غريبة تلك الحياة لا نري منها سوي ما تبصره اعيننا  ولا نستشعر فيها سوي ما تدركه عقولنا وجوارحنا 

ولكن 

كيف هو كنه استغراق العقل فيها هو فوق الواقع ، وهل العقل حدوده تقتصر علي الواقع والحياه فقط ام يمكنه تخطي حدودهما والاستغراق في عوالم اخري وهمية لا ارتباط بينها وبين ما نحيا فيه ؟

وهل كل شيء في الحياة متناقض فعلا ، ام هو خطأ استدلالات العقل الذي يؤكد في وجوه كثيرة ان لكل موجود نقيض ؟

الأسئلة كثيرة لا تنتهي والاجوبة دائما ان وجدت فهي محيرة 

ولكن ! 

ألا يؤكد تفرد الخالق جل في علاه بمبدأ الوحدانية  دليلا علي أن لكل موجود آخر سواه نقيض !

فلو لم يكن لكل شيء نقيض لانتفت صفة الوحدانية عن الله سبحانه وتعالي  وحاشا لله أن ادعي  ذلك .

وانت ذاتك ايها الانسان : أليس دونك نقيض ؟

وإلا : فمن هو ذاك الذي تراه علي صورتك في حلمك ، واين هو واقع ذاك الحلم  ، وكيف هو شعورك بذاك الشخص الذي تراه علي هيئتك وصورتك في عالم احلامك واين هو ذلك العالم ؟

علي كل : انه عالم وجد فيه شخص يماثلك في كيفية اخري ووجود اخر يتصل عقلك او جوارحك بوجوده في لحظة تكون انت فيها غير موجود او بمثابة الميت ، فانت اثناء نومك في حكم غير الموجود فكيف حل هو محلك  وجعلك تعيش لحظات وجود لك  في وجود آخر وايكما سافر الي وجود الآخر ؟

انها قضية فلسفية معقده ، تحدث اتصالا لا يتقيد بزمن معين او واقع معين او وجود معين 

ولكنها تؤكد مبدأ النقيض وتؤكد ايضا مبدأ التفرد بالوحدانية لله  وحده دون غيره فاينما كان العقل والجوارح كان لله وجود متفرد لا يتصل بنقيض .

وعموما فإننا في وجود مطلق لا تقيده النظريات العقلية او الفلسفية  فنحن انما نتقيد برابط واحد فقط انما هو رابط العقيدة .

ولكن مع ذلك تبقي الاسئلة المحيرة التي تبحث في فك طلاسم الواقع والوجود والعقل كثيرة لا تعد ولا تحصي  ، الا ان النقطة الاكثر غموضا هي العقل عندما يخترق حدود الادراك الي ما فوق الادراك فانت تجده رغما عنك مسلوبا منك يسبح في عوالم اخري بعيده لا تتقيد بزمن او واقع او وجود معين ، يكون فيه تائها شاردا لا يعرف شيئا عن استنتاجاته واستدلالاته في رحلة شروده 

ومع ذلك تكون تلك النقطة في الافق والتي يبحر حول وجودها وعوالمها  هي نقطة التقائك  وارتقائك وخلود فكرك حيث اللاوجود .

تلك قضية مؤرقة تشتد فيها اوتار العقل حتي يعزف في صمت سيمفونية الشرود في عالم غريب يسكن في ارض لا وجود لها ولا يولد بداخلنا جرائها الا عالم تجسده المعاني التي لا يمكننا ترجمتها بالكلمات او الحروف  وكأنها شفرة لا حل لها . وهذا دافع لان يحل بالفكر كل العناء والتعب بين افكار تقهرك ولا تعطيك من نتائجها سوي معان تنغرس في داخلك وتنبت علي فطرتك .

رحيل الفكر