المواطن المغربي و العزوف عن التصويت
بقلم مريم كرودي
نشر في 01 أكتوبر 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
في طريقه إلى الحياة يشن المواطن المغربي حربا ضروسا لنيل مطالبه و تفعيل البطاقة الذهبية التي تخول له التمتع بحقوقه عند كل فرصة تسنح له بذلك.
يعلي الشعارات و ينظم المسيرات متجها صوب التنفيذ، صوب مغرب الحقوق و الواجبات .. يستقل مقطورة المواطنة رفقة البقية و يقلع .. إلى أن ينادى عليه للاستفادة من حقه في التصويت، هنا فقط يحزم أمتعته و يعود أدراجه متخليا عن البطاقة الذهبية التي جاهد عمرا لتفعيلها .. معلنا العزوف عن الاختيار .. مدعيا انعدام الثقة في السياسة و رجالاتها ..
طبيعي جدا أن نجد المغاربة مضربين عن الاقتراع اليوم بعد كل ما أصابهم من خيبات أمل و صدمات سياسية، اقتصادية و اجتماعية على مر الزمن .
كانوا يؤمنون بأن هذا الحق مفتاح تغيير بين أيديهم و أن صوتهم هو العصا السحرية التي ستدفع بوطنهم إلى الأمام و ترفعه إلى أعلى المراتب .. ليصدموا بأبشع واقع : أنهم يرمون به في بئر الاضمحلال و الأبشع أن أصواتهم هي السبب ..
طبيعي جدا أن يفكروا ألف مرة قبل الاختيار الآن أو أن يقرروا التكفير عن ذنبهم تجاه وطنهم و تخليص أنفسهم من عذاب و تأنيب الضمير، ليختاروا صيام الانتخابات قطعيا.
فعندما يكون جوع الكراسي و المناصب سيد الموقف يوثر المواطن الابتعاد قدر الإمكان حتى لا يشبع نهم فاقدي الوطنية على حساب الوطن و خيرات الوطن ..
ليظل هذا أقل ما يمكن أن يقدمه الفرد لبلده كخدمة بسيطة، عظيمة الشأن .. و أنجع وسيلة لحمايته من الضرر.. معتقدا أنه بعزوفه هذا قد ينقذ وطنه من نار هشيم تكاد تلتهم عشبا، زرع و سقي في أحلامه لسنوات و غدا مرتع أجداده و أباءه و بنيه .. فكيف به أن يصير جحودا لأرض منحته الحياة .. و يقدمها قربانا على طبق من ذهب ؟
ففترة الانتخابات هي الفيصل بين الأمس و القادم و التي يمكنها أن تأخذ المواطن إلى الجنة كما إلى النار .. و بما أن الفيصل يخفي معالم مسؤولي الغد يبقي تجاهله و المضي هو الحل ..
هكذا يعبر معظم المغاربة عن شعورهم تجاه الانتخابات التشريعية التي سيشهدها المغرب يوم السابع من أكتوبر القادم.
ليتساءل الجميع عن مدى صواب العازفين في قرارهم هذا .. هل تجاهل الانتخابات أو التظاهر بتجاهلها هو الحل الأفضل؟ ماذا و إن كانوا على وشك تسليم وطنهم إلى أياد تفتقر إلى المصداقية بهروبهم المدبر؟ ثم ماذا و إن أضاعوا فرصة خدمة الوطن عن السواعد التي من شأنها تغييره إلى الأحسن و تجديد ثقتهم في أصواتهم قبل كل شيء ...
أسئلة و أخرى تتزاحم بحثا عن إجابات جلية، تلك التي لن يفرج عنها إلا بعد إفراغ صناديق الاقتراع في اليوم الموعود، اليوم الذي قد يقلب موازين المغاربة و يسجل تصالحهم مع حقهم في التصويت مجددا، إن النتيجة أضحت مخالفة لتوقعاتهم المتشائمة.
-
مريم كروديحاصلة على الماستر المتخصص في التسيير المعلوماتي للمقاولات، مهتمة بالكتابة و البحث في المجال الأدبي و الثقافي