المشاريع الثقافية بين وحش قلة التمويل وغول سوء التدبير - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

المشاريع الثقافية بين وحش قلة التمويل وغول سوء التدبير

أنت صاحب المشروع نعم، لكن فريقك هو المحرك الأساسي له!

  نشر في 06 ماي 2023 .

تجسد المشاريع الثقافية احتمالية الأفراد بتحسين المردود الماديّ والمستوى الاجتماعي والهوية المعنوية لهم، كما تساهم في ترقية مهاراتهم وتوظيفها في ارتفاع الكفاءة والهوية الثقافية، وهي الطريق التمهيدي صوب المشاريع الهائلة المؤثرة، وتشارك المشاريع ذات الاشعاع الضئيل نسبيا في تعديل البناء الوطنيّ ونموه وتأطير الشباب وإدماجه، لذلك يجب علينا قبل البَدء بأي مشروع يصنف من الأعمال الثقافية الربحية أو الشبه ربحية الصغيرة وضع تدابير محددة بأهداف محددة، ويجب أن تكون تلك التدابير قريبة المدى لِكَي نتفادى فشل المشروع على المدى البعيد. وكما للسفينة ربان يقود دفتها ويمسك زمام القيادة في المشاريع، كل اعتبارات الفشل والنجاح مرتبطة أساسا بصاحب المشروع.. وقد يفاجئكم اقراري بأن الفريق المذهل المترابط الذي يتمتع بكل مقومات النجاح تواصليا وانتاجيا إذا ما خنق برب عمل سلبي عبثي ومتسلط وزائف، لا مصير للمشروع غير فشل محتم رغم كل محاولات إنقاذه وإنهاضه.

وسأطلعكم في هذا المقال على أهم أسباب فشل المشاريع الثقافية التي إن وجدت ملامحها في أي مكان إما أن يتراجع ويتغير الربان أو أن يواصل ابحاره باتجاه جبل الجليد وينتهي المشروع نهاية تراجيدية كنهاية فيلم التيتانيك تماما.

قبل أن نتطرق إلى أسباب فشل المشاريع علينا أن نفهم ما هي طبيعة المشاريع الثقافية الصغرى والمتوسطة.. هي مشاريع يكون عدد العاملين فيها محدودا ولا يحتاج إلى تمويلات مالية كبرى ويعود أصل ملكية المشروع إلى صاحبه منفردا أو صاحبه وبعض الشركاء، وينشط المشروع في شعاع جغرافي محدد وصغير كما يتناسب بالضرورة مع محيطه من حيث نوع الاحتياجات والخدمات.

وحش قلة التمويل

لدى المشاريع الضئيلة والمتوسطة أهمية كبرى في مساندة الإنماء الاقتصادية، مثلما يُعتبر دورها محوريًا في حل مشكلات عدة مثل البطالة، التهميش، ندرة التظاهرات الثقافية، انتشار الظواهر الاجتماعية السلبية، بالإضافة إلى أنها تقدّم إضافة للناتج المحلي.

في الحقيقة؛ يتبين لنا أن تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أكبر المشكلات التي تواجه المؤسسات المالية من جهة، والمبادرين أصحاب المشاريع الصغيرة من جهة أخرى.

تتواجد المشروعات الصغيرة والمتوسطة بين كفتي ميزان. الكفة الأولى تتطلب تشديد شروط الاقتراض والضمانات، أما الكفة الأخرى؛ فتتطلب تخفيض هذه الشروط دون أن يؤدي ذلك الى زيادة الديون المتعثرة، وقد يكون ذلك بسبب صغر حجم هذه المشاريع، وأيضًا بعض الدول تسمح للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بالحصول على القروض الائتمانية بنسب فائدة منخفضة.

يمكن أن توجد حلول مبدئية لإشكال التمويل قد تتمثل في:

- صناديق الدعم والقروض للمشاريع الصغيرة.

- القروض البنكية.

- تمويل العائلة والأصدقاء.

- تمويلات جماعية عبر المساندات الاجتماعية والتبرعات.

غول سوء التدبير

يحتاج قادة المشروع إلى اكتساب الكثير من المهارات التي تسهل عليهم إدارة المشاريع بنجاح وإحضارهم إلى القمة. يمكن القول، إنه إلزامي إذا كان قائد المشروع يريد تحقيق أهدافه، خاصة وأن الإدارة لا يمكن أن تحدث بشكل عشوائي، ولكنها تتطلب نظامًا وقيادة ناجحين. لن يتحقق هذا الهدف ما لم يكن لدى صاحب المشروع العديد من المهارات التي تؤهله للقيام بذلك ومنحه الخبرة اللازمة لإدارته بنجاح وحكمة. وأنا أتكلم عن مهارات جوهرية لا يمكن امتلاكها بالعجرفة والقوة والتبلد الفكري بل بكثير من الصبر والجهد والعمل والدراسة والتواضع. أما الفشل فهو غول غذاؤه قلة التدبير المتمثل في:

التخطيط السيئ والعشوائي: عادة ما يستغرق أصحاب المشاريع الصغيرة في حماسهم بالشكل الذي يجعلهم عاجزين عن رؤية الامور بوضوح، فالتخطيط عندها يصبح متأثرا برغبة الشخص في نجاح فكرته بأي شكل وأن تتحول إلى واقع ملموس. هذا الحماس المبالغ فيه يتسبب في تحويل عملية التخطيط بأكملها إلى عملية عشوائية وغير سليمة.

إهمال الخطة المالية: تكمن أهميتها في كونها متخصصة أكثر وتركز على الجانب المادي فى المشروع أكثر منه الإداري. تولى الخطة المالية توضيح كل من الإيرادات والمصروفات الخاصة بالمشروع، أجور العاملين وإيجارات المعدات، بالإضافة إلى توضيح الأصول الثابتة وقيمتها، وكذلك التدفقات النقدية الحالية والمستقبلية على المدى القصير أو الطويل.

إهمال الخطة التسويقية: يقوم مسؤولي التخطيط التسويق في المشروع على تصميم خطة تسويقية شاملة، يكون الهدف منها هو استخدام كافة الوسائل والاستراتيجيات التسويقية الفعالة، في سبيل بناء قاعدة جماهيرية للمنتج، ترتبط به وتساعد في انتشاره لدائرة أوسع من العملاء.

الوقوع في غرام مشروعك: أكبر الأخطاء التي يرتكبها رواد الأعمال الناشئين أن معظمهم يرى مشروعه من زاويته هو فقط لا من زاوية الجمهور الأمر هنا لا يتعلق برفض الأخريين التقدم أو التطور بأسلوب حياتهم، ولكن المجتمع المحيط يتحكم بالعديد من المتغيرات التي تؤثر في نوعية المنتجات والأفكار المقدمة؛ لذلك قبل الوقوع في غرام فكرتك، عليك أن تجعلها مرتبطة الواقع المحيط، وأن تتأكد من قابلية تحقيقها.

العمل وحيدا: إن المشاريع التجارية/الصناعية/ الخدمية وغيرهم جميعًا تحتاج إلى الخبرات والأراء المختلفة لتنمو على أسٌس وقواعد ثابتة تستطيع الارتكاز عليها؛ فالاستفادة من آراء الآخرين، ستساعدك في أن ترى مشروعك بنظرة أكثر شمولية، كما ستمهد لك طريقة استقبال الجمهور المستهدف له.

عدم الالتزام التام: عدم قدرتك على تحقيق نتائج فعلية جيدة سواء في وظيفتك التقليدية أو في مشروعك بسبب الإرهاق أو التشتت المستمر من كلا الجهتين أو الإدمان أو المواظبة على عادة سيئة.

سوء إدارة ومعاملة فريق العمل: ثلث المشاريع تفشل بسبب سوء إدارة وتصرف صاحب العمل مع موارده البشرية "أنت صاحب المشروع نعم، لكن فريقك هو المحرك الأساسي له"، فأي تجاهل منك للقيمة التي يضيفها هؤلاء أو تعامل بعد احترام أو تعنت معهم، ق يتسبب في خساراتك لأفضل مميزاتك على الإطلاق. فالانسجام ضمن فريق العمل لا يساعد على الحفاظ على بيئة العمل صحية ومنتجة فحسب، بل يساعد في توطيد ولاء العمال إلى مشروعك والبقاء معك مهما تعاقبت الأزمات.

كن متعجرفا: حاول أن تبتعد عن السقوط في فخ الآنا قدر المستطاع، فبعض رواد المشاريع الناشئة يكون لديهم خبرات مختلفة في أكثر من مجال، مما يخدعهم في التفكير أنهم قادرين على الاستغناء عن توظيف الأفراد في بعض المهام وأدائها بأنفسهم.

الإنفاق ببذخ: عادة ما يتم ارتكابه في الاهتمام بالديكور أو مظهر العاملين أو شكل المنتج وإخراجه، دون الاهتمام بجودة المنتج نفسه أو حاجة السوق له من الأساس. إن البذخ في الإنفاق لا يساعد في وجود عنصر مهم للغاية في مرحلة التأسيس وهو "الاستعداد للأسوء"، وهو عنصر يكون العمل فيه منبثق من نظرية عدم الركون إلى الاستقرار والأمان المادي وتوقع حصول أي أزمات سيئة والاستعداد لها بحكمة.

إنّ الاطلاع على أُسس بناء المشاريع الثقافية وأداؤها من أهم الخطوات التي تساند المشروع في جميع مراحله؛ من بدايته باختيار منتجاته أو خدماته إلى انطلاقه بتسويقه وتطويره، وهكذا المحافظة على استمراريته بمواجهة الصعاب التي قد يمر بها، وتجدر الإشارة أنّ المشروعات الصغيرة تختلف عن المشروعات الكبيرة بإيراداتها وموظفيها وحجم أعمالها، في حين تتشابه معها في مبادئ إدارتها. وإن غابت هذه الأسس أو همشت عيب المشروع قبل أن يبعث.. وعلى هذا الأساس على صاحب المشروع أن يتحلى بعدة مهارات أساسية من دونها تبقى طموحاته مجرد رغبات مبعثرة وأحلام يقظة.

ختاما

بدون أدوار ومسؤوليات محددة بوضوح لكل من أعضاء الفريق ومديري المشاريع، فمن المؤكد أن المشاريع ستفشل. قبل أن نفكر في بعث مشروع إذا ما توفر لدينا المال علينا أن نفكر إن كنا مؤهلين لإدارته وتسييره أم لا! وإن كانت الإجابة بالنفي فما هي الحلول البديلة التي قد نعتمدها لبعث المشروع دون أن نقحم أنفسنا كأصحاب له في منصب المدير ونتجه به نحو الهاوية والغرق الدرامي والنهاية المأساوية؟


  • 1

   نشر في 06 ماي 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم
















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا