارك فيه دول الخليج عبر منظمة مجلس التعاون الخليجي. رغم أهمية تلك الدول إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي يجب أن تكون المسؤولة والمعنية بالدرجة الأولى في أمنها لأنها الأكثر انتماءا وتأثرا لبيئتها المضطربة أمنيا واقتصاديا وتنمويا.

بينما الأمل معقود على خلق تحالف عربي قوي في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن هناك مساعي لتحالف عسكري ودفاعي بين كلا من السعودية وتركيا وباكستان. وكانت البداية الحقيقة لهذه الفكرة عبر رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف الذي زار السعودية موضحا للملك سلمان بن عبد العزيز أبعاد قرار البرلمان الباكستاني في  الامتناع عن الانضمام إلى تحالف عاصفة الحزم ضد الحوثيين في اليمن، وجوهر السبب أن هناك عدد كبير من الباكستانيين الشيعة في الجيش الباكستاني، الأمر الذي أخذه البرلمان عندما قرر عدم المشاركة في تحالف عاصفة الحزم. وفي خطوة لاحقة عرض شريف على السعودية المساندة في تشكيل اتفاقية شاملة للأطر الدفاعية العسكرية، فيما طور السعوديون الاقتراح لاحقا لضم تركيا.

تركيا تبدو متحمسة لهذا التحالف كما أن السعودية بدأت مستعدة على تفضيل هذا التحالف على حساب تطوير حلف عسكري خليجي وعربي، وبدأ المشروع الثلاثي بأبعاد عسكرية في سياق التدريب والتأهيل والمناورات المشتركة وتبادل الخبرات الدفاعية، لكي يتبلور تصور حول قيادة دفاعية مشتركة ثلاثية، جدير بالذكر أن المشروع  تجاوز سيناريو التحضير الورقي والإرادة السياسية وقد يولد بعيدا وبصورة غامضة عن مصر والإمارات والأردن والمغرب، ولكن السعودية قد تترك الباب مفتوح للدول الخليجية والعربية الراغبة في الانضمام، ولكن نواة التأسيس ستكون بطبيعة الحالة للدول الثلاث، بما فيها من مركزية القيادة.

أهمية كلا من تركيا وباكستان في أمن الخليج تفوق أنهما تجاوران إيران جغرافيا، وأن تركيا تجاور العراق وسوريا. فباكستان دولة نووية لها علاقات تاريخية ودينية واقتصادية وسياسة متميزة مع دول الخليج الثمانية والعالم العربي. كما أن وجود علاقة أكثر تشابكا وترابطا في إطار عسكري واقتصادي وأمني مع دول الخليج يفترض أن يفوق البعد الحالي في ردع وتغيير السلوك الإيراني ومحاربة الإرهاب وإعادة الاستقرار في بعض الأقطار العربية كسوريا والعراق، إلى بعد آخر يجعل باكستان كإطار لتَقْوِيم السلوك السياسي للهند والصين في أمن الخليج، وأيضا  كي لا يأتي يوم وتصبح الهند والصين دول عظمى لها تجاوزرات على حساب أمن منطقة الخليج والشرق الأوسط، خاصةً في حالة مستقبلية تكون فيه واشنطن قد تغيرت من إمبراطورية إلى دولة كبرى لا تهتم بالشرق الأوسط والشرق الأدنى. لذا باكستان دولة تستطيع خلق محددات للهند والصين في سياساتهما تجاه الشرق الأوسط والخليج لما للجغرافيا والمصالح الخاصة بينهم من دور مهم. إلى جانب ذلك تمتلك اسلام آباد قدرات بشرية كقاعدة تعزز الاستثمارات في علاقاتها.

وعلى الجانب التركي، أهمية "تركيا" ليست في عضويتها بالحلف الأطلسي والموقع الجغرافي وحسب، بل إن تركيا تلد نفسها من جديد في منطقة الشرق الأوسط كهوية دولة لم تستطع تجاوز بعدها الحقيقي منذ سقوط الخلافة العثمانية، وتركيا تسعى دائما لربط البعد الأمني مع الخليج والمنطقة العربية بتطور اقتصادها ودعم قضايها الأمنية كالملف الكردي والقضية الأرمنية والخلافات مع اليونان وتمدد القوة الإيرانية، وهذه مسألة طبيعية فالدول الكبرى والقوية كانت تستفيد اقتصاديا وتجاريا وسياسيا في علاقاتها الأمنية مع مختلف الدول، فالجانب الاقتصادي يعزز دائما الراوبط الأمنية. فأمن تركيا وتطورها الاقتصادي وإعادة هويتها يتوقف على حجم دورها وعلاقاتها في الشرق الأوسط.

على الرغم من أهمية هذا التحالف، إلا أنه لم ينسق مع دول مهمة خليجيا وعربيا مثل الإمارات، مصر، المغرب والأردن، وهنا لا أرى عائقا في اتساع هذا التحالف، سوى تركيا التي تحمل بعض الخلافات التي يمكن حلها مع الإمارات ومصر في مسألة الإخوان المسلمين، فالمصالح المشتركة الأمنية والاقتصادية والتجارية في الشرق الأوسط تُصغر ذاك الخلاف.



  • حميد سعيد المنصوري
    كاتب ومحلل سياسي، حاصل على البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية، له الكثير من المقالات والدراسات المنشورة في جريدة الاتحاد الإماراتية، إلى جانب بعض المحاضرات. موظف حكومي في أبوظبي. http://www.alittihad.ae/wajhatauthor.php?AuthorID=409
   نشر في 22 ماي 2015 .

التعليقات

Hseen منذ 9 سنة
عجبتني مقاله الله يسلم لسانك
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا