مقال نقدي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مقال نقدي

مراجعة لرواية السفر إلى الينابيع للكاتب التونسي عادل الحامدي وأشياء أخرى..

  نشر في 17 ماي 2023  وآخر تعديل بتاريخ 11 يونيو 2023 .






بقلم منجي الحدادي- كاتب- تونس

عندما نتصفح أي عمل إبداعي لكاتب لم يسبق لنا أن اطلعنا على أعماله السابقة، سنجد انفسنا بلا شك أمام احتملين لا ثالث لهما، إم إننا سنكتشف موهبة إبداعية كنا نجهلها أو سنصاب بخيبة أمل و بالتالي سيعترينا ندم شديد في اضاعة وقت ثمين مع أثر متواضع أدبيا و فكريا.

  و لذلك عندي شغف قديم لمعرفة كتاب غير معروفين على الساحة، لأنه لدي قناعة بدأت تترسخ مع الوقت و التجربة أن الكتاب المشهرين خاصة في السنوات الأخيرة، لم يكونوا كذلك، لو لا المحابات و المجاملات من طرف نقاد بعينهم، باعوا للأسف ظمائرهم، و خاصة مع انتشار و سائل التواصل الاجتماعي،  و لو أن هذا الأمر لا ينسحب على الكل،لكن هذا موجود و لا يمكن بأية حال انكاره .

و الكاتب عادل الحامدي صاحب رواية "سفر إلى الينابيع" من الكتاب الذين لم يلتفت لهم النقاد في تونس،لكن بعد اطلاعي على عمله الأخير، تأكدت لي هذه القناعة و هو أن الجيد غير معني بمتابعة نقاد اليوم. 

لذلك أريد أن أتوجه له شخصيا بهذه القراءة لروايته تضامنا مع هذه الموهبة التي غيبها  التجاهل.

 و لهذا دعونا ننزل إلى الينابيع فثمة شيء نقوله و ثمة شيء نتعلمه من كاتبنا العبقري. 

في أول صفحة تعترضنا هذه الجملة الفاتنة( ... ذلك كان صباحا ذهب مع يومه، نحن في صباح يوم آخر )

 بارع أنت يا صديقي حقا..من أين لك بهذا الجملة؟ و أنت تقولها على العتابات و البيوت بعتباتها، وقد أدركت  و أنا في أول صفحة من روايتك جسارة بابك العال.

أنت لا تملك قلما أنت تحتكم على مسدس كثير و شديد الطلقات..

لا أعرف كيف لك خمس روايات،  و مدينتك لا تبيع كتبك..جاحدون أهل مدينتك..ضجرك اتفهمه جيدا و لومك هو إدانة أنا معني بها أيضا..

" لا أحدا يهتم" هذه جملتك التي تقولها على جدار حسابك في الفيسبوك، حين لا تجد تفسيرا منطقيا لهذا التجاهل..لكن السبب واضح و بسيط و هو أنك خارج المزاج الأدبي في هذه البلاد التي أصابها الوباء حتى في ثقافتها. 

العلاقات ومعرفة النافذين هو السبيل الوحيد حتى تخترق هذه الحصون المغلقة..الحياة الثقافية هي علاقات عامة من أجل الشهرة و الباقي تفاصيل هامشية لا تعني شيئا. 

بدفع المال و المجاملات و المحابات تيسر الأمور، و أنت ليس لك في هذا ،و أنت حبيس عوزك و محنتك التي زادت عزلتك الأدبية. 

نصك الجميل غير كاف ليكتبوا عنك و يحتفوا بك..هكذا تسير الأمور و بكل وقاحة..


رواية  سفر إلى اليانبيع للكاتب عادل الحامدي

وصلنا إلى الينابيع، و الينابيع جافة مفارقة غريبة في أول صفحات الرواية، و أعترف أنني احب هذه اللعبة..خداعك فيه من المكر..، لم أتوقع هذه الصدمة و الأدب الذي لا يُحدث صدمة ليس بأدب.

طريقتك في الوصف و أنت تمسك بكاميرا تأتي على المشهد كله دون أن تهمل التفاصيل و التفاصيل هي قوة نصك أيضا..

أنت ترسم باللون الأبيض و الأسود منطق الألوان هو كذالك، هناك لونان و البقية وهمٌ..من أين حفرت على هذه المعادلة الصحيحة جدا. 

الأماكن تصبح شخصيات..لعبة لايحذقها الا الكبار..حتى الحجر يصبح شخصية، و هو يعتمر الجمود و الهم و القلق..الواد المغبر الذي يعاند و يأبى أن يعود مكان تزدهر به تلك القرية البائسة. 

مهارة في المراوغة، و خلق روح الفكاهة بكلام نابي يأتي على لسان الشخصية  عزز روح السرد، اقحام العامية في الحوار و هي قليلة أثرت النص، ليتها كانت كثيرة. 

ولد الهمامي -و هو الشخصية الرئيسية في الرواية- الذي عاد بعد 35 سنة لا الأماكن عرفته و لا هو عرفها..طارئ هو الوطن لا اقدامنا تعتاده و لا هو يحتمل عودتنا. 

أزمة الغياب و عذاب العودة و قلق الوجود..العدم هو كل ما بقي حين نفقد كل شيء حتى انتمائنا، أسئلة الانتماء  و الوجود عسيرة على النفس. 

حركت الأسئلة الحارقة باقتدار، و نبشت في الأزمة الأزلية ( الوجود/ الانتماء )

غزارة الحوار في النص، كاد أن ينهك النص و ينال من نسق السرد لو لا براعتك في استنطاق  الشخصيات و تركتنا نتجول  في عاوالمهم الغربية،بخفة دم محببة، سهولة القفز من حالة نفسية للشخصية إلى حالة أخرى أعط زخما  و روحا لنسق السرد.

الحكايات الصغيرة التي تكون رافدا للفكرة الأم (التيّمة) ضرورية حتى يتدفق التيار عاليا كي يغري قراءك بالسباحة، الحكايات الصغيرة غنائم حربك تقوي الفكرة، ليتها كانت كثيرة..

في المحصلة كان اكتشاف فرحت له، و باتت لدي قناعة تامة، أن من يبقى هو الجيد، أما الردئ فنصيبه فرقعات اعلامية سرعان ينتهي مفعولها مع نهاية ذلك البرق الذي يحدثه احتكاك الكبريت.

أريد أن اختم بجملة بسيطة لكنها عبقرية وردت على غلاف الرواية:

( ارتح صدره تماما. انتظم وقع خطواته و صوت تنفسه، و تمتم بصوت مسموع: احبك يا غمراسني..أيتها الهاربة النائية، أشعر الآن بأنني أستعيدك)

استمر يا صديقي، فهذه فرصتك حتى تثبت أن احتكاك الكبريت ليس بأدب. 



  • 1

  • منجي الحدادي
    كاتب تونسي صدر له مجموعة قصصية ( رصاصة واحدة تكفي) و كذلك رواية( عشت مع الذئاب) و رواية (المخطوط)
   نشر في 17 ماي 2023  وآخر تعديل بتاريخ 11 يونيو 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا