عندما تنبأ هتلر بالواقع العربي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

عندما تنبأ هتلر بالواقع العربي

  نشر في 29 أكتوبر 2016 .

“لقد أدرك الانكليز، وجهلنا نحن، أن سواد الشعب في الأزمات تكون له نفسية المرأة؛ بحيث تأتي أراؤه وتصرفاته وليدة المؤثرات أكثر مما تتأتي وليدة التفكير المجرد”.

“ثم رأيت مشهدا عجباً استخفني للضحك, فقد أعقب الخطب مناقشات حادة, ورأيت العديد من النواب من يضربون الطاولات بقبضاتهم، أو يلوحون بهذه القبضات مهددين, وتعالى الصراخ والضجيج، وراح الرئيس يقرع الجرس بعصبية مناشداً النواب التقيد بالنظام حرصا على سمعة الحياة البرلمانية”.

“فإذا القاعة لا تضم أكثر من ثلاثين بالمائة من ممثلي الشعب، نصفهم يغط في نومه، ونصفهم الآخر يستمع إلى بعض الأعضاء وهو يتمطى ويتثاءب، والرئيس يجيل في أرجاء القاعة نظراً يفصح سأمه”.

“عند تشكيل الوزارة كان المسئولون يحرصون على تسمية رديف لكل وزير يذهب هذا ويحل محله رديف في أقرب فرصة، وهكذا يرضى جميع الطامحين, ويخرس المشاغبون والمناورون ممن يتعمدون وضع العصي في عجلات الآلة الحاكمة, لأنهم ليسوا في عداد الحاكمين، أو لأن الحكومة لا تساير مصالحهم الخصوصية”.

“وهكذا لا تقع العين إلا على تعاقب الطامحين إلى المناصب والوظائف المرموقة في الدولة، تعاقبا خاطفا، وإذا قيض للبلاد رئيس ذو سجية وأراد أن يصلح الحال، قام في طريقة سد منيع من الوصوليين والانتهازين الذين يتوجسون خيفة من كل إصلاح، لأنه يقصيهم ويضع حداً لمفاسدهم”.

“أجل كان المتربع على العرش يعين رؤساء الوزارت، ولكنه كان يتقيد عند تعيينهم، بنتائج الاستشارات، أي أنه كان ينفذ رغبات الأكثرية البرلمانية، أما سوق المساومات عند تسمية الوزراء وتوزيع الحقائب فحدث عنها ولاحرج”.

“لن أتوقف عند الطريقة التي يجري بها انتخاب السادة ممثلي الشعب, أو الطريقة التي يحرزون بها مقاعدهم الغالية على قلوبهم, فالسواد الذي لا يتحلى بالوعي السياسي لا ينتظر منه أن يحسن اختيار من ينيبهم عنه لتمثيلة والتعبير عن أرائه والإفصاح عن رغباته وأمانيه”

“والأدهى من ذلك كانت الحياة الاقتصادية, ففي الحقل الأقتصادي أضحى الشعب اليهودي عنصرا لا غنى عنه, وبدأت العنكبوت تمتص دم الشعب, ولكن برفق وتمهل , ووجد اليهودي في توحيد مصادر الإنتاج الحربي الأداة اللازمة لتسديد الضربة القاصمة الى الاقتصاد القومي الحر وما وافى الشتاء حتى كان الإنتاج كله تقريبا خاضعاً لأشراف الرساميل اليهودية”.

“وفي هذه الاثناء كان الشعب يغذي الأحقاد في صدره ولكن ضد من؟ ففي الوقت الذي كان اليهودي يعصر جيوب الأمة ويحاول أخضاعها لسيطرته كانت الدعوى(الاعلام) تحرض الناس على مناصبة العداء ضد”.

“إن الصحافة هي التي تتولى تنشئة الجمهور سياسياً بما تنشر من أخبار وتبث من آراء, وليس للدولة يد في توجيه الدعاوى الصحفية, هذه المدرسة التي يتلقى فيها الجمهور دروسة اليومية, فالصحافة هي في قوى يواكبها الشؤم, وقد أتيح لي أن أخالط “صانعي” الآراء وناشريها , فأدهشتني السهولة التي يستطيع بها هؤلاء أن يخلقوا تياراً معيناً, وأن يوجهوا الجمهور وجهة تتعارض في بعض الأحيان مع مصلحة الجماعة.

ففي ببعض أيام يمكن الصحف أن تجعل من حادث تافه بحد ذاته قضية خطيرة تهز الدولة, ويمكنها كذلك أن تسدل ستار النسيان على القضايا الحيوية فلا يلبث الجهور أن ينساها”

“أما الصحافة “الكبرى” التي استثارت إعجابي برصانتها وترفعها عن الرد على الصحف المعادية للسامية, أما هذه الصحافة فمعظم محرريها وموجهيها من أبناء الشعب المختار”

“وفي ميادين الفنون والآداب والتمثيل, فقد أمتد الاخطبوط اليهودي الى هذه الميادين جميعا وفرض سيطرته عليها ووسمها بطابعه, فمعظم المؤلفين يهود ومثلهم الناشرون والفنانون …الخ وهذا التغلغل في كل ميدان من ميادين النشاط التوجيهي يشكل طاعونا خلقياً أدهى من الطاعون الأسود وأشد فتكاً, ذلك أن تسعة أعشار المؤلفات والنشرات المسرحية واللوحات الفنية التي تروج للأباحية المطلقة وللماركسية هي من صنع اليهود”

“وفي الوقت نفسه جعلوا من الأدب الرخيص والفن الإباحي بضاعة سهلة التناول, وما لبثت هذه البضاعة أن طردت من السوق الأصناف الجيدة وغصت واجهات المكاتب وجدران المتحاف بمنتجات لأثر فيها للفكر والفن”

“لو اكتفى الفنانون والمفكرون اليهود بالتجديد والابتكار لهانت المصيبة, لكنهم انبروا للحط من شأن تراثنا الفكري وللهزء بكل ما أجمعت الأمة على تقديسه”.

قد تعتقد للوهلة الأولى وأنت تقرأ هذه الاقتباسات هي وصف دقيق للواقع العربي المعاصر, لكن الحقيقة أن كاتب هذه الكلمات ليس عربياً، بل له موقف سلبي عن العرب, أما عن الواقع الموصوف في الاقتباسات وهوية كاتبها؛ هي وصف للواقع الألماني آنذاك فترة قبيل الحرب العالمية الأولى لحين سيطرة النازية, وكاتبها الرئيس الألماني أدولف هتلر في كتابه المشهور “كفاحي”.

أن المانيا التي نعرفها اليوم ذات القوة ومثال للتحضر والرقي لم تكن هكذا في الماضي القريب, إذ كانت بلد تخيم عليه التفرقة وسرطان التفاوت الطبقي بين كادحين فقراء وبرجوازين أغنياء, يعاني الاثنان من ضعف روح الوطنية, أما على المستوى العام لحق الضعف أغلب مجالات الشعب والدولة ولاسيما الاقتصادي الذي كان تحت سيطرة التجار اليهود والانتهازيين,

أما سياسياً فنظام الحكم ورجاله كان فاسداً يسعى للمصالح الشخصية غير مبالين بالوطن وشعبه, وسوء القيادة والتصرف والفساد والخيانة أدى لهزيمة البلد في حرب العالمية الأولى, فامتلأ البلد بالأدعياء والأحزاب التي لا تسعى إلا للوصول إلى سدة الحكم؛ فنتج عن هذا “دولة” تسيطر عليها الخلافات والاضطرابات.

الحديث عن سوء الواقع العربي لا يحتاج إلى وصف أو تبيان فهو أوضح من رابعة النهار, والتشابه بين سوء الواقع العربي المعاصر وسوء ماضي المانيا القريب يصل حد التطابق في مجالات عدة يتضح ببساطة من الاقتباسات أعلاه. كان ولم يزل الأحرى على “منظريَ” الحداثة والانفتاح – العرب – بدلاَ من التشدق بالثورة الفرنسية ومفهوم العلمانية والتقليد الأعمى للغرب, أن يدعوه للاستفادة من الذي يكون بينهم وبينه تشابه وصلات متقاربة ومن التجارب الأمم التي تحقق الكسب لأمتنا، وليس العكس كما يحصل الآن من أدعياء التنوير بكل أسف.

أعتقد أن على هذه الفئة الاستفادة من “التجربة الألمانية” وترجمة مسيرتها لغرض النهوض بالواقع العربي بعد القيام بحملة فلترة وتعديلات – للتجربة الألمانية – تتناسب مع حجم الواقع العربي وطبيعته, كون التجربة الألمانية أكثر نفع وخدمة للواقع العربي إذا ما أراد الاقتداء بها, نظراَ للتشابه الكبير بين الظروف العربية الحالية مع الظروف الألمانية آنذاك, فضلا عن كون العدو الذي كانت تواجهه ألمانيا نفس العدو الذي تواجه الأمة اليوم، ألا وهو اليهودية العالمية.

فهل يا ترى نشهد في هذا الوقت الذي يخيم عليه القادة الفاسدون, وتهمين الأفكار الساذجة والتخلف فيه يعم الأرجاء, والفساد ينخر الأجساد, والخيانة تعانق السماء, أن نشهد ولادة شخصية صادقة تهدف الى الرقي بالواقع العربي كصدق وإصرار هتلر مع الألمان؟ شريطة أن لا يأتي بنظرية كنظرية هتلر في “الأعراق” ويدعي تفوق الجنس العربي على البشرية, وإن حصل فالمأساة لا تكمن في تفوق الجنس العربي على البشرية, إنما تكمن في أين يكون التفوق بني عدنان أم بني قحطان لأن الجواب تترتب عليه مأخذ كثيرة وحروب قبلية قاسية!

المقالة سبق وتم نشرها في موقع ساسة بوست



  • محمد رجا
    كاتب عراقي، مهتم في الشأن السياسي والاجتماعي
   نشر في 29 أكتوبر 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا