كانوا على هيئة دائرة، لولا لهيب النيران المشتعلة لا تستطيع رؤية وجوهم فى تلك الليلة العاتمة ، وكانت تلك المرأة تتوسطهم ساندة ظهرها الى شجرة ملتصقة بها بحبل ميثاقه غليظ ، يربط يديها و ارجلها من خلاف..
فمها الذى لا استطيع وصفه لما عليه من رباط يحجبه و يكتم انفاسها و الفاظها ، انفها كان صغيرا، عيناها واسعتان كالقمر فى ليل التمام يشع فزعا و بياضا الى من حولها..
كانوا يلتفون حول المراة يقذفونها بالفاظ لا استطيع تذكرها ، من شدتها على اذنى تناسيتها و لكن لن استطع ان انسى..
ثم رأيت رجل يدعى المسيح عيسى بن مريم يقال انه نبى و لكن نحن اهل الوثنية نبغضه هو و امه..
رأيته يقبل على هؤلاء الجمع بهدوء ووقار الحكماء، يدبدب بعصاه على الارض القحلاء كدبيب النمل..
ثم اقتربت من ذلك الجمع لكى اسمع ما حكم عيسى على فحش تلك المراة !
فقد ذاع فى البلدة بانها ارتكبت الزنا ...
كان الرجال بدأوا فى الاستعداد لرجمها داعين عيسى بان ينطق الحكم و يشاركهم الرجم...
نظر عيسى الى المراة ثم الى الرجال و قال :
"من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"
ثم ذهب عنهم و تلاشى بعيدا فى الظلام حتى حاولت ان اتبعه و لكن رجعت لكى ارى ما سوف يفعلونه بالمرأة تلك .
نظروا الى بعضهم البعض بشئ من الرحمة التى سرعان ما دبت بقلوبهم برغم قساوة ملامحهم التى تفتتت بكلام المسيح ..
هموا على المرأة و فكوا الحبال و تركوها وتركونى معها...
اتسائل هل كان ذلك مجرد استجابة لقول عيسى ام ان لا احد منهم بلا خطيئة ؟!
-
على نور الدينإن عالم “الواقع” لا يكفى وحده لحياة البشر إنه أضيق من أن يتسع لحياة إنسانية كاملة !