رؤى الحجاز

فيصل البكري

قد لا أجد عنوانآ أفضل مما سطره قلمي طواعية دون أن أجبره على كتابته.

فدومآ ما يكون الإنسان مسيرآ وليس مخيرآ لأن له إختيارآ وله مشيئة.

فهو مخير من هذه الحيثية. فالله أعطاه عقلاََ وإرادة ومشيئة.

فحينما أردت العودة لمذهب أسلافي تاركآ مذهب "جحا الضاحك" أعتمرت من ميقات "ذي حليفة" قاصدآ بيت الله الحرام

بعد ما أغتسلت سبعآ إحداهما بالتراب.

رافعآ راية خضراء مكتوب في منتصفها "الطريق لغيلمة"

فما أن أنتهيت من أداء عمرتي.

حالقآ رأسي حتى ظهرت صلعتي.

مواصلآ الركب نحو ديار أسلافي.

صليت الظهر والعصر جمعآ وقصرآ.

وفي يدي عريضة من ورق البردي

شأنها شأن عريضة صلح الحديبية.

سويعات فإذا بهاتفي يستقبل عشرات الرسائل ظنآ مني بأنها رسائل تهئنة من قبل من أحببني صادقآ خالصآ دون منفعة وقتية أو مصلحة شخصية.

ولكن كانت رسائل ترثل علينا من نعيم العبارات الممزوجة بالقدح والذم وكأنني "نيـتل إبن الحارث" حتى ذاع خبر وصولي "مكة" لأحفاد الإمام "حميد الدين" على ضفاف سد مأرب. بأن "أسلافي" أشتروا ذمتي بعد ما كُنت سابقآ في روض "الإمامية الظاهرية"

حينها أيقنت بأن معركة "الكبش والراعي" ظهرت مجددآ. فأخذت الحيطة قبل أن يشاع خبر "الشراء" وتتسع رقعة إشاعته لما بعد دجلة والفرات.

فأرتأت أن أسطر ما بداخلي دون أن يقسو قلمي على نجباء الساحل والأخشبين فأقول:

كل شيئ يا عزيزي يباع في هذا الزمان.

فهو واقع "بئيس" لا بد أن يمر كما تمر السحاب على الطائف المأنوس.

وأغلب "الضمائر" تشترى فلا شيئ يعيق شراؤها.

وكل "الذمم" تساق فليس هنالك ما يمنع من تداولها بين اسواق العتيبية والعزيزية.

حتى النفوس أسترخصت قيمتها ودخلت المزاد كأي سلعة تباع وتشترىٰ.

حتى لأحلام التي لا يُسمع دبيبها. تقهر بعقوباتِ ثقيلة قد تصل لحد الحرمان والطغيان لكل إنسان.

إلا صوت "الحق" لا يمكن أن يشترى أو تكمم الأفواه حينما تنطق بأعلى صوتها  من أجل المصلحة العامة التي تعلو على جميع الضمائر والذمم.

وليعلم كل من يقف عثرة في طريق النجاح لأسرته والتلاحم بين أبناء عمومته ويقتسم الحقد والحسد بينه وبين من معه كما يقتسم البعض غنائم الحلوى.

إنهم بأفعالهم تلگ يزرعون الفتن وينشرون الضغينة والأحقاد وكأن الطريق مُعبدآ لهم.! وهم يعلمون بأن الشرفاء سيكونوا حاجزآ منيعآ لمخططهم ومأربهم.

وليعلم الذين يتبادلون التهاني وباقات الزهور فيما بينهم. أنهم يزرعون بذلك الشوك في قلوبٍ أقرباء لهم وليس غرباء. 

وليعلموا بأن "شواك الورد" الذي ينمو في القفار وبين شقوق الأحجار قد تذروه الرياح وسيبعثُ به في يوم عاصف. فبدل أن يفيح عطره يوجع وخزه.

إنها الدوامة التي يعيشها الكثير. وإنه لألم مرير مرارة العلقم ما يتجرعه بعض أبناء الأسرة حينما "يغيبون" عن الحقائق وهو أمر محزن أن يجد مما كان معهم عندما تتكلم ألسنتهم بانجازاتهم وقدراتهم الواهية بإسقاط "أيقونة" لم يستطع أحد الوصل إلى ما وصل إليه من إنجازات ونجاحات من أجلهم وغيرهم.

فيقف حائرآ بين شك ويقين ومن ثم يدرك بأنهم حفاة العقل الرزين.

فيطرق يده المغلولة كل الأبواب دون أن يجد من يفتح له الباب لينقذ نفسه من البقاء على حساب أقرباء له وهو يعيش وكأنه غريب لم تتنفس رئتاه يوم قذفت به الحياة إلى عالم الوجود.

وفي لحظة تأمل يجد العصافير مرفرفة وهي تحوم عليه مرددة له…

أثبت فإنك على حق مبين ولا يصح

إلا الصحيح والله الموفق...