جُبران . .
تلقيتُ صباح اليوم رسائلٌ مِنكَ ورقية تحمل داخلها لمسات أصابعك ، أنفاسك المُرتدة من زفراتكَ الهائجة شوقاً .
حروفك سارت بشكلٍ طائش بصوتي متوجهات نحو العقل ليربتنّ بحنانٍ على رأسِ قلبي المُنتظِر لرسائلك الورقية التي تأخرتَ بها عليّ هذهِ المرة ..
وصَبّرتُ قلبي بقولٍ "لا لم يتأخر بل ظلّ ساعي البريد دربي" ؛ فَلهُ الحَقّ ؛ لمْ يَمرَّ بهذا الطريق مِن وقتٍ ليس بطويلٍ عليك ؛ و عليّ مَرّ بعُمرِ سنيناً ضوئية فحسب .
تُذكّرني -بأحد أسطرُك- بلقاءنا و الموسيقىٰ التي لطالما استمعناها علىٰ مقربةِ قلبْ ، و تذكرني بمواعيدنا و أيامُ بغداد القديمة بشوارعِ الذكرىٰ التي استغرقتنا طوال هذا البُعد الذي لا يُقاس بالأمتارِ عِندي .. بمُدنٍ وصحاري كبيرة فَرّقتنا قِستْ ، تُذكرني بيديك الحنون يوم أحتضنت يديّ بدفء ، وحلّقنا معاً عن دونِ وعيٍّ .. تُذكرُني .. وتُذكرُني ، كيف تُذكرني بالراسخات الباقيات ببصمةٍ على بالي ، هذهِ التفاصيل تُغذيني على إحتمالِ هذهِ الأيام وكل الأيام إلى ما لا نهاية العُمر .
ما أتلفتُها رسائلك ، لكن أتلفني الشوق و التلاطمْ الذي يُحيط بهذهِ العلاقة التي لا أسمٌ يليقُ بها .
مازلت دافئً بحروفك يا جُبران ، غطيتني بِلِحافها حتى تَحوّلَ صقيعي إلى تموزِنا الحارق ، وقودهُ كان نحن ، لا ثالثٌ يُطفئه غير إلتصاقِنا مُجدداً إذا رحمتنا وجمعتنا مُجدداً الأيام واللقاءات التي تخفض من وهج الشوق وتحطم ساعة الأنتظار .
جُبراني كلماتك صنعتْ لي يومي ، استحضرتُك لجانبي ، روحك ترنحت بقفْرِ مخيلتي ، وصوتك الرجوليّ حليف أُذني بلفظهِ لمخارج الحروف حينَ أتخيلها وانا اقرأ مِنكَ رسائلك .
أنتبه لحالك أرجوك ، ارغبُ بسماعِ نجاحاتك المعتادة وتميزك بالعمل الجديد ؛ فأنا أثقُ بك وستكون ذا شأن أفرحُ عندما أراه يلمع بعيداً عَني ، يهمُّني سموّكَ حتى وإن كُنتَ مع غيري بعيد .
نسيتُ امراً مهم .. أبتعد عن "الارگيلا" المُزعجة رجاءاً ؛ لا تتعاطاها لا مع الأصدقاء -إذا اجتمعتوا- ، ولا تجاملهم بالدُخان على أساسِ صحتي -انا- ، و تذّكر أن الشهقة التي تَسحبَها بفمك تُقصِرَ سنةً من رصيدِ عُمري .