خبر سعيد تحول إلى مأتم وعويل والسر " توبة "!
كيف لقرار العودة إلى رب العالمين أن يكون الشوكة في حلق البشر؟!
نشر في 02 يناير 2022 وآخر تعديل بتاريخ 08 مارس 2024 .
- فراق وعودة ..
تفرقت الموهبة عن هواها، عن شغفها الذي حسبته كثيرًا هو الوطن الحقيقي لها، ودونها هي الشريدة التائهة، تتخبط بطرق الحياة بلا رجعة، موهبة تغنت على ألحان شبابية فقذفت السعادة في قلوب المحبين، تغنى بها كل من دق الغرام قلبه، حتى تصدرت المشهد الفني لسنوات وسنوات وإن كانت بالأرقام لا تُقارن بتاريخ باقي نجوم الجيل، ولكنها أثبتت جدارتها في أن تكون، وبالفعل كانت، ولكن، بين ليلة وضحاها، خرجت الموهبة التي انفجرت بحماسها وانطلاقها عن صمتها، خرجت بقرارها الحاسم الذي جاء عن قبول واقتناع ودون "إجبار" أو "لعب في العقول" كما اعتبره البعض، القرار الذي قذف في قلوب متابعيه الحيرة والحزن وأثار في عقولهم بعض التساؤلات.
بعد أن حصد إعجاب الكثير من خلال مشاركته ببرنامج مسابقات الغناء "إكس فاكتور"، كان على مشارف العالمية وتوجهت الأنظار لتألقه واختلاف إصداراته الفنية وتفردها، وبعد أن تفنن صوته العذب في ترجمة معاني الحب والطمأنينة والسعادة لهم، وقع خبر " الإعتزال " عليهم كالصاعقة التي زلزلت أمنهم!، أصبح قراره بمثابة الصدمة الكبرى التي وضعته في مأزق لم يكن يتخيله!، فلم يكن الإعتزال بالأمر الجديد وسط أصحاب المغنى والتمثيل , ولكن لِمَ كل هذه الجلبة؟، هو إنسان حزم أمتعته وانطلق في رحلة العودة إلى الرب التي قد تكون رحلة مكلفة أمام تحديات النفس، فقد تجد مثل هذه الأخبار بشكل يومي، ولكن القرار الذي نتحدث عنه اليوم قد أحدث "فرقعة" إعلامية كبيرة، محليًا ودوليًا، نشبت نيران أهل الفن حتى طالت جسده الذي بدأ في تطهيره من جروح الشهرة، تعالت صيحاتهم أمام اختياره حتى نهشت كلماتهم لحمه كالحية السامة، في اعتراض واضح منهم على وصف المجال بـ "الحرام"، ومن هُنا تهافتت السكاكين على رقبته!
من هو حتى يصف الفن بهذه الكلمات المشينة؟
فنان مغمور لا أحد يعرفه، فهل نحن من نصنع له القيمة بهذا القرار؟
قراره مجرد "تريند" حتى يُحلق اسمه عاليًا، ودورنا ألا ننشر هذه التفاهات، "محدش يريحه"
حدثني عن مطرب صاحب تاريخ كبير يعتزل، ولكن من هذا "الصرصور" حتى نتحدث عنه؟!
كلها كلمات انهالت عليه لمجرد رغبته في ترك الدنيا بمغرياتها وهو في أعلى مراتبه الفنية والتوجة بقلبه وعقله وكيانه إلى رب العالمين، وفي سؤاله إذ يمكنه أن يجمع بين عبادة الله وتحقيق رضاه وبين موهبته وهدفه في الشهرة والسطوع، وبدون تردد اختار أن يذهب إلى الله بقلب سليم لا يُخالطه حب الدنيا، اختار أن يعتزل الغناء ولكنه لم يعتزل الحياة، فلِمَ نحكم عليه بالإعدام؟، هل فعلته حققت مقولة "جيه على الجرح"؟، هل هي شرارة الهجوم الحقيقية التي حررت أنياب البشر نحوه لتفترسه بلا رحمة أو شفقة أم أن البشر أصبحوا عبيد للزوال؟
- "مش هو الهدف الرئيسي لينا في الحياة، وأنا كنت غافل عنه"

قالها، وانقسمت الشعوب العربية، فريق ينحاز وبقوة لكلماته وقراره الشجاع أمام أمواج قوية تسحب نحو المتعة واللهو، وفريق آخر ثار ضده حتى اتخذه عدوًا له، يحاربه كما لو كان المحتل الغاشم على أرضه!، المستعمر لداره ودمه وعرضه!، ولكنه لم يلتفت واستكمل مساره الجديد الذي كتب عنوانه "رضا الله وبركته"، حتى وقعت أقنعة المحبة والغزل والتودد المصطنع وظهرت ملامح البشر على أصلها المؤسف، فهو بالأمس "نجم النجوم"، تتسابق الخطوات في اقتناص "امضاء" منه أو التقاط صورة معه , اليوم هو "العبد"، المتجرد من كافة صلاحيات الشهرة والمكتفي بإيمانه، فمن هو "المجنون" الذي يقترب منه لأجل صورة أو منفعة؟!، أصبح "صفر على الشمال"، ولكن قيمته عند رب العباد لا تُقارن بهم.
استبدل محبة البشر التي أثبتت زيفها في غمضة عين، وتمسك بمحبة ربه التي لن تقل أو تتزعزع يومًا، بل يصبح بها أغنى اغنياء الدنيا والآخرة، ومنها استقرت العزيمة في قلبه والاصرار في محو كافة أغانيه التي حققت ملايين المشاهدات في وقت قصير، دلالة على نجاح مسيرته التي أطاح بها وأدرك حقيقة وجوده، التي خُلق من أجلها، لم يهتم بما يُقال عنه من انتقادات واسعة ولاذعة، عقد النية وسار، حتى دبت خطواته أرض المسجد بعدما تألقت على أفخم مسارح العالم، أمام ربه، بعد أن وقف أمام شعوب الأرض بأسرها، اليوم هو الوحيد، ولكنه الغني بربه، يجد الونس بقرب ربه، فلن تضره غربته عن العالم.
- شياطين الإنس، خطر مُهدد للبشرية!.
تسابقت الألسن في اللحاق به وقذف أقسى الكلمات عليه، وكأنها حجارة يُرجم بها!، حتى نالته أبشع التعليقات التي أوضحت الجانب الآخر من وجه البشر، وجه الشر والكراهية، ولم تكتفِ بمجرد كلمات قد لا يهتم بها أو يراها من الأساس، فالجميع مُحاصر بكارهيه قبل مُحبيه، ولكن هل تعتقد أن البشر تخطوا الحد المسموح في نشر الفتن والعنف ونبذ كل من يحاول الرجوع إلى ربه بأقل الخطوات؟، حدث بالفعل، وكانت بالنسبة لي بمثابة المصيبة المُفجعة!

على وسائل التواصل الإجتماعي وتحديدًا على "الفيس بوك" الذي أعتبره "منبع" كل خلاف وعنف ومنصة من لا حُجة له، حيث انتشرت مجموعات من البشر اتحدوا على هدف واحد وفقط، ألا وهو "هدم قيم الإنسانية"!، على تهشيم عزيمة كل إنسان يفكر في الرجوع خطوات للخلف ويقوم بإعادة وضع خطته ويتخذ قراره في محاسبة نفسه من جديد فيما يفعل وفيما سوف يفعل , فانتشرت "جروبات" تحمل شعار "الحملة العالمية للاستماع لأغاني ادهم النابلسي لتحميله ذنوب لارسالة لجهنم"!، تدعو إلى بث أغانيه في كل مكان، كان الغرض الوحيد منها هو أن يتخذ ذنوب أكبر وتصبح جهنم هي مصيره الأول والأخير!، بل وأصبح سباقهم في نشر أكبر عدد منها يوميًا حتى تتطمئن قلوبهم وضمائرهم!.
فهل تجدنا قوم الحق بعد هذا التصرف المحزن؟
أين الإنسانية التي أقرت بحرية الجميع فيما يختار؟
ما هو المقابل الذي ينتظره كل من قام بهذا التصرف ونشر مثل هذه الكلمات البذيئة؟
ما حجم الاستفادة المرجوة من هذا؟
من نحن حتى نحكم على إنسان بالهلاك أو النعيم؟
هل أصبحنا قُضاة نحكم على من حولنا بمنتهى السهولة واليسر، نحكم على من سار على هوانا بالجنة ونعيمها، وبجهنم على من سار عكس رغباتنا، هل نلعب هذ الدور الآن؟!
حرية الاختيار مكفولة للجميع، ليس لأي منا الحق في أن ينتقد فعل ينتشل الإنسان من قيود الفتن والضياع، الرجوع إلى طريق الحق هو الأحق، فلا تغتر بالدنيا، فإن طالت هي زائلة لا دوام لها، لا نتنظر منها الكثير، بل عش بالقليل القادر على منحك كنوز النجاة والفوز، عش على طاعة تخرج بك من الظلمات إلى النور، ولا تهتم بأعداء الفلاح.
التعليقات
أَنَّ النِّفَاقَ فِي حَرَمِ الْحَقُّ يُوبِقُ
مِنْ النَّاسِ بِاسِمٌ بَاكٍ عَلَى الدُّنْيَا
وَمِنْهُم نِدٌ لَهَا، بَاكٍ وَهُوَ الأحمقُ...!
ماهر باكير
ولهذا اقول :
تجاهل اللَّئِيم فِي رِفْقَةٍ
واعْتَزِلْهُ كَمَا يُعْتَزَلُ الْأَجْرَبُ