ان المرأة اليوم في أي مجتمع من المجتمعات الإسلامية أو الغربية، تدرك تماما بأنها هي النواة لمجتمع بأكمله، وعليها يتوقف هذا المجتمع بأخلاقه وقيمه الإنسانية والحضارية، فرسالة المرأة في هذا الميدان كبيرة ومترامية عبر مجتمعها، الذي ينتظر منها أن تقدم الكثير من الإيجابيات التي تخدم بها أولا نفسها، وتصونها من الانحلال الخلقي، وبذلك تكون قد قدمت لمجتمعها رسالة طهر وعفاف ميدانية...
وكما نعلم أن أهداف الشيطان تجاه البشر كثيرة، وهو ما حققه مع أبينا آدم وأمنا حواء، لما أمر الله آدم وحواء بالأكل من أشجار الجنة عدا شجرة واحدة، (ووسوس لهما الشيطان فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) فلما عصيا أمر الله بأكل الثمرة انكشفت عوراتهما، وهذا هو هدف الشيطان بأن يوصل الناس للعري التام، فلهذا آدم وحواء تابا وأسرعا في ستر عورتهما بورق الشجر، فمسألة اللباس مسألة قديمة بدأت مع بداية خلق آدم.
قال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31).
فإذن لباس المرأة هو أصلا ما حددته لها الشريعة الإسلامية لصيانتها من كل رذيلة، هو تعبير عن التمسك بالهوية، وكيف تكون للمرأة المسلمة هوية وهي ترتدي لباسا لا يفهم أصله، هل هو إسلامي أم أعجمي؟ لباسا عبّرت به عن نفسها ولم تُعط ِله لغة واضحة المعالم، يستدل منها على انتمائها، ولا تفهم ماذا تريد أن تعبر عنه من خلاله، ما هي الرسالة التي تريد أن تقدمها عن نفسها بهذا المنظر الجديد، الذي طغى عليها اليوم؟ وتراها في زيها اللافت وزينتها المبالغ فيها تشتكي مما تتعرض له من المضايقات في غدوها ورواحها ...
إن لباس المرأة المسلمة، هو تعبير حضاري، لأنه تعبير منها عن اعتزازها بحضارتها ورفضها لأي حضارة أخرى سوى حضارتها التي تنتمي إليها، كما هو تمسك بهذا الدين الإسلامي العظيم، الذي احتواها منذ أربعة عشر قرنا، ليحميها من كل ما هو دخيل وفاسد ...
وهو في الوقت نفسه عن رفضها للتبرج والإثارة والاستفزاز، الذي يختزل إنسانية المرأة وعقلها وشخصيتها مفاتن جسدية فانية، ويلغي دورها الاجتماعي والإنساني ويتنكر لإسهاماتها الفكرية والثقافية ودورها الحضاري...
على المرأة اليوم أن تدرك أن لباسها وحجابها هو طاعة لله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، وأنه شعار التقوى، والعفة، والطهارة والحياء ...
قال سبحانه: ((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) (53) سورة الأحزاب، فوصف الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات لأن العين إذا لم تَرَ لم يَشْتَهِ القلبُ , أما إذا رأت العين : فقد يشتهي القلب ، وقد لا يشتهي ومن هنا كان القلب عند عدم الرؤية أطهر ، وعدم الفتنة حينئذ أظهر ، لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب (( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ )) (32) سورة الأحزاب
فالحجاب إلى جانب ذلك كله، هو دليل على سمو همة المرأة إلى معالي الأخلاق الكريمة، وترفعها عن الرذائل الذميمة، وحرصها على أن تكون جوهرة مصونة، تتقي وصول أيدي اللصوص إليها، وسطوهم عليها...
.
-
أمال السائحيلقد صدق من قال "ان القلم أمانة" لنحيي به الفضائل، ونميت به الرذائل، ونغرس مبادئ الحق، والخير، والجمال...