اذا كانت اولوية القوى الدولية قبل مئة عام تتلخص في تدمير الدولة العثمانية واعادة تقسيمها بموجب اتفاقية “سايكس – بيكو – سازانوف”،فان أولويات المافيا العالمية والاقليمية اليوم تتمثل في تحطيم الاسلام السني تحت شعار محاربة داعش والارهاب واعادة رسم خارطة جيوسياسية برعاية ايرانية ـ روسية،تعتمد هذه المرة على تحالف الاقليات والطوائف برعاية دولية..ومثلما كان انشاء اسرائيل احد ثمار خيانة العرب في تحالفهم مع فرنسا وبريطانيا قبل مئة عام،فان تحالف العرب مع روسيا وامريكا وايران في الحرب على الدولة الاسلامية سيقود الى انشاء دولة كردية تقترن بهلال شيعي من البحر الاحمر حتى المتوسط .

ــ نقطة انتهى ــ

#‏هشام_بن_الحكم‬ .

ومن هذا الاستنتاج نبتدئ مقالتنا،لأننا نرى ان الخارطة الجيوسياسية التي قام عليها النظام العالمي منذ مئة عام لم تعد تعبر عن مصالح القوى الدولية والاقليمية ،والسلام العالمي الذي يقوم على الحلول الوسط بين الدول الكبرى لضبط قواعد اللعبة التي تضمن لهم التحكم والسيطرة عبر منظومة متعددة من الواجهات والمنظمات التي تضمن احتكار القرار العالمي بيد الكبار،هذا النظام العالمي يتعارض اليوم مع "نظام المافيا" الذي تم اقراره في مؤتمر باريس الذي اعقب الحرب العالمية الاولى وتمت بلورته في مؤتمر وتمت بلورته في ضوء نتائج الحرب العالمية الثانية في في مؤتمر يالطا 4 شباط عام 1945 الذي رسم فيه المنتصرون{ روزفلت وترشل وستالين}خارطة العالم ،وانتهاءا بمؤتمر مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945 الذي وضع الاسس التي يقوم عليها التوافق العام بين القوى الدولية على معادلة ثابتة تضمن احتكار القرار العالمي بيد الكبار ومنع الصغار من امتلاك القوة التي تمكنهم من الخروج عن نطاق القبة الحديدية.

اننا اليوم بصدد اعادة رسم خارطة التوازنات في العالم وفق عناصر القوة وقد اصبحت المسألة السورية القشة التي قصمت ظهر البعير وكشفت عن كل التناقضات التي كان يعاني منها النظام الدولي والعجز الاقليمي وتراجع الدور الامريكي.

وقد كانت موضوعة الاقليات هي المدخل الرئيسي وحصان طروادة لتبرير التدخل الغربي والايراني في المنطقة عبر التاريخ،فمثلما كانت ايران تبرر كل تدخلاتها بذريعة حماية الشيعة كذلك اصبحت حماية الأقليات المسيحية منذ سقوط سنة 1453 واسقاط الإمبراطورية البيزنطية،أصبحت حماية الأقليات المسيحية عنوانا للتدخل والتنافس الاوربي لاقتسام الارث العثماني وكان كاثوليك الدولة العثمانية قد وضعوا تحت حماية فرنسا والنمسا،إذ أعتبر آل هابسبورغ حكام الإمبراطورية النمساوية حماة الكاثوليكية،في حين وضع الأرثوذكس تحت حماية روسيا وقامت إنجلترا بحماية البروتستانت .وجاءت نظرية بن غوريون في الخمسينيات من القرن الماضي في ذات الاتجاه حينما تحدث عن نظرية الامن القومي الاسرائيلي باعتبار ان تحالف الصهاينة مع الاقليات الدينية والتحالف مع الاكراد باعتبارهم اقلية عرقية يمثل حجر الزاوية في بناء نظرية الامن القومي الاسرائيلي .واليوم وبعد الانسحاب الامريكي من الشرق الاوسط تعود روسيا وايران لممارسة ذات الدور القديم خصوصا ان روسيا قد خرجت خالية اليدين من غنيمة اقتسام الارث العثماني بموجب اتفاقية “سايكس – بيكو – سازانوف(نسبة إلى اسم سيرغي سازانوف وزير الخارجية الروسية آنذاك)،لأن الثورة البلشفية أخرجت روسيا من المعادلة،حيث كان مقررا بموجب تلك المعاهدة تحصل روسيا بموجبها على القسطنطينية ومضائق مضايق الدردنيل والبوسفور وصولا الى المياه الدافئة في شرق البحر الأبيض المتوسط ،واليوم يعود الحلم الروسي عبر التحالف مع ايران والاكراد ،وتجد روسيا اليوم في الاكراد خير حليف ستراتيجي لانهم يمثلون الطريق الانسب لاعادة تقسيم تركيا ،لأن اضعاف تركيا يمثل احدى مستلزمات روسيا ذلك لتحقيق حلمها في استعادة الامجاد الارثوذكسية في القسنطينية ،مضافا الى ذلك التنافس الروسي التركي في اسيا الوسطى الذي يضيف بعدا اضافيا في محاولات روسيا لتقويض تركيا لانها تعتبر الدور التركي في اسيا الوسطى يمثل تهديدا للامن القومي الروسي ..اما الدور الايراني فانه تاريخيا يرتبط بقصة صراع الفرس والروم، لصراع الصفويين والعثمانييين،فلا يمكن تصور دورا اقليميا لايران بدون اضعاف تركيا وسيتطلب ذلك تحالفا ايرانيا روسيا يضمن اطلالة ايران على البحر المتوسط.

واذا كان العرب في الحرب العالمية الاولى لعبوا دورا في اسقاط الدولة العثمانية والتي كان انشاء اسرائيل اهم نتائجها فان التحالف العربي والصحوجية واتباع اليسار والقومجية يستعيدون نفس الدور الذي لعبه العرب في الحرب العالمية الاولى الذي سينتج عنه هذه المرة انشاء كيان كردي يكون حليفا ستراتيجيا للكيان الصهيوني وهلال شيعي يكون حليفا للغرب في حربه الصليبية على الاسلام السني ..

وياليت قومي يفقهون ...