يذكر الشاعر محمود الوراق في أحد أبياته الخالدة أنه لا يحمل في قلبه حقدا أو غلا على الذي يظلمه، بل يشكره ويطلب الصفح له، ولكن لماذا تفعل ذلك يا محمود قل لنا السبب؟
يقول الوراق:
1- لأن الظالم يسدي إلي نعمة حيث يُظهر مدى حلمي وصبري بجهله وظلمه.
2- أن الظالم تَعُود عليه إساءته أوَّلاً، ثم يعود عليه حلمي، فيصبح جرمه مضاعفا.
3- أن المظلوم يغدو في محمدة (بمعنى محمودا في نفسه وعند الناس) بالإضافة إلى الأجر والثواب لصبره على الظالم، وفي المقابل يذهب ظالمه بوزر الظلم وإثمه.
4- يرى محمود الوراق أنه بهذه الخصال وبهذه المكاسب، وكأن الظالم هو الذي يحسن للمظلوم (مع أنه ليس كذلك لأنه ظالم) وكأن المظلوم هو الذي يسيء لظالمه حكما (لا حقيقة أو واقعا).
يقول الشاعر محمود الوراق:
مازال يظلمني وأرحمه ::::: حتى بكَيْتُ له من الظلم..
في الحقيقة الأمر صعب، لكن ما أجمل أن يكون هذا رد فعلنا تجاه من يظلمنا لأننا في النهاية سنكون فائزين وإن كنا مظلومين، ومن جهة أخرى قد يكون الظالم جبارا متمردا بماله ونفوذه، فيكون هذا الحل الذي ذكره الشاعر حلا يخفف من وطأة الإحساس بالظلم ولو نسبيا، هذا إذا استطعنا فعلا أن نتمثل قول الشاعر حقا، لأن طبيعة النفس البشرية مجبولة على عكس ما ذكرته شاعرنا الكبير.
أما الأبيات فهي:
يقول الشاعر محمود الوراق:
إني شكرت لظالمي ظلمي ... وغفرت ذاك له على علمي
ورأيته أســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدى إلي يداً ... لما أبان بجهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــله حلمي
رجعتْ إساءته عليه وإحـ ... ساني إليّ مضــــــاعف الجرم
وغدوت ذا أجر ومحمدة ... وغدا بكسب الظلم والإثم
فكأنما الإحسان كان له ... وأنا المـــــــــــــــــــــــــــــسيء إليه في الحكم
مازال يظلمني وأرحمه ... حتى بكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــيت له من الظلم
قراءة : مصطفى محمد