العقلانية و مكافحة الإدمان على المخدرات - المنطلق و الهدف- - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

العقلانية و مكافحة الإدمان على المخدرات - المنطلق و الهدف-

سميرة بيطام

  نشر في 07 فبراير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

ظلت الأسرة العربية قوية منذ عصور خلت نظرا لما تتمتع به من وازع ديني ، و ظل أفراد الأسرة الواحدة متماسكون لا تفرقهم أزمات و لا تحبطهم نكبات و لا تزرع في فكرهم مستجدات لا تخدم قيمهم و أخلاقهم .

و لهذا أخذت الأسرة العربية لها امتدادا مقارنة بالأسرة الغربية لأنها حافظت على توازنها القيمي و الوجودي إلى أن دخلت العولمة مجال الأمان في الأسرة فأحدثت فيه شروخات و أمور دخيلة بسبب الثقافات العالمية الجديدة التي انبثقت منها ،ما جعل الأسرة تجد نفسها أمام تحديات كثيرة و خطيرة أهمها العنف .

لذلك تعتبر التنشئة الأسرية مهمة جدا في تربية جيل سليم وواع بما يحيط به من متغيرات و ثوابت ، و لعل ما يعانيه شبابنا اليوم من ظاهرة الإدمان بشتى أنواعه ما هي إلا نتيجة لتخبط هذا الشباب اليوم في مشاكل بحثا له عن الحل ،الحل من ماذا؟.

الحل من مشكلات البطالة التي يعانيها و الحل من العزوبية و كذا الحل من فروقات اجتماعية يميزها بعقله فيحسبها أنها تهدد كيانه و لو أن جيل الأمس تخبط في ظروف قاسية و صنع له مستقبلا آمنا لأنه نشأ في أسرة محافظة سدت كل منافذ التغريب ، ولكن ما هي حلول هذا الإدمان لدى مجتمعنا الجزائري خاصة و أن مؤسسات علاجية تدق ناقوس الخطر من ازدياد فئة المدمنين أو عودتهم للإدمان بعد تلقي العلاج في أحد المصحات النفسية و المخصصة للعلاج ؟ و كيف يمكن الحد من منع تناول المادة المخدرة و تداولها في الأوساط التعليمية التي تسهل عملية التواصل فيما بين المدمنين ؟.

فإذا كانت بعض الإحصائيات المأخوذة من مصادرها تشير إلى أن 50 بالمئة من المدمنين على المخدرات في الجزائر هم نساء ، فبحسب البروفيسور خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة و تطوير البحث العلمي  ، فان تقرير الأمم المتحدة عن المخدرات لسنة 2015، يتحدث عن 250 مليون شخص ما بين 15-54 سنة يتعاطون المخدرات ما يمثل نسبة 5 بالمائة من سكان العالم، مضيفا أن الجزائر تحصي ما بين 800 إلى 900 ألف مستهلك ليس كلهم مدمنين ، و شدد على ان الجزائر ليست وحدها

 المعنية في العالم بتفشي تعاطي المخدرات في أوساط الشباب أو المؤسسات التعليمية مذكرا بأن 27 بالمائة من طلبة الثانويات يتعاطون المخدرات وترتفع النسبة إلى 31 بالمائة في أوساط الجامعيين و15 بالمائة بين تلاميذ المتوسطات.

وطالب البروفيسور خياطي بمراجعة قانون 2004 المتعلق بمكافحة المخدرات، وقال إن تجربة مراكز معالجة الإدمان لم تؤتي نتائج مشجعة حيث تتكفل بـ 5000 مدمن فقط سنويا مشيرا إلى أن المدمنين يرفضون التعاطي مع مؤسسات عمومية رسمية، واقترح في هذا الصدد فتح مراكز " مجهولة" يشرف على تسييرها جمعيات محلية لمراعاة الخصوصية والسرية وتقريبها من الأحياء، زيادة على التكفل بالمدمنين نفسيا وهو الحلقة المفقودة في علاج الإدمان على حد تعبير رئيس مؤسسة فورام.

إذا أرقام و تحليلات تشير إلى تفشي هذه الظاهرة بين أوساط شبابنا خاصة الفئة النسوية التي يعول عليها في تربية الأجيال ، فان كانت هي في حد ذاتها بحاجة إلى رعاية و عناية فمتى نستدرك الأمر ؟ و مخاطر التكنولوجيا و العولمة و تفشي ظاهرة الإجرام في تزايد مستمر ؟. و هل تكفي البرامج العلاجية لاستدراك الخلل و معالجة الداء المستفحل ؟ ماذا لو كان التعامل في الأسر الجزائرية بالعقلانية حال كل ظاهرة غير متزنة بدأت تظهر على سلوك الشباب و الشابات ؟ ، ربما بالعقلانية كفكر و كاحتواء و احتضان للانحراف هي أولى خطوات الوقاية قبل الدخول في عالم الإدمان المجهول بكل مخاطره ، ماذا لو لعب الوالدان دورهما في مراقبة أبنائهما على مختلف الأطوار العمرية و اكتساب ثقافة العقلانية في التعامل بعيدا عن الضغوطات و العنف كضرورة التحصيل الدراسي بتفوق أو الشجار المتكرر فيما بين الوالدين باستمرار ، يعني إصلاح الخلية الأسرية هو الأمان و هو الدفء و هو مهد تلقي دروس التربية والثقافة الصحية لمعرفة الأذى المبطن ببريق العولمة التي باتت تجر شبابنا اليوم نحو الهاوية ، فحتى 

 المراكز ستبدي عجزا في احتواء الظاهرة هذا إن لم يكن السجن مآل كل شاب أو شابة فتح عليه باب الإجرام بسبب تعاطي المخدرات فتصبح الخسارة مضاعفة ،خسارة قوة

 شبابية يعول عليها في البناء خاصة فئة النساء و خسارة استقرار و أمن مجتمع بسبب تفشي الجريمة خاصة منها جرائم ذو الأرحام .

في الحقيقة موضوع الإدمان موضوع هام و طويل يحتاج إلى إفراده في حلقات لمعرفة آراء الأخصائيين و النفسانيين و كذا فئة المعلمين ، و المسؤولية بالدرجة الأولى ملقاة على الأبوين في الأسرة و كيف غاب منطق العقلانية في التربية السليمة بعيدا عن كل أشكال التمييز أو الاستخفاف بالقدرات لابن أو للبنت ...و عليه و كما يقال الوقاية خير من العلاج بات ضروريا اليوم أكثر من أي وقت مضى ضرورة التعقل و على الوالدين معرفة أساليب التربية السليمة لجيل هذا العصر الذي تشتته مخاطر عديدة منها الأنترنت التي سهلت منافذ الخروج عن ما كان من الأخلاق و القيم و كذا رفقاء السوء و الارتماء في حضن الرذيلة أيا كان نوعها و درجتها توهما أنها الحل و الخلاص الأمثل لما يعانيه الشاب اليوم من ضغوطات الحياة على حد قوله و لو أن كان بساطة العيش و زهد الركض خلف مغريات الدنيا خير وجاء للأخلاق .

و تبقى العقلانية و الحكمة التي يستعملها الوالدين أفضل بكثير لحماية أولادهم من الانحراف و بالتالي من الإدمان على المخدرات التي باتت تنخر أجساد و تحطم كيانات و تخرب عقولا نحتاج إليها في البناء و التشييد خاصة العنصر النسوي، فالمرأة العربية هي قوامة المجتمعات المتقدمة و المتخلقة بأخلاق التحضر و التمسك بالمبادئ و العودة لبوصلة التربية السليمة لمحاربة أي شكل من أشكال الانحراف المؤدية إلى الإدمان ، فإفساد العقول كارثة ليس من السهل تداركها ، و عليه وجب الاحتكام للتعقل كوقاية و كصمام أمان لجيل اليوم صحة و جسدا و مستقبلا.


  • 2

   نشر في 07 فبراير 2019  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا