امرأة بلا قيد - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

امرأة بلا قيد

اقتحمت عليه مكتبه في الشركة, حيث كان يُغازل صبية حسناء. اقتربت منه...وبكل قوة انبعثت من قلبها المفجوع بخيانته, هوت يدها الغاضبة كيَدِ عاملٍ في منجم فحم..على وجهه المدلل الذي لم يخض نزالات الحياة القاسية أبدا

  نشر في 11 أكتوبر 2018 .

اقتحمت عليه مكتبه في الشركة, حيث كان يُغازل صبية حسناء. اقتربت منه...وبكل قوة انبعثت من قلبها المفجوع بخيانته, هوت يدها الغاضبة كيَدِ عاملٍ في منجم فحم..على وجهه المدلل الذي لم يخض نزالات الحياة القاسية أبدا.

حدّق فيها باستهجان, فرفعت أنفها بشمم وقالت: "تستحقها يا مُخادع. قلبي ليس عجينة بيديك!"

خرجت من المكتب وسط ذهول كل من رأى أو سمع قرقعة الصّفعة على خد نائب مدير الشركة. الآن هي تشعر بالرضا,, إنّ شعور الانتقام من الظالم لذيذ, وكأنّ ماءً باردةً قد أطفأت نيران قلبها المحترق.

ركبت سيارة أجرة يقودها رجل خمسيني ذو نفسٍ خضراء. حرّك المرآة ليستطيع رؤية وجهها بالكامل, والتقت عيناه الوقحة بعينيها الغاضبة, فغمزها..

لا تريد أن تصبر وتُفوّت. صرخت بصوت حاد: "توقاااااااف."

توقف مذعورا.

وبسرعة أخذت تضربه بحقيبتها الجلدية, ضربات متتالية وموجعة, وهي تلعن سوء أخلاقه.

خرجت من السيارة وطرقت الباب بقوة, ثمّ قالت: "أيها العجوز الوقح المتصابي النجس. أليس لديك أخوات أو بنات يركبن سيارات أجرة؟! اذهب عليك لعنة الله. لن أدفع لك قرشا واحدا. وإذا فتحت فمك سأصرخ وأجمع الناس حولك وأفضحك."

وبمجرد أن أنهت تهديدها.. كان السائق قد ولّى أدباره هاربا من هذه المجنونة, كما وصفها.

دخلت البيت, فوجدت أخاها الجامعي قد ملأ المطبخ بالصحون والأكواب المتسخة, المكان يعوم بالأوساخ والفوضى... الطعام ليس بالثلاجة وقنينة المشروب الغازي مفتوحة, وهناك شيء دبق على الأرض.

أحسّت بالدم يغلي في جسمها كله, من أعطى أخيها الحق بأن يعاملها كخادمة بلا راتب. ليس ذنبها أنّ والدتهم توّفيت منذ سنين, تاركة إيّاها في منصب ربة الدار عن غير رغبة منها...تطبخ وتكنس وتغسل وتكوي...دون أن يمد لها أحد يد العون.

ذهبت إلى غرفته.. فتحت الباب دون استئذان.. نظرت له في تحدّ مخيف, وقالت: "ستذهب الآن وتنظف المطبخ وتعيد كل شيء في مكانه, وإلا سأحرق كل كتبك!"

لم يستوعب عقله ما تقوله أخته التي تكبره بثماني سنوات. خاف من جسارتها المفاجئة عليه, فوجد نفسه يقول: "حسنٌ لا داعي للغضب."

في المساء... رنّ جرس الباب. فتحت الباب فوجدت وجها كريها تعرفه. إنّه جارهم أبو تحسين, وهو يدّعي الآن أنهم يرمون أكياس قمامتهم عند مدخل العمارة, ويطالبهم بدفع غرامة بصفته مسؤول لجنة البناية.

قالت باختصار: "لم نرمِ شيئا."

لكن, كأنه لم يسمعها. بدأ يزمجر مُهدّدا ومتوعّدا... عضّتْ على شفتها السفلى في غيظ. ثمّ صرختْ وعيونها تجحظ من الغضب:

"أيها الجار النتن الحقير. تأتي لتتهمنا برمي القمامة, وأنت تعلم جيدا أننا لسنا من يفعل ذلك. إنّ كل العمارة تعلم من الفاعل. لكنك تخاف من الذهاب إليه ومعاتبته لأنه مدعوم, فقلت لنفسك آتي لهؤلاء الأيتام لأن ليس لديهم من يسندهم. اسمع إن عُدْتَ واتهمتنا بتهمك الباطلة هذه, فأقسم بالله العظيم أنني سأؤذيك. وأول شيء سأفعله,, هو إخباري لزوجتك بسرّك العفن كوجهك... سأخبرها مع من رأيتك جالسا في المطعم ذلك اليوم, أيها الخائن الكريه المتسلط ..."

تراااااام. أغلقت الباب بقوة في وجهه, وهي تقول بصوت عالٍ: "أوباش."

اقتربت منها أختها الصغيرة ذات العشرة أعوام في خوف, وقالت: "اليوم هو عيد الأم. تفضلي يا أختي هذه الوردة, فليس لي ماما غيرك."

نظرت بحنان إلى أختها المسكينة. تناولت منها الوردة وأخذت منها شمّة عميقة.. فتحت كل مسام روحها الثائرة.

احتضنت أختها وقالت لها بصوت أم رحيمة: "شكرا يا حبيبتي. أولا..على الوردة. وثانيا على الإحساس الجميل –الوحيد- في هذا اليوم."


  • 4

  • نور جاسم
    اسمي نور. عراقية الأصل, أردنية المنشأ, أمريكية الإقامة, وهذا ساعدني كثيرا في التعرف على الثقافات المختلفة وإقامة الصداقات من كل مكان في العالم. أحب الكتابة/ أحلام اليقظة/الرسم/ السفر/ التمثيل/ الغناء/ الأفلام/ التأمل/ وال ...
   نشر في 11 أكتوبر 2018 .

التعليقات

القصة جميلة جدا تعكس روح الغضب ، في القصة لم تتطرقي الى لبس الفتاة الغاضبة ، حتى انك لم تصف لنا شكلها ، إلا انك منذ البداية وصفت كل حالات الغضب في الانثى وكأنها لبؤة ثائرة ، وغضبها لازمها طوال الوقت إلا في اخر القصة كتم الغضب لتثني على اختها الصغيرة.
0
نور جاسم
شكرا لمرورك الجميل محمود. لم أتطرق لوصف شكلها ولباسها لأني أردت من كل أنثى تقرأ القصة أن تتخيل شكلها ولباسها هي مكان البطلة :)
محمود بشارة
هل تريدهن ان يثرن على الرجال ههههههههه ، وخاصة الذين يركزون على جمال الجسد ولا يحترمن ذاتها الإنسانية .

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا