_اين الكعكة ماما.

_انا احضرها .

_دعيني ارى.ولكنها نظرت باصابعها ،مسحت قليلا من الكريمة واكلتها،وفرت من المطبخ وهي تضحك.

_أيتها المحتالة ،ساعاقبك.

قبل ثماني سنوات 

_توجد حصى في المرارة ،يجب على زوجتك ان تجري عملية جراحية.

_والحمل ؟عمر الجنين شهران فقط ،ماذا نفعل؟

_سنستعمل المنظار للجراحة وكذلك مخدرا مناسبا،لا تخف ،المرارة ملتهبة و نستطيع القيام بالعملية الان ،بعد اشهر ستزداد الامها ،انها نصيحتي .

_متى ستجري العملية ؟

_غدا صباحا،لسلامتها.

خرجنا من العيادة ،كنت افكر بابنتي الاخرى،ركبت السيارة ،وكانني اخرى لا تراني .

_هل انت خائفة يا هبة؟

بقيت افكر في سؤال زوجي علي ،هل انا خائفة؟لست ادري حقا،عملية !انا من اخاف من رؤية جرح بسيط،ساقوم بعملية !غدا!لكنني لست خائفة ،انا افكر بابنتي ياسمين،كيف ستفهم انني ساغيب عنها اياما؟،بماذا ستحس؟

_لا تخافي ،انها عملية بسيطة.

_لست خائفة ابدا.

لم اكن اريد سماع صوته ،كنت غاضبة جدا منه ،لم اكن اتالم بصوت مرتفع ،اكتم انيني ،تخونني بعض العبرات احيانا فامسحها ،هل يعتقد انني ادعي الالم،هل هو قاس الى درجة عدم مبالاته بانني مريضة،او هي وظيفته علمته ان يتعامل مع كل شيء ببساطة حتى مرضي.حتى انه لن يكون هنا غدا يوم العملية.لا ،لم اكن خائفة بل كنت غاضبة جدا.

جمعت اغراضي ،حقيبة في كل مناسبة ،كم اكره تحضير الحقيبة،نظرت مليا الى ابنتي ،وبكيت لا اطيق فراقها ،دعوت الله ان يمر كل شيء بسلام.

العملية

كانت الغرفة مطلية بلون رمادي،سرير العمليات رمادي ،انتظرت ان تكون غرفة العمليات بلون ابيض ،والسرير غير مريح تماما،وضعت لي الممرضة ابرة اعتقدت انها للتخدير ،ولكن البنج وضع عبر جهاز التنفس ،خدعت ،تنفسي بعمق ،اخر ما طلبته مني  الممرضة،لافيق بعد ساعات في غرفة ملأى بمرضى اخرين،كدت اختنق من انبوب التنفس ،تحركت مشيرة للممرض بان ينزعه ،يداي مربوطتان ،ماهذا ؟حاول الممرض تهدئتي ،اخبرني بانه جهاز  يساعدني على التنفس ،وبانهم فقدوا مرضى بعد العمليات ،بسبب نزعهم لانبوب التنفس مباشرة بعد العملية،ولم اهدأ حتى سمعت صوت ياسين،طفل صغير ، وهو يصرخ :انا اتألم يا دكتور.

نسيت المي ،والشيء الاخضر الذي يخرج من فمي بين حين واخر ،وددت ان انهض لاشجعه كما يفعل هذا الممرض الرائع .

_ما بك يا ياسين،الست رجلا ،تحمل قليلا. 

بعد بعض الوقت نزع الجهاز ،استطعت ان اتنفس اخيرا،ونقلت الى غرفة اخرى ،كانت ادنى حركة تسبب الما فضيعا ،السعال ! لم يكن وقته ابدا .

نسيت حملي والعملية والالم ،كل ما شغل تفكيري ياسمين ابنتي الصغيرة ،متى ساغادر المستشفى كي اراها.

مرحلة صعبة

تعافيت بسرعة ،الجراحة  عن طريق المنظار تسهل التئام الجروح في  اماكن الجراحة الصغيرة ولا تترك اثارا بعد العملية.

وبعد شهر عدت الى منزلي الصغير على احد اجمل شواطئ المدينة ،ولكن كل شيء صار مختلفا،صوت فحيح الاشجار ،صوت تلاطم الامواج وانكسارها على الشاطئ،صوت نزول المطر،كل ما كنت اشعر به هو الخوف الشديد.

لاانام ابدا.

_علي ،استيقظ انا خائفة جدا .

_مما انت خائفة.

_احس بانني ساموت.

_سنموت جميعا ،نامي الان .

ويغط في نوم عميق بسرعة غريبة.

احمل هاتفي واتصل بشقيقتي :انا خائفة جدا كوثر ،لا استطيع التنفس من شدة الخوف.

تتحدث الي لساعات ،مسكينة ينتظرها تلاميذ و دروس ،لكنها تحاول تهدئتي ،عبثا،صار صوت الريح اعصارا ،والامواج تسونامي ،والم المعدة سكتة قلبية ،لا اسمع صوتي ،لا اصل الى عقلي ،لاول مرة في حياتي ،افقد السيطرة تماما .

ويمر العام الاول ،فقدت الكثير من وزني ،هل اذهب الى طبيب نفسي ،زوجي لا يملك كلمة خوف في قاموسه،يضحك احيانا عندما احدثه ويسكت احيانا اخرى ،كنت وحيدة ،عدوي يوجد في عقلي.

ملاك ،كادت تموت بسبب ضعفي ،ولكنها نجت بفضل عملية قيصرية.

لا اتحمل اي ضوء ،لا ارغب بسماع اي صوت ،اعرف انني امر بشيء معقد جدا ،ولكنه اكبر من ان يمر بسرعة ،بعد ان تعافيت قليلا ،بدأت بقراءة كتب كثيرة عن الخوف المرضي واسبابه وطرق علاجه ،و تغلبت بفضل قراءة القرآن واتباع نصائح مفيدة على اكبر عدو قابلته ،نفسي،كنت احس بانني لا استطيع ان اخدع نفسي ،و شفيت لانها اقتنعت بالمعنى الحقيقي للتوكل والايمان ،كثر من جزموا بانه يوجد رابط غريب بين استئصال المرارة و الخوف المرضي ،ولكن الابحاث غير مكتملة النتائج.

ساحرة

ابنتي ساحرة صغيرة ،تحول وجهك العابس الى وجه ضاحك ، تترك الباب نصف مفتوح ،تخاف ان تلحق بشقيقتها التي تلعب في الحديقة ،تتردد ،تخرج اخيرا وتعود بعد لحظات لتنظر الي .

هي من ساعدتني على الشفاء ،كنت مجبرة على القيام عند بكاءها،عنايتي بها جعلتني اقاوم لاتغلب على مشكلتي.

_هبة تعالي لتري ماذا فعلت ملاك؟

رسمت احلى لوحة على وجهها  ،كل مواد التجميل و بمختلف الالوان ،مهرج هذا ما تشبهه.

_سآخذ لها صورة.

_بدل ان تسرعي بغسل وجهها.

_ابتسم قليلا،ابتسم ،

لكن عليا لا يبتسم ،يرسم تجهما على وجهه و يترك الساحة للمبتسمة وابنتها المهرجة.

وكانت ملاك الى عمر خمس  سنوات.

اين انت يا ملاك

_سترافقين اختك الى المدرسة غدا.

_لا اريد.

_انظري ،ما اجمل ادواتك المدرسية.

_لا اريدها.

رافقها والدها في الغد الى المدرسة ،وسمعت صوت بكائها من المنزل.

_يا الاهي ،لا تتوقف عن البكاء.

_انها صغيرة يا علي ،علينا ان نحاول تهدئتها.

و رافقتها عبثا الى المدرسة ،لا تتوقف عن البكاء،اين اختفت ملاك الهادئة،من اين لها هذا الصوت الحاد.

_علي ،ان ملاك متوترة جدا،و تخبرني ان معدتها تؤلمها،انا خائفة عليها جدا.

_سارافقها غدا .

_انت؟

_نعم.

ومنذ ان رافقها والدها في  ذلك اليوم ،توقف الشريط اليومي،اصبحت تقصد مدرستها بكل هدوء،اعرف عليا جيدا ،ليس مستبعدا انه عالج المسألة بصفعة.

الجميع  يحبها ،المعلمون،والتلاميذ ،اما هي فلا تحب الا اريج،تتشاجر مع كل الاخرين ،

_ابنتك حادة الطباع ولكنها رائعة.

عبثا حاولت اقناع المدرسة  بانها كانت هادئة جدا جدا قبل وقت قصير.

عيد الميلاد

_اريد حفلة مثل حفلة صديقتي سارة.

_لست متعودة على اقامة حفلة عيد ميلاد ،نحن مسلمون.

لتتدخل ياسمين :لقد دعت صديقاتها للحضور غدا.

وفعلا اعددت لها كعكة جميلة ،لم ارد احراجها،هي ملاكي ،مختلفة جدا ،ذكية جدا ،وتلك الابتسامة  التي ارتسمت على وجهها اثناء الحفلة  تكفيني ،كم احب هذه المحتالة الصغيرة!