هل كان اتجاه البوصلة إلى الشمال مجرد صدفة أم أن هناك سر كامن وراء تلك القوة الخفية ؟ فلطالما تبادرت إلى عقلي كثير من المسائل التي تستهلك قدراً وافراً من المحاولات اليائسة لفك غوامض طلاسمها ثم لا اُحير لها جوبا ، فأهيم على وجهي في مفازة الجهل أبحث عن قطرات العلم هنا وهناك لكي أروي ظمأ ذلك الفضول .
ومن المعلوم بأن الإنسان هو بنيان ربه الذي خلقه بيده ، واستخلفه على أرضه ليقوم بدوره كاملاً غير منقوص ، كما اراد له ربه سبحانه في سالف علمه الأزلي . فأين بوصلتك أنت وبأي اتجاه تشير ؟ فإن حالتك الذهنية ، وميولك ، وآرائك ، وطرائق تفكيرك ، وانعطافات مشاعرك لها ارتباط وثيق فيما يتعلق ببوصلتك الداخلية . ومثال ذلك يتجلى بشكل واضح في الأبعاد المادية ، والضرورات الفسيولوجية كحاجة الجسم للطعام ، وإحساسه بالجوع ، والألم ، والرغبة بالتكاثر وهي في اساسها برمجيات تسعى بدورها للحفاظ على ذلك المخلوق وضمان ديمومته في عالم الدنيا .
إن الإنسان الذي ضل طريق بوصلته ، وتاه باتجاهات المجهول سيجد افتقاده له محزنا ، وسينعكس ذلك بشكل سلبي على صفحات قلبه الذي لا يكاد ينبض بالحياة ، ولا يعرف للسعادة طريق تسلك به قدمه . أما من ادرك طريقه واسترشد وسار على نواميس ربه فسيجد نفسه مدفوعاً برغباته ، ومستمتعاً بتحدياته التي يخوضها في مسيرته الخالدة كأنما هو سفينة تمخر عباب البحر مدفوعة بالرياح باتجاه غايتها المنشودة .
-
المسافريتألم الإنسان بالوهم اكثر مما يتألم بالحقيقة .