هل تغير الزمن أم أنا الذي تغيرت؟ مواطن العالم د. محمد كشكار
هل تغير الزمن أم أنا الذي تغيرت؟
نشر في 21 غشت 2014 .
هل تغير الزمن أم أنا الذي تغيرت؟ مواطن العالم د. محمد كشكار
في شبابي أي في السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي، كانت الرؤيا تبدو لي واضحة، كنت مع الثوار المسلحين ضد الدول الغاصبة و الأنظمة الظالمة (مع ثورة فيتنام ضد نظام أمريكا، مع ثورة ظُفار ضد حكام اليمن و عُمان، مع الصحراويين ضد الحسن الثاني، مع مانديلا ضد الميز العنصري الأبيض في جنوب إفريقيا، مع الفدائيين الفلسطينيين ضد إسرائيل)، و منذ التسعينات إلى اليوم، لم تعد الرؤيا عندي واضحة فأصبحت أقف ضد الظالم و ضد المظلوم الظالم (ضد أمريكا و ضد صدام، ضد بشار و ضد الجهاديين، ضد الناتو و ضد القذافي، ضد العسكر في الجزائر و مصر و ضد الإسلاميين المسلحين، ضد حكومة الشيعة العراقية الحالية و ضد دولة الخلافة الإسلامية في العراق و الشام، ضد حكومتي الترويكا و بن جمعة و ضد مسلحي الشعانبي، لكنني ما زلت ضد إسرائيل و مع المقاومين المسلحين الفلسطينيين، و لو كنت في غزة لفرض عليَّ المنطق أن أحمل السلاح مثلهم و أقاوم، رغم أنني أومن بأن المقاومة السلمية أجدى و أصعب لكنها أقل دموية، و لي أسوة في نجاعة مقاومة الأبطال الأنبياء الثلاثة ، غاندي و مارتن لوثر كنغ و مانديلا، و لي بعض الأمل في الثورات السلمية المتتالية منذ سقوط جدار برلين و الإمبراطورية الشيوعية وصولا إلى ثورة تونس).
ماذا دهاني؟ أتراه الزمن تغير أم أنا الذي تغيرت؟ هل عوّض خوفُ و جبنُ الشيخوخة حماسة و شجاعة الشباب؟ أم تراه لون الثورات تبدل أو لون دمي هو الذي تبدل؟ هل العلم بالأشياء طغى على العلم بشيء واحد و نهج واحد و فكر واحد و حزب واحد و لون واحد و زعيم واحد و مرجع واحد؟ هل التغيير فيَّ يفسره أيضا تغيير اختصاصي الأكاديمي من العلوم التجريبية (بيولوجيا و جيولوجيا) إلى العلوم الإنسانية (إبستمولوجيا و تعلّمية)؟ هل أصبحت أخشى على الدولة من الثورة؟ هل فقدتُ ثقتي في الأوهام الثلاثة المترابطة، البروليتاريا و اليسار و الثورة؟ هل أصبحت الثورة تهدد دولة القانون و المؤسسات؟ هل أصبحتُ رجعيّا و محافظا بعد ماكنت ثوريا و تقدميا؟ أم الثورات التي فجرها "الثوار" مثل لينين و ماو و غيفارا و كاسترو، هي نفسها شاخت و أصبحت رجعية؟ و متى كانت الثورات ليست كذلك؟ يبدو أن الثورة الفرنسية ليست كذلك لأن المبشرين بها "ليسوا ثوارا" و ليسوا شعبيين، بشّر بها للعالمين فلاسفة عالَميون عَلمانيون عِلميون مُتعالون عن الدهماء و العامة؟
إمضاء م. ع. د. م. ك.
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه و يثقوا في خطابه أما أنا - اقتداء بالمنهج العلمي - أرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات و أنتظر منهم النقد المفيد.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة و البراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى، و على كل مقال قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
تاريخ أول نشر على النت: حمام الشط، الأربعاء 20 أوت 2014.