كان جسدي يتنقل في إحدى الطرقات بينما روحي في مكان آخر ، و إذا بفتاة توقف سير روحي وجسدي لتسأل بلغتها الأجنبية : لو سمحت ، كم الساعة ؟
كم كنت أتمنى لو أنها وجدت شخصاً آخر تسأله هذا السؤال ، لو تعلمين أيتها الغريبة أن عقارب الساعة متوقفة لدي منذ زمن بعيد لمررتِ من جانبي كأي عابر سبيل مضى ، لكنَّه القدر .. أتى ليذكرني بأن روحي ما زالت مسجونة في بيتي القديم في مدينة الجمال البعيدة ، في الحقيقة لا أدري كم طالت مدة النزف و البكاء التي قضيتها منذ هُجرّت و حملت فوق ظهري مفتاح وطن بأكمله لا مفتاح بيت .
لكنني قلت في نفسي لا بأس سأعود غداً إلى بيتي ، كم كنت أحمق حين ظننت أن العالم سيتوقف عن السير حين فقدت جزءًا مني أو ربما كُلّي ، و بالرغم من ذلك لا أحد يستطيع أن يمنع المشهد الذي يتكرر كل يوم ، حيث أنا جالس في بيتي أشاهد تراقص الأشجار و كما عهدت غناء العصافير فيه كل صباح ، ثم أتناول وجبة الفطور التي أساسها الزيتون و الزعتر ، تحت شجرة التين أراني الأن انتظر أمي و هي تعد خبز الطابون من أيدي مباركة .
قطعت الفتاة الغريبة حبل ذكرياتي و كررت: لو سمحت هل تعلم كم الساعة ؟
أجبت : لاجئ و ثلث أمل بالعودة إلا صحوة عربية .
رمقتْني الفتاة نظرة الجنون ثم رحلت ، فأكمل جسدي الميت السير و أكملت روحي سيرها إلى الوطن .
-
آلاء بوبليفي داخلي تنتقل الحروف مع خلاياي فتشكل قصص و روايات و الكثير الكثير من الأغنيات ، لكن من الخارج لا يوجد شيء كهذا فكل ما يسيطر هو الهدوء.