صاحب المنحل لا يشتري العسل
آفة الفكر
نشر في 25 أكتوبر 2019 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
آفة الفكر هي وضع السُم في العسل حيث ينجرف الإنسان نحوها لأن ظاهرها العسل و لا يري أن السُم الذي يجعلهُ يحيد عن الطريق الصحيح يذوب في باطنها .. فينزلق نحو أفكار تحمل كثيراً من المباديء العظيمة التي ينجذب العقل إليها
ثم يبدأ صاحب الآفة في إدخال أفكاره المُتخفية حسياً أو معنوياً إلي المُتلقي دون أن يشعر فيستشهد بكلمات و عبارات منمقة عن الحرية و الانسانية و الخير و الحق و العدل و كل معاني الجمال
فينبهر القاريء بما يكتب أو المُتلقي بما يسمع حيث يري أمامه كاتب أو مفكر يمتلك الكثير من المفردات الجميلة و القيم و المباديء التي يروق لها القلب و يتعامل مع الآخرين بكل ود و محبة و احترام شرط أن لا يحدث بينهما صدام .. مع ما يقول أو ما يكتب
فهو يعرف جيداً ماذا يريد و ربما قد يكون صاحب الآفة شخص جيد لكن أهواء نفسه و ما زينه قلبه في عقله .. جعله يشعر بشيء من الاعجاب بالذات و الاستقلالية بالفكر و الرأي فأول الهلاك أن يحسب الإنسان أن ما يحمله من ضلال و يقدمه للآخرين شيء حسن
" قُلْ هلْ نُنَبِّئُكُم بالأخْسَرينَ أعْمالاً الذينَ ضلَّ سَعْيُهُمْ في الحياةِ الدُّنيا وهُمْ يَحْسَبونَ أنَّهُم يُحْسِنونَ صُنْعًا "
فالقرآن أخبرنا عن أشخاص يسعون و يعملون و يجتهدون و يحسبون أنهم يُحسنون صنعا و أكد أن سعيهم هذا هو الضلال بعينه .. نعم هو يسعي و يجتهد و يحمل مباديء و آراء و أفكار ظاهرها فيهُ الخير و باطنها من بعده الهلاك
حيث تُزين له نفسه التشكيك في معتقدات و كلمات و نصوص من جعل له عقلاً من الأساس لكي يفكر و يعقل الأمور في نصابها الصحيح .. فيبدأ من نفس باب البيت الذي أدخلك منه و انبهرت عيناك بما رأيت بداخله .. لـ يجول بعقلك من جديد الي بيت آخر مكتوب علي أبوابه .. ماذا لو ؟
ثم يضع بعد هذا السؤال الكثير من الأفكار التي تؤكد نفس المعاني التي اقتنعت بها سلفاً .. فتبدا أهواء النفس تشتعل بداخلك و العقل يتهيأ لزينته فيفكر سريعاً ثم يقرر الخروج من تلك الدائرة التي يحسبها قيود
حيث تنتابك حينها الكثير من الأسئلة .. اذا كان ما أومن به و أعتقدهُ منذ ولادتي صحيحاً فلماذا أشعر بالارتياح لتلك الأفكار .. و أشعر أنها جزء من تفكيري و آرائي و أنها هي الأصلح لوقتنا هذا .. و تلك أممٌ قد خلت و معتقداتها قد وَلّت .. و الأَولي أن نعيش الآن بما نراهُ مناسباً لنا في هذا الزمان
و هذا يا صديقي أول الخسران و أول طريق الضلال ... " و هم يحسبون انهم يُحسنون صنعا " ... و ربما لو قرأ صاحب الآفة هذا لـ قال نصاً بأن هذا دليل علي عدم ثقتك فيما تعتقد !
" عذراً فهو لا يعلم أن أصل ما أعتقد هو أن لا أثق فيما يعتقد "
لأننا أنا و أنت و هو و الجميع عقول بشرية تُصيب و تُخطأ .. فكيف أترك كلام مَن خلق تلك العقول و خلق الانسان من علق و يعلم ما توسوس به نفسه و ما تُخفي الصدور .. من أجل اللاشيء الدنيوي الذي سأحصدهُ معه في النهاية
فلا تغتر بنفسك و ما تعتقد و أنت تقرأ لهؤلاء فكثرة النظر في الباطل تُذهب معرفة الحق من القلب .. و أخبث أنواع الباطل ما يحمل في ظاهرهِ حق و في باطنهِ باطل
و لو أردت أن تري حقيقة الأهواء كما ينبغي أن تكون .. ضع القياس علي أفعال سيئة كنا نفعلها أحياناً خفيةً أو علي خجل .. و مع كثرة فعلها صرنا نشعر أنها أمر طبيعي و ليس فيها من حرج بل و أحياناً هي أمرٌ حسَن و مستحب
فأربأ بنفسك عن تلك الأقلام فكل المباديء و القيم و الأخلاق و الأديان تدعو الإنسان الي فعل الخير و اتباع الحق فما الجديد الذي قدمهُ هؤلاء لك ؟! و لما أشتري منهم ذلك العسل المصفي الذي يروجونه لنا في كل كلمة و مقال ؟!
فحذاري أن تشتري منهم .. فالشيطان يكتب في هيئة بائع مثقف لعله يجد مَن يشتري منه بضاعته و لو بأبخس الأثمان .. فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ..................................... " فـ صاحب المنحل لا يشتري العسل "
-
ناشط بحركة 6 أمشيرإنسان أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ..... سأظل أكتب ما أومن به حتي أبني لهذا العالم مدينة من العدل جدرانها الحروف وأعمدتها الكلمات ..... يسكنها كل شبيه لها