الوقــوف أمــام الله ذليــلاً يقضي على آفــة العجــب
سهير الخالدي
عندما يُبتلى العبد ببعض الأمراض الجسدية فأنهُ يلجأ الى الطبيب لمعالجته , وكذلك تُبتلى النفس ببعض الأمراض الإخلاقية والتي لاتظهر عليها بعض الشئ إلا إنها تبقى تنخر في النفس الى أن تذهب بها للجحيم, فيكون على العبد لِزاماً أن يسعى لمعالجة نفسهِ من تلك الآفة الأخلاقية , وكما يسعى الإنسان للوقاية من الأمراض التي تصيب جسده، عليه أن يسعى للوقاية من الأمراض التي تصيب النفس، وفي الرواية عن الإمام الصادق(عليه السلام) عن آبائه، قال:"عَجِبْتُ لِمَنْ يَحْتَمي مِنَ الطعامِ مَخافَةَ الداءِ، كَيْفَ لا يَحْتَمي من الذنوبِ مَخافَةَ النارِ".
فالأمراض الأخلاقيّة التي يصاب بها الإنسان كثيرة ومتعدّدة، منها: العجب ـ التكبّر ـ الرياء...، وقد تؤدّي جميعها أو واحدة منها إلى وجود خلل في العبوديّة الحقّة لله سبحانه وتعالى, وسنتطرق في مقالنا هذا الى العجب وهو أن يستعظم الإنسان نفسه، بسبب اتّصافه بصفةٍ حسنةٍ، أو مِيزة لم تتوفّر لدى سائر الناس كالعلم، المال، الجاه. ويجد نفسه من خلال ذلك أنّه غير مقصّر.ومعنى ذلك أن يقوم بينه وبين نفسه بتزكية نفسه، وإن لم يرتّب على ذلك أيّ أثر في الخارج. قال تعالى:﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾, ومن مقولات وشذرات من مواعظ العلماء والعُبّاد في التخلص والشفاء من ذلك المرض العضال قال المربي الصالح المرجع الديني السيد الصرخي الحسني ((إن أفعال الصلاة تمثل أحد الأساليب العملية المناسبة لمعالجة العجب والتكبر عند الإنسان ، كما في وقوفه ذليلًا صغيرًا أمام الله تعالى وعندما يركع ويسجد لله على نحو الذُّل والعبودية ، وكما في التحاق المصلي بصلاة الجماعة فيكون في صفوف المصلين من هو أقل منه مالًا وولدًا وحسبًا ونسبًا.))مقتبس من كتاب (الطهارة ق2 ) , وبذلك يكون لِزاماً على المؤمن أن يحذر من هوى النفس الأمارة بالسوء فأنهُ يخرجها من الإيمان الى الفسوق وكما إن الوقوف بين يدي الله ذليلاً صغيراً متجرداً من كل الأفعال التي تؤدي بالمؤمن الى الهاوية فعن الامام الصادق"عليهِ السلام" قال: "دخل رجلان المسجد أحدهما عابد والآخر فاسق، فخرجا من المسجد والفاسق صدّيق والعابد فاسق، وذلك أنّه يدخل العابد مدلاّ بعبادته، والفاسق يدخل وهو نادم على فسقه مستغفراً لذنبه"