العالم العربي هو ذلك العالم الذي توجد به مختلف الجنسيات والديانات أولئك الذين يعيشون في بقعة جغرافية ذات تاريخ ولغة وثقافة عربية مشتركة. لن اتكلم عن ذلك العالم العربي في تلك الحقبة السابقة للعرب قبل الإسلام، فلم يكن للعرب آنذاك ذلك التأثير الذي أحدثوه بعد الإسلام. عندما جاء الإسلام كانت العرب قبائل متناحرة يقتل بعضها البعض الأخر، لكن الإسلام جاء وجعل للعرب الاسم البارق واللامع، وما كان سبب ذكري لمجيء الإسلام وبداياته إلا لكي أبيّن نقطة تغير دالة العالم العربي والإسلامي آنذاك حيث أخذ العرب قوة وملك ومجد فارس والروم، واصبح العرب قوة لا يستهان به، وطرفاً في معادلة العالم، بعد موت الرسول  وموت الخلفاء الراشدين والتي بدأت فيها الفتن في بلاد العرب عامة وفي المسلمين خاصة بمقتل الخليفتين عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً بطريقة غادرة، وتعد هذه العمليتين اول عملية قتل غدر بعد مجيء الإسلام . بعد مقتل علي بن ابي طالب- رضي الله عنه – سنة 40 هـ تهيأت الظروف للأمويين لكي يبسطوا سلطانهم. وفي عهد الدولة الأموية ( نسبةً إلى أمية بن عبد شمس ) حدثت الحادثة كربلاء الشهيرة حيث خرج الحسين رضي الله عنه في جماعة من قومه، ومع اهله من نساؤه واطفاله قاصداً الكوفة، فالتقى فريق الحسين وجيش يزيد بن معاوية فسالت الدماء وسقط الحسين شهيداً. بعد يزيد جاء العديد من الخلفاء وكان أخر اربعة خلفاء عاجزين عن ممارسة السلطان، فبعد الملك هشام بن عبد الملك جاء ملوك ضعفاء يجاهرون بالمعاصي ويهمهم اللهو ، وقد تركوا امر المشورة واصبح الحكم وراثياً، فانتهز العباسيون هذه الفرصة من التفكك والتصدع فراحوا يعملون على إسقاط الدولة الاموية. وقع اشتباك بين قوة بني امية وقوة بني العباس في خرسان، وانتصر فيها ابو مسلم على قوات نصر بن سيار, توترت الاحداث، وبعث مروان بن محمد في طلب إبراهيم بن محمد الإمام فقيدوه وارسلوه إلى الخليفة بدمشق فسُجن. وفي سنة 131 هـ ازداد تمكن ابي مسلم من الامر، وفر نصر بن سيار وتوفي، فدانت خراسان كلها لابي مسلم. وفي سنة 132 هـ انتصرت قوات ابي مسلم على قوات العراق، ثم توجه إلى الكوفة والتي كان قد خرج بها محمد بن خالد بن عبد الله القسري داعياً لبني عباس. وفي سنة 132 هـ مات إبراهيم بن محمد في سجن مروان بن محمد، وأوصى بالخلافة بعده لأخيه عبد الله بن محمد واُختير اول خليفة لبني العباس في ربيع الآخر سنة ( 132 هـ ).

وفي 11 جمادى الآخر ارسل عبد الله بن محمد الجيوش لمنازلة الأمويين فسحقهم واستتب الوضع بني عباس. كان اول خلفاء الدولة العباسية هو ( أبو العباس السفاح) وقد سمي بلقب السفاح عندما قام يوم الجمعة بإلقاء خطبته، وختم خطبته قائلاً : (( انا السفاح المبيح، والثائر المبيد )). قضى السفاح معظم عهده في محاربة قواد العرب الذين ناصروا الدولة الأموية. خلف السفاح الخليفة ( ابو جعفر المنصور ). جاء بعد ( ابو جعفر المنصور ) ابنه ( المهدي ) وخلف المهدي ابنه ( موسى الهادي )، بعدها جاء الخليفة هارون الرشيد فكانت الدولة العباسية في أوج قوتها، فلم تكن هناك دولة تضارعها في عظمة السلطان. عهد ( هارون الرشيد ) لأبنائه ( الأمين، ثم المأمون، ثم المعتصم ) واخذ عليهم العهود بألا يغيروا هذا الترتيب. توفي المأمون في آخر معاركه وعهد بالخلافة إلى اخيه ( المعتصم )، فأراد المعتصم ان يكبح جموح جيشه، فكون جيشاً من الاتراك يقودهم ضباط بينهم تحت إمرة الخليفة مباشرة. بعد وفاة المعتصم تولى ابنه ( الواثق بالله ) الحكم، وبعد موت ( الواثق بالله ) انقضى عهد عظمة العباسيين، إذ لم يخلفه إلا رجال يرتقون الخلافة ولا حول لهم ولا قوة.

من أسباب سقوط الدولة العثمانية :

1. تفوق العناصر غير العربية: كان الامويين يعتمدون على العرب، ويولونهم المناصب العالية كلها؛ فجاءت الدولة العباسية فارسية الصبغة وقد عمل الفرس إقصاء العصبية العربية عن الخلفاء بحجة ان العرب يطمحون إلى الخلافة، فأصبح الفرس يحكمون الدولة، كما نرى في سطوة البرامكة ولما خشي المستعصم مغبة الامر استعان من المماليك الاتراك واتخذ منهم جنداً استعان بهم على الفرس والعرب.

2. سوء الحالة الاقتصادية: بعد أن وطد خلفاء العصر العباسي الاول اركان الملك، جاء من بعدهم حكاماً اخلدوا إلى الدعة، وامعنوا في الترف وجر ذلك إلى زيادة الضرائب وكثرة النفقات، وهناك الكثير.

في عهد الخلافة العباسية نشط الدعاة الإسماعيليون في إذكاء الجذوة الحُسينية ودعوة الناس إلى القتال باسم الإمام المهدي المنتظر فأصابوا بذلك نجاحاً في الأقاليم البعيدة عن مركز الحكم خصوصاً بسبب مطاردة العباسيين لهم واضطهادهم في المشرق العربي، فانتقلوا إلى المغرب حيث تمكنوا من استقطاب الجماهير واعلنوا قيام الخلافة بعد حين وسميت بالدولة الفاطمية، وكانت في صراع مع الدولة العباسية.

من أسباب انهيار الدولة الفاطمية:

1. المغالاة في التعصب للتشيع مما جعل العامة في مصر يؤيدون أية حركة تعيدهم للفكر السني.

2. ترك الخلفاء السلطة لما يعرف بالوزراء العِظام الذين كان اولهم بدر الجمالي فتحكموا حتى في اختيار الخلفاء وتنافسوا على السلطة، واستنجدوا بأعداد الدولة. فقد استنجد الوزير ضرغام بالصليبين، وغيرها.

من خلال التاريخ وهذه الدول التي قامت ونهضت نجد ان الكون بكله يمر في نظرية ( مثلث الحضارة ) التي تقول بأن الحضارة تبدأ ببدايات بسيطة، ثم تتعاظم إلى ان توصل ذروة مجدها، ثم تنتهي ليبقى لها أفراد يحاولون إعادتها. إن العرب خلال التاريخ قد مروا بصراعات عنيفة، واقتتال بينهم بين. الدولة العثمانية هي الدولة الاخيرة التي سوف ندخل بعدها في سياق التاريخ الحديث، ومنها إلى التاريخ المعاصر، فهي الدولة التي شهدت الحرب العالمية الاولى. الدولة العثمانية هي إمبراطورية إسلامية أسسها ( عثمان الاول بن أرطغرل )، واستمرت قائمة لما يقارب 600 سنة. بلغت الدولة العثمانية ذروة مجدها، وقوتها خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، فامتدت أراضيها لتشمل انحاء واسعة من قارات العالم القديم. كانت الدولة العثمانية دولة قوية، وذات كيان لا يمكن كسره. لقد شاركت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى مع دول المركز، والتي كانت تتكون من { الدولة العثمانية، الإمبراطورية النمساوية، الإمبراطورية المجرية، ومملكة بلغاريا }، ضد قوات الحلفاء والتي تتكون من : { المملكة المتحدة البريطانية العظمى، إيرلندا، فرنسا، والإمبراطورية الروسية }. كانت دول اوروبا تتصارع من أجل الدولة العثمانية؛ فمنها من ارادت تقسيمها، ومنها من ارادت الحفاظ على سلامة املاكها، لكن التقارب العثماني الالماني زاد الخلاف بين الدولة العثمانية وبريطانيا، وفرنسا، فانحازت الدولة العثمانية إلى جانب المانيا بسبب العلاقة الحميمة بينهما، وكان ذلك بسبب التقارب الالماني العثماني؛ فدخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الاولى بعد اشتباك اسطولها مع الاسطول الروسي في البحر الاسود.

وقد كانت هناك جملة من الاسباب التي دفعت الدولة العثمانية في الدخول في الحرب العالمية الاولى إلى جانب المانيا:

1. الصدام المسلح بين الاسطول التركي والاسطول الروسي.

2. رغبة الدولة العثمانية في التحرر من الوصاية عليها، والتخلص من الامتيازات الاجنبية التي فرضت عليها في فترات سابقة.

3. التقارب الالماني العثماني.

4. عدم وجود اطماع استعمارية المانية في الدولة العثمانية بخلاف باقي دول اوروبا.

5. وعود المانيا للدولة العثمانية باستعادة املاكها التي فقدتها في شمال افريقيا ( تونس، ليبيا، الجزائر )، وإرجاع مصر تحت سيطرتها فعلياً ، وأيضاً سوف تحصل على المناطق التي احتلتها روسيا ( القوقاز، وتركستان ).

كان في عضو مجلس النواب العثماني رجل يسمى ( الشريف حسين بن علي الهاشمي ). لم يتم تعيين الشريف حسين اميراً على مكة إلا بعد خلع السلطان عبد الحميد الثاني، وتولى قيادة الاتحاد والترقي والحكم. رغم ان رجال الاتحاد والترقي هم الذين عملوا على إرجاع الشريف حسين لإمرة مكة، ومن ثم الحجاز، إلا انه كان على خلاف دائم معهم فلم يكن معجباً بهم، خاصةً ان معظمهم صغار السن وهو شيخ بالنسبة لهم، ولقسوة وشدة الاتحاد والترقي على رجال القومية العربية، وكان جمال باشا اشدهم، وقد قبض على بعض عملاء الإنجليز من العرب بالشام أيام الحرب العالمية الاولى، وحاول الشريف حسين التوسط لهم، فأرسل ولده فيصل للقاء جمال باشا الذي أعدم هؤلاء العملاء، وكاد أن يقتل فيصل لولا انه هرب مما جعل الشريف حسين شديد البغض للاتحاد والترقي خاصةً والدولة العثمانية عامةً. يرجع اتصال الشريف حسين بالإنجليز إلى فكرة اطلقها الشيخ المشبوه ( جمال الدين الافغاني ) في رسالة أرسلها إلى العميل الإنجليزي ( بلفت )، وفيها خطة لإقصاء الخلافة عن الاتراك(العثمانيين)، وإعلان الشريف حسين امير مكة على المسلمين، وقد قام ( بلفت ) بدوره برفعها إلى وزارة الخارجية التي رأت فيها فرصة سانحة لهدم الخلافة، وكان الشريف حسين وقتها في استانبول، فضغط الإنجليز على حكومة الاتحاد والترقي لتعيين الشريف حسين اميراً على مكة.

لقد كانت رغبة الإنجليز في الشريف حسين، لعدة أسباب:

1. النسب الشريف الذي يرجع إليه الشريف حسن.

2. طموح الشريف حسين ورغبته في الزعامة على العالم الإسلامي.

3. بغض الشريف حسين للعثمانيين عموماً وللاتحاديين خصوصاً.

4. ظهور تيار القومية العربية كتيار مضاد للقومية التركية، وتأثر الشريف حسين بها.

في الوقت الذي كانت فيه الدولة العثمانية متحالفة مع دول المركز، ووعد المانيا للدولة العثمانية باستعادة املاكها، كان الشريف حسين متحالف مع الإنجليز. في الوقت الذي كانت إنجلترا تخدع الشريف حسين، وتستدرجه لفك عرى المسلمين، وتعطيه الآمال بتوليه خلافة المسلمين، كانت على الجانب الآخر تعقد اتفاقية سايكس- بيكو مع فرسنا لتمزيق العالم الإسلامي وتقسيم تركة الخلافة بينهم، قام الانقلاب الشيوعي الروسي في عام 1917م بإماطة اللثام عن المؤامرة الإنجليزية الفرنسية الروسية. ارسل الشريف حسين إلى الإنجليز يستفسر منهم عن حقيقة هذه الاتفاقية، فجاء رد الخارجية الإنجليزية بالإنكار، لكن الشريف حسين أفاق على صدمة هائلة جاءت في صورة وعد بلفور وأعراض الإنجليز عنه وتحولهم إلى ابنه فيصل. تقسم بعدها الوطن العربي. وعد بلفور سمح بإقامة وطن قومي لليهود، ودخل اليهود ارض فلسطين او كما يسميها اليهود ( ارض الميعاد )، وكان هي اول طعنة في قلب وجناح الوطن العربي، بل كانت وما زالت بؤرة الصراعات العربية. تقسم الوطن العربي على المستعمِرين. بعد فترة من الاستعمار والاضطهاد بدأت حركات التحرر ضد الاستعمار. في عام 15/ يناير/ 1902م بدأت الدولة السعودية الثالثة والتي هي وريثة الدولتين السعوديتين الاولى والثانية، حيث قامت الدولة السعودية الاولى عام 1744م في الدرعية وشملت أجزاء كبيرة من شبه الجزيرة العربية، وكان اول امير فيها ( محمد بن سعود بن محمد آل مقرن )، وانتهت الدولة السعودية الاولى بسقوط عاصمتها الدرعية بيد القوات المصرية تحت قيادة (إبراهيم باشا) عام 1818م. انشأ الدولة السعودية الثانية (تركي بن عبد الله بن محمد آل سعود) في سنة 1818م، ولكن العاصمة تغيرت من الدرعية إلى الرياض وتوسعت بشكل محدود على عكس سابقتها، إلا ان الصراع والحروب الداخلية اضرت بها، حيث تسبب اختلاف ابناء ( فيصل بن تركي بن عبد الله آل سعود ) في إضعاف الدولة وسقوطها على يد آل رشيد حكام إمارة جبل شمر سنة 1891م. ثم قامت الدولة السعودية الثالثة في عام 15/ يناير/ 1902م على يد مؤسسها (عبد العزيز آل سعود) في جهود لتوحيد البلاد في إطار دولة سعودية تعيد المناطق والأقاليم التي كانت تابعة للدولة السعودية الاولى والثانية. ظلت الدولة السعودية الثالثة قائمة حتى عقد مؤتمر في الرياض حضره العلماء، والرؤساء وقرروا أن يتخذ حكم نجد الامير ( عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ). وكتب الامير ( عبد العزيز آل سعود ) كتاباً إلى المفوض السامي البريطاني، واعترفت الحكومة البريطانية في 2/ سبتمبر/ 1921م. بقيت الدولة السعودية قائمة حتى إعلان قيام المملكة السعودية عام 1932م. في نفس العام من إعلان قيام المملكة السعودية نالت المملكة العراقية الاستقلال لتكن من أوائل الدول العربية التي استقالت عن الوصاية الاوروبية، وتحديداً الانتداب البريطاني. المملكة العراقية مثلت أول حكم عراقي في العهد الحديث، وقد بدأت رسمياً منذ تعيين الملك فيصل الاول ملكاً في عام 1921م. تعاقب الرؤساء، حتى تولي الرئيس صدام حسين سدة الحكم عام 1979م بعد تنازل أحمد حسن البكر عن السلطة. في 22/ مايو/ 2003م صدَّق مجلس الامن على قرار يعطي الشرعية للاحتلال الامريكي للعراق. في 1/ يونيو/ 2004م تم تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة التي تم حلَّها، وكانت من مهامها الرئيسة تهيئة الانتخابات العراقية لاختيار مجلس النواب العراقي والتصديق على الدستور العراقي الدائم. كانت معظم الدول العربية تحت الاحتلال، ولكن ثورات التحرر قامت وانهت ذاك الاستعمار والاحتلال على اراضيها، فهذه لبنان قد تحررت من الاحتلال الفرنسي في عام 22/ نوفمبر/ 1943م. في فلسطين نشبت حرب عام 1948م بين مصر والاردن والعراق وسوريا ولبنان والسعودية ضد إسرائيل، وانتهت الحرب، بانتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية، وكان هذا استقلالاً جزئياً حيث انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين، وبأ حل ما يسمى ( الدولتين ) والتي تشمل فلسطين، ودولة إسرائيل. في 10/ فبراير/ 1947م تحررت ليبيا من الاستعمار الإيطالي، ثم في عام 24/ديسمبر/ 1951م تخلصت من مجلس الوصاية البريطاني الفرنسي وتأسست المملكة الليبية وعاصمتها مدينتي طرابلس وبنغازي حتى عام 1963م، ثم البيضاء 1963م حتى 1969م. سميت في البداية باسم المملكة الليبية المتحدة حتى 26/ ابريل/ 1963م حين عدَّل إلى المملكة الليبية. استمرت تلك المملكة حتى الانقلاب الذي قاده العقيد معمر القذافي في 1/ سبتمبر/ 1969م الذي انهى حكم إدريس الاول، والغى الملكية وأنشأ الجمهورية العربية الليبية. وفي نفس العام من التحرر الليبي من مجلس الوصاية البريطاني الفرنسي تحررت عمان من الاحتلال البريطاني. وفي 23/ يوليو/ 1952م قامت ثورة وحركة الضباط الاحرار في مصر بواسطة مجموعة من الضباط اطلقوا على انفسهم ( تنظيم الضباط الاحرار )، واطلق على الثورة في البداية ( حركة الجيش )، وأسفرت تلك الحركة عن طرد الملك فاروق، وإنهاء الحكم الملكي وإعلان الجمهورية، بعدها تكون مجلس القيادة وكان يتكون من ( 11 ) عضواً برئاسة أركان الحرب ( محمد نجيب ) و ( جمال عبد الناصر ).

تتلخص أسباب قيام ثورة 23 يوليو في الآتي :

1. استمرار الملك فاروق في تجاهله للأغلبية واعتماده على أحزاب الأقلية.

2. قيام صراعات داخلية وصراع دموي بين الإخوان المسلمين وحكومتي النقراشي وعبد الهادي.

3. قيام حرب فلسطين، وتوريط الملك للبلاد فيها دون استعداد مناسب ثم الهزيمة.

4. عرضت قضية جلاء القوات البريطانية على هيئة الامم المتحدة ولم يصدر مجلس الامن قراراً لصالح مصر.

5. تقليص حجم وحدات الجيش الوطني بعد فرض الحماية البريطانية على مصر، وإرسال معظم قواته إلى السودان بحجة المشاركة في إخماد ثورة المهدي.

6. إغلاق المدارس البحرية والحربية.

7. سوء الحالة الاقتصادية في مصر.

8. الظلم وفقدان العدالة الاجتماعية بين طبقات الشعب وسوء توزيع الملكية وثروات الوطن.

9. سفاهة حكم الملك فاروق وحاشيته في الإنفاق والبذخ على القصر وترك الشعب يعاني.

فبثورة 23/ يوليو/ 1952م تحررت مصر من حكم الملك فاروق، وصار ( محمد نجيب ) رئيساً لمصر. بعد سنتين أي في عام 19/ اكتوبر/ 1954م تسجل خروج أخر جندي بريطاني من مصر بعد استعمار استمر 73 سنة بعد الوف من الشهداء في طريق طويل من النضال والتضحيات. في 15/ نوفمبر/ 1988م أعلن المناضل الفلسطيني ( ياسر عرفات ) إعلان الاستقلال الفلسطيني بالجزائر، ثم تأسست السلطة الفلسطينية بعدها في عام 1994م. في الواقع السوري وفي تاريخها الحديث نلحظ مناسبتين اعلن فيهما عن سوريا مستقلة. الاولى من قبل المؤتمر السوري يوم 8/ مارس/ 1920م بعيد سقوط الدولة العثمانية، وتمت خلالها مبايعة فيصل بن الحسين ملكاً، وإعلان المملكة السورية العربية. خلافاً للاستقلال الاول، فإن الاستقلال الثاني استقبل ببرود في سوريا، لا سيما مع استمرار قسط وافر من الاجهزة تابعاً للمفوضية الفرنسية. لا يعتبر إعلان الاستقلال عطلة رسمية أو اليوم الوطني لسوريا، بل إن تمام جلاء القوات الفرنسية عن سوريا، بعيد الانتفاضة في 17/ ابريل/ 1946م يعتبر عيد الجلاء واليوم الوطني السوري.

وفي عام 1/ يناير/ 1956م نالت السودان استقلالها من الاحتلال البريطاني، حيث شكل مؤتمر الخريجين في عام 1938م كواجهة اجتماعية ثقافية لخريجي المدارس العليا في السودان، ولكنه سرعان ما نادى بتصفية الاستعمار عن السودان. وفي نفس العام 1956م في 26 اكتوبر تأسس المجلس الحكومي لمغربي برئاسة البكاي بن مبارك لهيبل، وبتعيين من الملك محمد الخامس للمرة الثانية على رأس هذا المجلس، وكان هذا بعد تحرر المغرب من فرنسا سنة 1955م . وكذلك نالت تونس استقلالها في 20/ مارس/ 1956م. وفي عام 28/ نوفمبر/ 1960م حصلت موريتانيا على استقلالها من الاحتلال الفرنسي.

نالت الكويت استقلالها في 19/ يونيو/ 1961م من الاحتلال البريطاني. كما احتلت بريطانيا الاردن واستقلت منها في عام 25/ مايو/ 1946م. وكذلك احتلت بريطانيا اليمن واستقلت منها عام 30/ نوفمبر/ 1967م، واستقلت البحرين من الاستعمار البريطاني في 15/ اغسطس/ 1971م، كما انتهى الاستعمار البريطاني في قطر في 3/ سبتمبر/ 1971م، وكذلك في الإمارات حيث استقلت الإمارات في عام 2/ديسمبر/ 1971م. لقد تخلصت كلاً من جيبوتي، وجزر القمر من الاستعمار الفرنسي، حيث تحررت جزر القمر في 6/ يوليو/ 1975م، وتحررت جيبوتي في 27/ يونيو/ 1977م. من الملاحظ في التاريخ ان الوطن العربي قد عانى من صراعات من قبل الاستعمار الخارجي، فهو منذ التاريخ مازال محل أطماع الاستعمار. من الملاحظ من خلال التاريخ أيضاً ان بريطانيا هي اكثر الدول استعماراً للدول آنذاك، كيف لا وهي الامبراطورية العظيمة التي قيل عنها انها الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. بعد ثورات التحرر العربية التي دحرت الاحتلال لم تصبح بريطانيا تلك الإمبراطورية العظمى، ولكن الاطماع مازالت نحو الوطن العربي. إن العودة لدراسة الماضي لا يكون من اجل التغني بأمجاد الماضي، بل من اجل ان يكون الماضي لنا كدافع وقفزة نحو المستقبل من خلال التعلم من أخطاء السابقين، وبالفعل هذا ما حدث. إن الاستعمار والغزو التقليدي هو عبارة عن غزو عسكري وهيمنة على بلاد لفرض نفوذها والتوسع فيها. إن هذا النوع من الغزو هو قديم، ومكلف سواء من ناحية الاموال، أو الانفس. إن معظم الدول المستعمرة سابقاً كانت تقوم بفرض ثقافتها ولغتها على الشعب المستعمَر، ولقد جاء الغزو الجديد والحديث عن طريق غزو الفكر. بعد كل هذه الاستعمارات الموجودة وُجدت الكثير من الايديولوجيات، فكانت هناك الايديولوجية الاشتراكية، والايديولوجية الرأسمالية. من ناحية الدين هناك ايديولوجية الإسلام المتشدد، وايديولوجية الإسلام المعتدل. لقد عَمد الاحتلال إلى إحداث غزو فكري، واقتتال ثقافي، واختلاف وفُرقة عن طريق الفكر، فجاءت هذه الايديولوجيات لتحقق تلك المطامع. إن صراع ايديولوجيتين مختلفتين يؤدي إلى تشكيل ايديولوجية ثالثة جديدة تحمل بعض صفات الايديولوجيتين المتصارعتين، ومناهضة للأيديولوجيتين نفسهما بأشياء اخرى، وهكذا يبقى صراعاً ايديولوجياً يؤدي إلى الفرقة وقد يقود إلى الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد، وبالتالي تضعف هذه الدولة وتقوم الدولة المستعمِرة بفصل الخصام، وهذه الدولة المستعمِرة تكون سبب في إدخال هذه الايديولوجيات فتطبق القاعدة السياسية ( فرق تسد ) وتقوم باستعمار الدولة المتصارعة ليس بالقوة، بل بالرضى من ابناء الشعب بحجة انها سوف توقف الصراعات التي استفحلت بالبلاد. لقد ظهر العديد من المصطلحات والتيارات الفكرية التي جعلت الشعوب العربية في تصادم فكري، وتنافر دائم، وصراع يستنزف قدرات الوطن العربي، فلقد تم تقسيم العالم إلى: دول صناعية ( متطورة )، ودول نامية او ما تسمى بدول العالم الثالث، وجاء مصطلح ( العولمة ). لقد ساعدت التكنولوجيا متمثلةً بالتلفاز، والإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي على انتشار مثل هذه التيارات الفلسفية والفكرية، وعلى الغزو الفكري، وخداع الناس، بل اصبح بإمكان الإعلام ان يقيم حرباً ، أو يخمدها بكلمة واحدة، الامر الذي جعل الناس لا يعرفون الحقيقة من الكذب والخداع، واصبح العالم كالقرية يستقي معلومات، وثقافته، واخباره من مصدر واحد، وهذا المصدر هي الدولة العظمى مما خلق بين مصطلح ( العولمة )؛ أي جعل الشيء عالمياً. إن كبار معتنقي ومنظريَّ العولمة هم بالأساس من الدولة الكبرى ( الولايات المتحدة الامريكية )، حتى ان بعض الخبراء قد قالوا ان مصطلح ( العولمة ) هو مرادف لمصطلح ( أمركة )، لأنها تهدف إلى تحويل العالم إلى الصورة الامريكية، وقد تكلم عن هذا الرئيس الامريكي السابق ( بيل كلينتون )، حيث قال : (( إن امريكا تؤمن بأن قيمها صالحة لكل الجنس البشري، واننا نستشعر ان علينا لزاماً مقدساً لتحويل العالم إلى صورتنا )). إن اخطر انواع العولمة هي العولمة الثقافية، حيث تستهدف الفكر والعقل والمنطق وتغذيه بالمعلومات التي تريدها الشبكات، ويريدها الإعلام. يقول ( سيرج لاتوش ) احد الباحثين الغربيين في كتابه ( تغريب العالم ) ينقل لنا كيف يتم الغزو الثقافي في العالم : (( ينطلق فيض ثقافي من بلدان المركز، ليجتاح الكرة الأرضية، يتدفق على شكل صورة .. كلمات .. قيم أخلاقية .. قواعد قانونية .. مصطلحات سياسية .. معايير .. كفاءة .. ينطلق كل ذلك ليجتاح بلدان العالم الثالث منه خلال وسائل إعلامية، المتمثلة في إذاعات وتلفزيونات، وافلام وكتب، واسطوانات فيديو ، واطباق استقبال فضائية، ينطلق عبر سوق المعلومات التي تحتكرها الوكالات العالمية الاربع: أسوشيتد برس، ويونايتد برس ( الولايات المتحدة )، ورويتر ( بريطانيا )، وفرانس برس ( فرنسا )، وتسيطر الولايات المتحدة الامريكية على 65% من تدفق هذه المعلومات. هذا الفيض من المعلومات يشكل رغبات وحاجات المستهلكين، أو بتعبير آخر: الاسرى السلبيين، يشكل أشكال سلوكهم وعقلياتهم، ومناهج تعليمهم، وأنماط حياتهم، وبذلك تذوب الهويات الذاتية في هذا الخضم من الغزو، لأن مواد الغزو تصنع في معامل الغرب وفق معايير ومواصفاته المعينة )). بسبب هذا الغزو الفكري، وبسبب الصراعات في العالم العربي والتراجع إلى الخلف، بدأ الشباب العربي إعجابه بالنموذج الغربي عامةً، والامريكي خاصةً. لقد كان سبب هذا الإعجاب هو التطور والعلم الذي حاز عليه الغربيون، فقد قال المفكر الإسلامي العربي ابن خلدون: (( إن المغلوب مولع ابداً بالاقتداء بالغالب في شعاره، وزيه، ونحلته، وسائر احواله وعوائده ))، فتشدق الشباب العربي بالغالبين وتتبعوا ثقافتهم، وهوياتهم، وفكرهم دون غربلة لها. بسبب هذا التشدق، والإعجاب من الشباب العربي بالثقافة والفكر الغربي، جاء شباب ومفكرين ينكرون هذا التصرف واقاموا ايديولوجية ( القومية العربية )، لإعادة التراث والثقافة العربية، والوحدة العربية. إن هذه الايديولوجية قد نجحت وأثرت في عهد الرئيس ( جمال عبد الناصر )، فما لبثت ان انصدمت بأيديولوجية ( الإسلام السياسي ). إن ( القومية العربية ) لا يعني ابتعادها عن الدين الإسلامي، بل ان الدين الرسمي لهذه الحركة هو الإسلام، ولا يعني هذا ان حركة ( القومية العربية ) لا يجب ان تكون فيها ديانات اخرى، وهذا السبب هو سبب صراعها مع ايديولوجيات الإسلام. إن (القومية العربية) تحتمل في معناها الشعور بالانتماء إلى الارض العربية، وإلى الثقافة العربية. لقد استطاع الرئيس السابق لمصر ( جمال عبد الناصر ) على جعل الناس تؤمن بفكرة القومية العربية، لأنه في ذلك الوقت كان قد تخمرت في عقول المفكرين، ومعظم الناس المنظومة الاشتراكية التي أنكرت الدين، فلم يكن من طريقة تجمعهم سوى القومية العربية. إن صراع ايديولوجيتي ( الإسلام المعتدل، والإسلام المتشدد ) مع ايديولوجية ( القومية العربية ) هو أن معظم العرب مسلمين، ولكن هناك مسلمين من أقطار الارض لا يعرفون اللغة العربية، مما يعني انضمام هؤلاء المسلمين إلى احدى الايديولوجيتين ( الإسلام المتشدد، أو الإسلام المعتدل )، حتى ان باستطاعة معتنقيَّ الايديولوجيتين إثارة بعض القوميين باسم الدين، وضمهم إلى صفهم وبهذا تضعف فكرة القومية العربية. إن بؤرة الصراعات في العالم الحالي هي القضية الفلسطينية، وهذه القضية ليست قضية قومية، بل قضية دينية، إن اكثر القضايا، والصراعات المعقدة هي قضايا دينية، مما يجعل الدين هو المحرك الاول، والاساسي للعالم، وهو البناء التحتي لكل المجتمعات.

في الثورات العربية او التي عرفت باسم ( ثورات الربيع العربي ) خرج الشباب ينادون بكلمات، ومفاهيم غوغائية تدل على التأثر الذي تأثر به الشباب من المفاهيم التي أدخلت عليه من الغرب. إن أولى هذه المفاهيم الخطيرة هو مفهوم ( الحرية ) الذي يتنادى بع الغرب. إن كلمة ( الحرية ) هي كلمة ذا معنى مجرد أجوف، حيث ان الحرية ليست من قوانين الطبيعة؛ فالطبيعة بها قوانين تحظر علينا التصرف بحرية. إن الحرية تزج بنا في صراع مع بعضنا البعض، حيث تعني الحرية فعل أي شيء دون التقيد بالقوانين. إن عدم التقيد بالقوانين سوف يؤدي إلى الإشكاليات التي ليس من الممكن ان تنتهي، لكن يجب ان نقول ( حق الحرية )، حيث الحق هو مفرد كلمة حقوق، والحقوق موجودة في القوانين، فتصبح ( حق الحرية ) وعندها نستطيع ضبطها في أطر القانون. إن مفهوم ( الحرية ) قد أبعد الهالة المقدسة من على الرؤساء والملوك، واصبح الملوك والرؤساء كالقفاز تخلعه عندما لا تريده وبكل بساطة، وبالتالي ندخل في وِهاد الفوضى، والصراعات التي لا طائل منها والتي لا تنتهي؛ فالرئيس الذي لا يلبي مطالب جماعة معينة أو حزب معين، سوف يقومون بأخذ سلبياته ويحشدوا لأفراد من الشعب المخدوعين، والمدفوع لهم، أو من اوهمهم الطبقة المثقفة بخطورة سلبيات الحاكم، لأن إيجاد سلبيات أي حاكم سهلة طالما اننا جميعاً من البشر فبالتأكيد السلبيات سوف تكون موجودة، وسوف يخرج هذا الشعب ضد الحاكم تحت مسمى ( الحرية ) وبالأخص ( حرية التعبير )، فيصطدم أولئك النفر الذين هم ضد الرئيس، مع النفر المؤيدين للرئيس، فيضطرب السلم العام للدولة، وقد يشتد الامر إلى القتال فتتدخل أطراف خارجية غير عربية وتحقق مطامعها في هذه الدول. وإن إحدى المصطلحات الاخرى التي تساعد على إذكاء الفتن بين الشعوب، والتي اُبتلينا بها هو مصطلح ( المساواة )، إذ انه من المستحيل ان توجد المساواة في الطبيعة. إن معنى ( المساواة ) أي التساوي المطلق، وبالتأكيد لا يمكنك المساواة ما بين العالم والجاهل، وليست هناك مساواة ما بين المُبصر والأعمى. من المفترض ان لا يكون هناك مساواة، بل واجب المساواة في الحقوق العامة. إن ( واجبات المساواة ) أي مساواة الشعب في الحقوق العامة التي يجب أن يمتلكها كل البشر كلاً حسب موهبته وقدراته. إن بسبب هذه المفاهيم المغلوطة انقاد العالم العربي إلى صراع في العالم العربي، مما يقوض عملية السلام في داخل هذه الدول؛ وبالتالي تتدخل الدول الخارجية المتمثلة بأمريكا في الوقت الراهن باعتبارها دولة عظمى من أجل حل النزاع، وإقرار السلام. إن تدخل أمريكا في العديد من الدول العربية، وإنزالها قوات عسكرية، مثل: العراق، وأفغانستان، وسوريا، والعديد من الدول، إنما هو وقوع في نفس الخطأ التاريخي الذي وقعت الإمبراطورية النازية عندما تمددت، فضعفت القوات وتشتت وبعدها تبددت سلطة، وجبروت أدولف هتلر. إن تمدد أمريكا وتدخلها في الكثير من الشؤون سوف يجعلها تتبدد. إذا تبددت أمريكا، وضعفت قوتها، فهذا سوف يترك المجال لتصبح إسرائيل وريثتها هي الدولة العظمى، ولكن هذا لن يدوم طويلاً بسبب الصراع الموجود حالياً في إسرائيل، وسوف تدخل في معارك مع القوى الحالية، فسرعان ما ستتهاوى القوة الاقتصادية الإسرائيلية، لأن معظم اليهود المتواجدين في إسرائيل هم من العسكر، إلى جانب الصراعات التي سوف تواجهها إسرائيل بسبب استنفار العالم منها بصفتها غازية بلاد الأخرين. إن الدول الأخرى الرأسمالية المعتمدة على الدولار سوف تتلاشى قوتها، وتضعف بعد ضعف أمريكا، حتى الدول العربية سوف تضعف، إن الحل يتمثل بإيجاد نظام اقتصادي داخل النظام الرأسمالي، ويجب ان يحتوي هذا النظام على تصحيح الاخطاء التي مارستها الاشتراكية، وكذلك الرأسمالية الامبريالية. إن الاقتصاد العمود الفقري للدولة، وبدون اقتصاد تنهار الدول، وتتلاشى.