دائما ما نقرا مقارنات بين العامل الياباني والعامل العربي يجريها كتاب منظرين. ووجدتها تتكلم عن جانب واحد فقط وهو الإنتاج وتهمل باقي الجوانب. فيمتدح الياباني ويصل بالبعض حد التغزل بإنتاجيته وتفانيه واخلاصه في العمل وهذا صحيح الا حد معين. لا شك انه لا يوجد وجه مقارنة بينهما من الاساس من الناحية الانتاجية. لكن لو قارنا بينهما مقارنة شاملة وسلطنا الضوء على كليهما بكاميرا ثلاثية الابعاد لتتضح لنا الصورة وتصبح مشاهدة من جميع الاتجاهات. سيتسنى لنا بعد ذلك إجراء مقارنة عادلة ومنصفة.
تحمست كثيرا لفكرة إجراء المقارنة الشاملة وقــررت ان أقــــــوم بهــــده المهمة الغير مسبوقة (على حد علمي) وأحضرت ورقة وقلم وبدأت ادون مشاهداتي. في البداية ألقيت نظرة على ما يقدم للعامل الياباني فوجدت الاتي:
يتم تأهيله بشكل مناسب قبل ان يمــــارس العمل - راتب مجزي يضمن له حياة كريمة - يوفر له ولأسرته مسكن مريح وقريب من مقر عمله - توفر له وسيلة مواصلات - تتكفل المنشاة التي يعمل فيها بنقل أبناءه من والى المدارس - في كل منشاءه يوجد قسم خاص مهمته تقديم الخدمات للعاملين وحل مشاكلهم. بشكل عام وجدت ان كل ما من شانه تفرغ العامل للعمل وعدم تشتت ذهنه لغير العمل تم توفيره.
ثم ادرت وجهي الى الناحية الاخرى لأرى ما يقدم للعامل العربي. كي أستطيع بعد ذلك اجراء مقارنة محايدة. وهالني ما رأيت. وعرفت بعد هذه النظرة المعنى الحقيقي للكلمة العامية المصرية (الغلابه). وعرفت معناها الفعلي ووجده مجسم في هذا العامل المسكين ورأيت ما جعلني أمنحه أوسمة على صبره وقوة تحمله. وأطلق عليه القاب مثل البطل والمكافح والصنديد والجلد. والا كيف يتحمل كل هذا ومازال يعمل ويذهب ويأتي ويمارس اموره الحياتية ويبقى محافظ على توازنه ! وبدون ان اكتب أي كلمة في حقه على ورقتي وضعت القلم وقلت لا حول ولا قوة الا بالله.
-
فيصل محسن سعيدكاتب هاوي