مظاهرات إيران ... هل هي زوبعة في فنجان؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

مظاهرات إيران ... هل هي زوبعة في فنجان؟

الكاتب والمدون الحر : أحمد الصالح

  نشر في 30 ديسمبر 2017 .

 أحمد الصالح ـــ مقال سياسي 

إيران ومنذ هزيمة الشاه على يد الولي الفقية في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم جرّبت شتى أنواع الصراع والحروب الخارجية، كان أقساها حربها مع صدام حسين ونظام العراق السابق، وأكثرها نفعاً هو الصراع الذي حرّكته باستخدام ميليشياتها في العراق بعد الغزو الأمريكي 2003، وأدهاها وأذكاها نوعاً ما هو صراعها الوهمي مع إسرائيل ودعمها لذراعها في لبنان "حزب الله"،حيث كانت بمنتهى الذكاء لتخدع ملايين العرب والمسلمين وتتمدّد على حساب البروباغندا الدعائية لسمفونية المقاومة والممانعة التي انشرخت مع انطلاق الربيع العربي. 

أكثر الصراعات تعثراً كان الصراع السوري بالنسبة لإيران فهي حشرت نفسها في بادئ الأمر كطرف فاعل في المعركة السورية، وبدأت باستخدام نفوذ الميلشيات لبسط نفوذها والتمدد داخل الجغرافية السورية، لكنها لاحقت وبعد طول أمد الحرب وضعف جيش الأسد ووصول اللاعب الروسي قوّض الدور الإيراني.

ثم تشابكت خطوط الدعم والتحالفات داخل سورية لدرجة صار من المستحيل على إيران أن تتفرّد بالكعكة السورية كما كان حلمها في بدايات الحل الأمني الذي أشرفت عليه، فدخل اللاعب التركي وبوضوح في الشمال السوري والذي يجهّز اليوم لمساعدة قوات درع الفرات لإنشاء جيش وطني سوري مما يحتّم في لحظة ما اندلاع مواجهة مفتوحة مع ميليشيات إيران في حلب وأطراف إدلب وحماة، لاحقاً وإن طال أمد هذا الأمر فهو مقبل لا محالة. 

أما في شرق سورية فقد تلقت إيران الصفعة الأكبر في البوكمال ودير الزور وتفاجأت بفيتو أمريكي لوجودها في تلك المنطقة، فهي اليوم حبيسة دمشق وريف حمص فقط ولا يمكن أن تتمدّد خارجهما، وحتى هاتين المنطقتين تحت نيران اللاعب الإسرائيلي، وربّما تلعب السعودية لاحقاً دوراً في إضعاف حزب الله وإخراجه من ريف حمص، والتفاهمات الروسية التركية ستعيق نشوء قوة إيرانية في دمشق.

وتحوّل اليوم الحلم الإيراني في سورية من السيطرة على كامل الجغرافية السورية ورسم الهلال الشيعي إلى محاولة الإبقاء على ثكنات سكّانية شيعية تشبه إلى حدّ بعيد تجربة الضاحية الجنوبية ولكن بصلاحيات أخف.

ما يميّز إيران أنها تلعب بهدوء وخفة ونفس طويل، وكما يقال : إن الإيراني يملك من الصبر ما يجعله يمضي سبعة أعوام في خياطة سجادة إيرانية طولها سبعة أمتار، وهذه الحالة من بعد التخطيط الإيراني نفعتهم كثيراً في الوصول إلى إفريقيا وأوربا بناء حالة من الغزو الفكري، لكنّها عندما بدأت تلعب بوتيرة متسارعة في سورية واليمن لم تستطع أن تدير الكفّة بنفس القوة التي أدارت فيها كفتي العراق ولبنان.

المشهد الإيراني كان هو الآخر صفعة مؤلمة لإيران التي حشرت في زاوية ضيقة مقابل تحالف عربي وإسلامي كبير، ولولا الخلاف القطري السعودي والتصدّعات في الأسرة الخليجية ومراحل إعادة هيكلة دول الخليج لما استطاعت إيران وميليشياتها الصمود في اليمن حتى اللحظة، وهي اليوم تحاول الدخول على خط الصراع السعودي الأخواني لتجد لنفسها موطأ قوة وتشغل السعودية بنفسها.

التعويل الأكبر إقليمياً لكسر إيران هو على دول الخليج والسعودية بالتحديد، سواءً اختلفنا معهم أم اتفقنا فهم حجر الزاوية في أي خطة فعلية لكسر إيران، وإنّ المواجهة الخليجية الإيرانية قادمة، ولكن كلا الطرفين يريد أن يقاتل عن بعد وأن يستخدم أطرافاً بديلة له تقاتل بالنيابة عنه.

هدّد منذ فترة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بنقل المعركة إلى داخل إيران، وشدّد على ذلك للخلاص من العربدة الإيرانية خارج حدودها، وتمّ تتويج هذا التهديد بحرب إعلامية عبر فيديو تصوّري ،تظهر فيه سفينة إغاثة سعودية تعترضها القوات الإيرانية ثم تنطلق شرارة مواجهة مفتوحة بين إيران والسعودية تنتهي بانتصار الأخيرة واحتفال شعبي إيراني بهذا النصر.

حتى الأمس يظهر لنا هذا الفيديو وكأنه مسرحية من وحي الخيال، ولكن ما إن اندلعت المظاهرات الشعبية في إيران وفي مدن عدة، حتى عاد إلى الذهن منظر سفينة الإغاثة السعودية، يا ترى إلى أين كانت تتجه ؟ وما الذي يدفع إيران لاعتراضها؟ وعندما تعترض إيران هذه السفينة وهي لا تملك قوة فعلية للردّ على السعودية هذا يعني أنها في حالة دفاع عن حدودها ومجبرة على صد السفينة لأنها متوجهة إلى أرض إيرانية، والفرح الشعبي في نهاية الفيديو يظهر عمق الهوة التي يصورها مصمم الفيديو بين الحكومة الإيرانية والشعب.

هل فعلاً هي خطة مدروسة ومعدّة لاستنفار فئات من الشعب الإيراني ومساندتهم للخلاص من حكم الملالي؟

 وهل أحزاب المعارضة الإيرانية على تواصل مع دول الخليج ؟

أم أنها صدفة لا أقل ولا أكثر ، وما يجري في إيران زوبعة في فنجان لن تلبث أن تهدأ كما هدأت سابقتها في 2009 , هذه التساؤلات ستجد جواباً لها في الأيام القادمة، ولكن أياً كان الجواب فهذه فترة ذهبية لكسر إيران من الداخل وتحجيمها، وإن لم تستغلها السعودية بالذات فهي مقبلة على سيناريو معاكس للفيديو الذي نشرته سابقاً. 




  • Ahmdalsalh485@gmail.
    كاتب مقالات ومحتوى في عدة مجالات وعلى عدة منصات معروفة
   نشر في 30 ديسمبر 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !


مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا