أكتب لأقول.. لكل من دهسه من أحبهم وأعطى لهم من وداد قلبه.. ولمن صانوا المحبة، وبذلوا العطاء، وكانوا في حنوهم مع أحبائهم كالأم مع صغيرها.. لمن حملوا قلوبهم بين أيديهم عارية بلا دروع حامية.. لمن وثقوا ثقة عمياء في كلمات تُليَت عليهم كحديث قدسي..لمن صدقوا وعود الإخلاص والوفاء، وكلمات الحب العذبة.. لمن رأووا النظرة فذابوا أمامها.. ولمن انكشفت أمامهم عورات الروح فستروها وأحسنوا التربيت.. للذين أحسنوا..
أكتب إليهم بعد أن أحسنوا فأُسيء إليهم.. ولمن صدّقوا فخُدِعوا، ووثقوا فخُذِلوا.. وحين صفعتهم الحياة وغُلِّقت أمامهم الأبواب وأتتهم سهام غادرة من خلفهم فنادَوا مستغيثين بقلوب محبيهم ومدَّوا أيديهم ليلتقطهم ذاك الرفيق.. ثم.. كانت الأبواب الموصدة قد غلّقها الرفيق الرقيق قبل العدو الغادر.. وكانت يد الرفيق ممسكة بخنجر تسيل منه دمائهم.. وكانت صرختهم واستغاثتهم تثير في ذاك الرفيق نشوة ونفور تفوق شماته العدو الغادر..
أكتب إليهم -لا أدري ما تفعل كلماتي-، بحق ذاك الألم الذي اعتصر قلبي، بحق صراخي المكتوم.. وجرحي الدامي.. وقلبي المشطور.. لا أراكم الله من أحبائكم خذلانا.. صونوا قلوبكم عمّن يؤذيها، وليكن لأنفسكم منكم حقاً أكبر مما تعطوه لمحبيكم.. إنما الدنيا لا تُعطي حباً صادقاً غير حب الأم.. فلا طائل من البحث، ولا ننتظر مُعجزة تأتيك في شخص لا يعرفك ولا تعرفه من قبل فيعطيك من قلبه وروحه نفسه كما أعطتك والدتك الجميلة.
لا مكان في الحياة للمخلصين.. ولا مكان للحب الصادق.. أقول وقد أطفأني الغدر والخذلان.. أقول ولا أتمنى لأحد أن يذوق ذاك الألم.. لا أذاقكم الله مر التعلق وقسوة الخذلان.. ولا أوقعكم في أحباء زائفين..
-
زهراء"فيا ليتَ شُربي من ودادِكَ صافيًا .. وشُربي من ماءِ الفُراتِ سرابُ"