الابداع ومتغيرات التلقي المعاصر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الابداع ومتغيرات التلقي المعاصر

  نشر في 03 أكتوبر 2022 .

الابداع

ومتغيرات التلقي المعاصر

✍️محمد خلوقي

لم يعد للمتلقي المعاصر قدرة على تذوق كل ابداع طويل ، بحيث صار ينفر من الاغنية او القصيدة او الرواية الفارعة الطول ، بل لم يعد يقو حتى على اتمام مقالة او سماع خطبة او محاضرة شبه متوسطة ..

وهنا تبدأ معاناة المبدع الاصيل ، بل قد تضيق دائرة اشعاعه ، وتستظله احيانا سحب الحيرة والتضايق ..لهذا عليه ان يستعمل ذكاءه الحضاري ، ويعرف ان دوامه حيا ومؤثرا صار رهينا بمدى درجة تعايشه مع تطورات العصر ومستجدات ظروف التلقي عامة، والا سيصبح ابداعه ضربا من الحديث الثقيل المُمل الذي ينفر منه هذا المتلقي المعاصر، وهنا يتحول ابداع المسكين مثل الذي يعزف لحنه ولا يسمِّعه الا لنفسه فقط .

نعم ان المتلقي المعاصر تأثر نفسيا لا فيزيائيا بزمن السرعة والعجلة التي فرضتها ايقاعات الحياة ، والمتغيرات الثقافية والاجتماعية والحضارية ،ولم يعد له أناة نوح ، ولا صبر ايوب .. فصار يبلع بسرعة ، ويمشي بسرعة ، ويقرأ ويكتب بسرعة ، ويجيب بسرعة ، ويُنجب بسرعة ، ويزرع ويحصد بسرعة ،ويَعيش ويموت كذلك بسرعة . من هنا صار لزاما على المبدع المعاصر ان يستوعب بعناية فائقة تطورات التلقي ،وعليه في ما يريد ابداعه من نص او لحن ، ان يتأقلم في ذلك مع متغيرات التلقي ،دون ان يتخلى في ذلك ، او يتنازل عن مواصفات وشروط تحقيق الجمال والمتعة والتأثير، والتي هي اهم غايات الابداع .

وربما يتطلب منه الامر ان ينزل جزئيا عن برجه المألوف ، وان يخاطب الناس على قدر افهامهم وثقافتهم وتكوينهم اللغوي والمعرفي .وان يتوسط ويقتصد ، لا ان يتطرف ويطنب ، ويختار في ذلك اللحن المستساغ فطرة ، واللفظ الواضح والمفهوم تداولا ، لا الغريب والآبد والمقعر نطقا وفهما .. لأن لكل متلقٍ مكانه وزمانه ، واعتقد شخصيا ان تعامل المبدع هو اشبه بتعامل المربي مع الاولاد ، والتي قال فيها الفيلسوفان سقراط وافلاطون ما لفظه:

(لا تكرهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم) او بتعبير آخر (لا تجبروا أولادكم على آدابكم ، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم).

فالمبدع الى حد ما يشبه المربي ، من حيث اتفاقهما على نفس الاهداف والغايات الكبرى ، مع اختلاف في وسائل الانجاز .

ولهذا فدوام الابداع المعاصر والهادف اصبح ملزما باحترام متغيرات العصر ، وادراك وتفهم مقامات التلقي .والا فان متلقيه سيعدُّون على رؤوس الاصابع .

✍️محمد خلوقي



   نشر في 03 أكتوبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا